توسعت التظاهرات من الأحواز إلى طهران.. هل تنذر احتجاجات إيران بـ"ثورة مياه"؟ (مواقع تواصل)
تابعنا


تشهد إيران سلسلة من الاحتجاجات الحانقة عمّت مدنها الكبرى لأسبوع كامل بسبب شحّ المياه، فنظراً إلى عوامل بيئية كالاحتباس الحراري وسوء إدارة السلطات في طهران مواردها، اندلعت موجات من الغضب بدأت في خوزستان جنوباً، وامتدت إلى العاصمة طهران شمالاً.

صاحب التظاهرات هتافات تُسمع لأول مرة في إيران، فمنذ قيام "الثورة الإسلامية الإيرانية"، ما كان الإيرانيون بقادرين على أن يرددوا علناً أي هتافٍ بحق المرشد الأعلى الإيراني، أو أخرى تعكس تحسُّراً على العهد الملكي ما قبل الجمهورية الإسلامية.

انتشار الاحتجاجات كالنار في الهشيم

شهدت مدينة الأحواز (عاصمة محافظة خوزستان) أبرز الأحداث، لتأثرها البالغ بموجة الجفاف التي ضربت إيران، وصاحبتها عدة أزمات كانقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة نسبة التضخم بواقع أكثر من 50 بالمئة.

وتُعتبر خوزستان -ذات الغالبية العربية- المحافظة الرئيسية المنتجة للنفط في إيران، لكنها تعاني جفافاً مستمراً غير مسبوق، أدى إلى توترات متصاعدة منذ أواخر مارس/آذار من العام الجاري.

وتقول الأقلية العربية العرقية المتمركزة في مدينة الأحواز إنها تواجه تمييزاً عنصرياً من السلطات الإيرانية منذ مدة طويلة.

وسرعان ما انتشرت موجة الغضب الأخيرة من خوزستان إلى طهران، وتحوّلت الهتافات إلى تنديد بـ"الحكم الديني" بشعارات حادة اللهجة مثل "الموت للجمهورية الإسلامية".

وقالت "وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" الإيرانية المعارضة إن ما لا يقل عن 31 احتجاجاً نُظم في مختلف أنحاء إيران، بما في ذلك مسيرات للعمال والمزارعين.

وبعد أن دعت مجموعات ونشطاء معارضة في طهران إلى مظاهرات لدعم متظاهري خوزستان، أظهرت مقاطع فيديو نساءً يهتفن: "تسقط الجمهورية الإسلامية" في محطة لمترو الأنفاق بالعاصمة الإيرانية.

وحذّر عبد الله إيزادبانا، النائب عن محافظة خوزستان، من أن "انعدام الأمن في خوزستان يعني انعدام الأمن للبلاد بأكملها"، مشيراً إلى سرعة انتقال موجات الغضب إلى مدن أخرى أهمها العاصمة طهران.

وألقى النائب باللوم في أزمة شحّ المياه على قرارات الحكومة الإيرانية التي أحدثت الأزمة بشكل غير مبرَّر، وركز إيزادبانا على خطوة نقل المياه من أنهار خوزستان إلى محافظات أخرى كسبب رئيسي في اندلاع الأزمة.

وخلال الشهر الجاري تكرر انقطاع التيار الكهربائي في العاصمة طهران وعديد من المدن الكبرى الأخرى، وألقى مسؤولون في ذلك باللوم على تأثير الجفاف في توليد الطاقة الكهرومائية.

قمع وعنف السلطات يزيد حنق الاحتجاجات

عانت إيران موجات جفاف متكررة خلال العقد الماضي، لا سيما في جنوبي البلاد، وأدى الجفاف الذي طال أمده، إلى جانب عقود من سوء إدارة الحكومة للموارد الطبيعية وسوء التخطيط، إلى تحوّل أزمة المياه إلى اضطرابات واحتجاجات عنيفة، إذ تُصنَّف الموجة الأخيرة للجفاف بغير المسبوقة، وأن إيران لم تعانِ مثلها منذ ما يزيد على نصف قرن.

وانتشر عديد من المقاطع المرئية رفعها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بوسم "#أنا_عطشان"، فأظهرت استخدام قوات الأمن عنفاً مبالغاً فيه لتفريق المتظاهرين.

وكما فعلت في موجات الاحتجاج السابقة التي شهدتها البلاد مؤخراً، قال نشطاء إن السلطات الإيرانية عمدت إلى قطع الإنترنت وحظر الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي في كثير من المناطق لمنع النشطاء من التواصل والتحشيد للتظاهرات، فيما عبر آخرون عن خشيتهم من أن هذا الحظر يخفي خلفه مشاهد لحجم العنف والقمع الذي تمارسه السلطات الأمنية بحق المتظاهرين الذين أُعلنَت وفاة عدد منهم في الأيام الماضية.

ويرى مراقبون أن حالة عدم قدرة السلطات الإيرانية على احتواء الأزمات تزيد حنق وغليان الشارع الإيراني، كما تُضفي إحساساً لدى الإيرانيين بأن السلطات في بلادهم لا تعبأ بمشكلاتهم الحيوية، بل كل ما يشغلها هو إخماد أي مساحة للتعبير عن رأيهم.

فيما أفادت وكالة رويترز بأن بعض المتظاهرين في طهران عبّروا عن غضبهم من القمع العنيف والأزمات المتلاحقة بهتافات غير مسبوقة ضد الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، ورد بعضها كالتالي: "الموت للديكتاتور" و"الموت لخامنئي".

وأصيب الاقتصاد الإيراني بالشلل لأسباب منها العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب على صناعة النفط الإيراني عام 2018، فضلاً عن جائحة كورونا وتداعيات تفشي الموجة الخامسة في إيران.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أدّت الزيادة المفاجئة في أسعار البنزين إلى اندلاع احتجاجات على مستوى البلاد تحولت بسرعة إلى دعوات للإطاحة بالحكومة. وردّت السلطات بإغلاق الإنترنت لعدة أيام واستخدام القوة ضد المتظاهرين. وأفادت جماعات حقوقية دولية وقتها بأن 300 شخص على الأقلّ قُتِلوا واعتُقِل آلاف المحتجين.

ولا يُعرف إلى أي مدى يمكن أن تتوسع الاحتجاجات الحالية في إيران، لا سيما وأنها أول تَحدٍّ حقيقي للرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، إذ يُتوقع أن تكشف الأيام المقبلة مدى قدرته على التعامل مع الأزمة واحتوائها أو زيادة استخدام العنف بما قد يؤدي إلى إخماد التظاهرات بالقوة، أو توسعها.

TRT عربي