جدل خط الغاز الجزائري.. من الخاسر الأكبر في معركة التصريحات المتضاربة؟ (AFP)
تابعنا

في حلقة جديدة من مسلسل التوترات المتصاعدة بين المغرب والجزائر، والتي أدت الثلاثاء إلى إعلان الخارجية الجزائرية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة الجارة. لمَّح وزير الطاقة الجزائري، محمد عرقاب، إلى نية بلاده في عدم تجديد اتفاقية أنبوب الغاز مع المغرب. فيما تحدثت تقارير إعلامية جزائرية عن ما أسمته "خسائر فادحة" سيتكبدها المغرب جراء هذا القرار.

على الطرف الآخر كان المغرب قبل أيام قد أعرب عن رغبته في تجديد عقد أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وأوروبا مروراً بأراضيه، والذي ينتهي في أكتوبر/تشرين الأول القادم. بالمقابل يأتي قرار الجزائر حتماً بتأثير على الاقتصاد الطاقي للبلدين، ما يدفع للسؤال حول الخاسر الأكبر من القرار.

"ميدغاز" واجهة الخلاف الجديد

حسب ما أعلنته وكالة الأنباء الجزائرية، وأثناء استقبال السفير الإسباني لدى الجزائر، أكد وزير الطاقة الجزائرية محمد عرقاب التزام بلاده التام بتغطية جميع إمدادات الغاز الطبيعي نحو إسبانيا عبر أنبوب "ميدغاز" الذي يربطها مباشرة بإسبانيا عبر المتوسط. ما يحمل تلميحاً إلى أن الجزائر ستستغني عن خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي الذي يمر عبر المغرب.

فيما يأتي هذا القرار بعد يومين من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أوضح الوزير الجزائري أن للجزائر “قدرات لتلبية الطلب المتزايد على الغاز من الأسواق الأوروبية وخاصة السوق الإسبانية، وذلك بفضل المرونة من حيث قدرات التسييل المتاحة للبلاد”، مشيراً إلى “توسيع طاقة خط أنابيب الغاز ميدغاز الذي يربط الجزائر مباشرة بإسبانيا” عبر البحر الأبيض المتوسط.

وكان المغرب أعرب، قبل قطع العلاقات، عن تأييده تمديد خط الأنابيب الذي يربط حقول الغاز الجزائرية بالقارة الأوروبية مروراً بالمملكة، الذي ينتهي الاتفاق بشأنه في تشرين الأول/أكتوبر 2021. حيث أكدت المديرة العامة "للمكتب الوطني للمحروقات" المغربي، أمينة بنخضرة، على أن "إرادة المغرب للحفاظ على هذا الخط لتصدير الغاز، جرى دائماً تأكيدها بوضوح وعلى جميع المستويات منذ أكثر من ثلاث سنوات".

من الخاسر؟

حسب بنخضرة فإن خط أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي، الذي دخل الخدمة منذ 25 سنة، يمثل أداة رائعة للتعاون رابح-رابح ونموذجاً لمشروع إقليمي مهيكل ومفيد للجانبين، وفق تعبيرها. مضيفة أن هذا الخط كانت قد أنشأته إسبانيا لتمكين الغاز الجزائري من الوصول إلى أوروبا عبر المغرب في ظروف سلامة مثلى، كما أن الولوج إلى هذه الخدمة سيكون حراً، وأن الأسعار ستكون شفافة وغير تمييزية، وأكثر تنافسية من أي وسيلة نقل منافسة أخرى.

بالمقابل تحدَّثت الصحافة الجزائرية عن "خسائر فادحة" للمغرب إذا لم يتم تجديد عقد أنبوب الغاز. وقالت نقلًا عن خبير اقتصادي بأن "استجلاب المملكة المغربية من الغاز الطبيعي في العام 2020 بلغ 750 مليون متر مكعب وإمدادات الجزائر عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي هو 600 مليون متر مكعب، بمعنى أن الاستهلاك المغربي يعتمد على الغاز الجزائري". وأضافت أن المغرب سيكون "مضطراً إلى البحث عن حلول لفقدان الغاز الجزائري وهي حلول صعبة في عمومها، في حال رفضت الجزائر بصفة رسمية تجديد اتفاقية الغاز أو أوقفت التصدير نحو المغرب، وهو المرجح في ظل القرارات الأخيرة".

هذا وكان المغرب قد وقّع سنة 2016 اتفاق إنشاء مشروع أنبوب غاز يربط نيجيريا بأوروبا، المشروع الذي دعم من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، سيمتد على طول 5660 كيلومتراً بين نيجيريا والمغرب، وسيمر بكل من بنين وتوغو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا. فيما يحظى باهتمام أوروبي كبير لأنه سيدخل في إستراتيجية أوروبا العامة لتنويع مصادر الطاقة والافتكاك من الهيمنة الروسية على مجال الطاقة، حسب ما أقر به خبراء في المجال.

كما أن الجزء الأكبر من واردات الغاز المغربية تذهب إلى قطاع توليد الكهرباء، يقود المغرب بالمقابل سياسات تحول طاقي إلى استجلاب الكهرباء من الطاقات المتجددة. في هذا الصدد قال رئيس الوكالة المغربية للطاقات المستدامة (حكومية) مصطفى الباكوري بأن بلاده تعمل على "رفع حصة القدرة الكهربائية المنتجة من الطاقات المتجددة إلى 42% سنة 2020 و52% في 2030". علماً بأن المغرب لديه أكبر محطة توليد كهرباء بالطاقة الشمسية في العالم، حيث تبلغ قدرتها الإنتاجية 160 ميغا واط لكل 3 ساعات من تخزين الطاقة الحرارية.

TRT عربي