واشنطن تتخوف من امتلاك صينيين أراضي زراعية أمريكية / صورة: AA (AA)
تابعنا

في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك المنافسة التجارية والعسكرية والتوترات الجيوسياسية حول تايوان وأوكرانيا، بدأ الكونغرس في اتباع نهجٍ أجرأ في التعامل مع الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة مع التركيز على الأمن.

وعقب ملف التجسس الذي أعادته إلى الواجهة حادثة مناطيد التجسس في سماء الولايات المتحدة والتي دفعت وزير الخارجية الأمريكي إلى إلغاء رحلته التي كانت مخططة إلى الصين بشكل مفاجئ، شهدت قاعات الكونغرس في الأيام الأخيرة مناقشات متتالية حول إمكانية فرض حظر على تملك الصينيين وشركاتهم أراضيَ زراعية بالولايات المتحدة، خشية تهديد الأمن الغذائي واستغلالها في التجسس.

وفي لحظة وحدة نادرة بين الحزبين، تعهد المشرعون الأمريكيون ببذل مزيد من الجهد للحد من تلك التهديدات التي تلوح في الأفق وتعزيز القدرة التنافسية للولايات المتحدة في وجه التهديدات الاقتصادية والأمنية القادمة من الصين، لا سيما تلك المتعلقة بامتلاك المستثمرين الصينيين أراضيَ زراعية داخل الولايات المتحدة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

ما حجم الاستثمارات الصينية في الأراضي الزراعية في أمريكا؟

على الرغم من كل الضجة التي يثيرها نواب الكونغرس حول حجم الاستثمارات الصينية الزراعية التي يرون أنها مصدر خطير لتهديد الأمن القومي الأمريكي عبر بوابتين الغذاء والتجسس، فإن الإحصائيات الرسمية لا تشير إلى أي قفزات في مساحة الأراضي التي اشتراها الصينيون وكياناتهم التجارية في السنوات الأخيرة.

فحصّة الأراضي الزراعية في الولايات المتحدة التي يملكها الأفراد والشركات الصينية صغيرة ولم تنمو بشكل كبير. حتى نهاية 2020، كان الصينيون يملكون نحو 350 ألف فدان فقط، مقارنة بالكنديين الذين كانوا يملكون 12.4 مليون فدان، وفقاً لتقرير وزارة الزراعة الأمريكية التي أشارت أيضاً إلى أن الاستثمار الزراعي الصيني في الخارج نما بأكثر من عشرة أضعاف بين عامي 2009 و2016 فقط، وهو ما يثير قلق كثيرين في تلك البلدان.

فيما يؤكد النائب الجمهوري عن ولاية داكوتا الجنوبية، داستي جونسون، أنّ الصين ليست بأي حال من الأحوال لاعبا رئيسياً في الزراعة الأمريكية، فإنه يرى في الوقت ذاته أن حيازتها المتزايدة في الخارج مدعاة للقلق.

في هذا الصدد يقول جونسون: "الأمن الغذائي هو الأمن القومي، وأعتقد أننا رأينا أن روسيا كانت قادرة على ممارسة نفوذ لا داعٍ له على أوروبا، لأنها زوّدتهم بكثير من الغاز الطبيعي"، مشيراً إلى أن سيطرة الصين الإمدادات على الغذائية من شأنه أن يمنح بكين مزيداً من أوراق الضغط على العالم.

مخاوف من التجسس

تفاقمت قضية شراء الصينيين للأراضي الزراعية في الولايات المتحدة بعدما اشترى ملياردير صيني، لديه خطط لإنشاء مزرعة رياح، أكثر من 130 ألف فدان من أراضي تكساس، بعضها بالقرب من قاعدة للقوات الجوية الأمريكية. ما دفع الولاية إلى سن قانون يحظر مشاريع البنية التحتية المملوكة لأولئك الذين لديهم علاقات مباشرة مع الصين.

وإلى جانب القلق من استغلال الأراضي ورقة ضغط على الأمن الغذائي، توجد مخاوف أمريكية من استغلال الصين لتلك الأراضي في التجسس على مؤسسات عسكرية ونووية بالقرب منها. فبالإضافة إلى شراء أراضٍ بالقرب من قاعدة جوية في تكساس، يملك صينيون أراضي قرب قاعدة جوية في ولاية داكوتا الجنوبية أيضاً، وفقاً لما أوردته صحيفة التايمز البريطانية.

وبينما تتزايد المخاوف الأمريكية من تصاعد أنشطة التجسس الصينية ودور الشركات المملوكة للصين في الحياة الأمريكية، والتي تسببت في حظر استخدام منصة التواصل الاجتماعي المملوكة للصين "تيك توك " في عديد من الجامعات والمؤسسات الحكومية، يستعد الكونغرس لتمرير قانون جديد يحظر بيع الأراضي والعقارات للصينيين وشركاتهم.

قانون "باس"

أثارت عمليات الشراء الأخيرة، بما في ذلك استحواذ شركة صينية عام 2022 على الأراضي الزراعية بالقرب من قاعدة داكوتا الشمالية الجوية، مخاوف ودعماً لتمرير مشروع قانون جديد يحمل اسم "باس" (PASS)، ويهدف إلى فرض حظر فيدرالي على شراء الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا الأراضي الزراعية الأمريكية أو منشآت المعالجة.

ومتحدثاً عن أهمية تمرير مثل هذا القانون، صرح النائب جونسون بأن الحيازات الصينية جزء صغير جداً من إجمالي الأراضي الزراعية في الولايات المتحدة في الوقت الحالي، لكن القضية قد تصبح محور تركيز أكبر للجنة مجلس النواب الجديدة التي ستسلط الضوء على قضية استثمار الصين في الأراضي أو الأعمال التجارية الزراعية.

بالمقابل، يرى بعض النواب الديمقراطيون أن الإجراء الواسع المعروض الآن أمام الهيئة التشريعية يبدو أنه مدفوعاً ببيئة سياسية معادية للصين أكثر من أي مخاوف مشروعة بشأن التجسس أو الملكية الأجنبية للإمدادات الغذائية.

واحتشد المتظاهرون ضد مشروع القانون في هيوستن ودالاس في الأسابيع الأخيرة، قائلين إن الجهود التشريعية يمكن أن تؤدي إلى تفاقم مناخ العنف ضد الآسيويين ويمكن توسيعها بسهولة لتشمل مجموعات مهاجرين أخرى.


TRT عربي