حرب المسيّرات تستعر.. ما وراء المسيّرات الأوكرانية وهل يتغير مجرى الحرب؟ (AP Photo/Alex Babenko) (Others)
تابعنا

بينما لا تزال روسيا تواصل ضرب أوكرانيا بضربات صاروخية وطائرات بدون طيار على أساس شبه يومي، شكل هجوم المسيّرات النادر على موسكو نقطة انعطاف جديدة في الصراع، إذ يهدد الكرملين باتخاذ "أقسى الإجراءات الممكنة" رداً على الضربات، فيما يرى البعض أن الهدف من الهجوم هو ترويع سكان موسكو الذين سبق أن قيل لهم بأن الحرب لن تطالهم.

وبين كل هذه التطورات والوعيد الروسي الذي أعقبها، أثار هجوم المسيّرات هذا العديد من التساؤلات حول القدرات الأوكرانية لتسيير مثل هذا الهجوم، والتغييرات التي قد تشهدها مجريات المعركة بسبب استِعار حرب المسيّرات هذه، بالإضافة إلى الموقف الغربي الذي لطالما كان رافضاً لاستخدام أسلحته في ضرب الأراضي الروسية. إليكم الإجابة على هذه الأسئلة وأكثر في هذا التقرير.

ما قصة هجوم المسيّرات على موسكو؟

وفقاً لتصريحات وزارة الدفاع الروسية، شاركت ثماني طائرات بدون طيار في الهجوم الذي استهدف المدنيين، مع إسقاط خمس طائرات أو تحويل مسارها باستخدام أجهزة تشويش إلكترونية. فيما زعمت وسائل الإعلام الروسية، ومن ضمنها قناة Baza، وهي قناة على تلغرام لها صلات بأجهزة الأمن، إن العدد كان أعلى بعدة مرات، حيث شاركت أكثر من 25 طائرة مُسيّرة في الهجوم، حسب ما نقلت رويترز.

واستهدفت الطائرات بدون طيار بعض أرقى المناطق في موسكو بما في ذلك حيث يقيم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والنخبة. إذ أصابت المسيّرات الثلاث التي قصفت مواقع في جنوب غرب موسكو ثلاثة مبان سكنية، لكنها لم تتسبب في أضرار كبيرة. فبحسب عمدة موسكو أصيب شخصان بينما إجراء إجلاء بعض المجمعات السكنية لفترة وجيزة.

وقالت وزارة الخارجية الروسية إنها تحتفظ بالحق في اتخاذ "أشد الإجراءات الممكنة" رداً على هجوم بطائرة مُسيّرة على العاصمة موسكو. وأضافت الوزارة بأن "روسيا تحتفظ لنفسها بالحق في اتخاذ أشد الإجراءات الممكنة رداً على الهجمات الإرهابية من نظام كييف".

من جهته، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هجوم المسيّرات، الذي كان بمثابة ثاني هجوم مباشر على موسكو بعد حادثة الكرملين قبل عدة أسابيع، بأنه محاولة أوكرانية لتخويف روسيا واستفزازها. كما أشاد بالدفاعات الجوية لموسكو والتي قال بأنها سوف تعزز.

بالمقابل، نفى مساعد الرئاسة الأوكراني ميخايلو بودولاك تورط كييف بشكل مباشر لكنه قال "نحن سعداء بمشاهدة الأحداث" وتوقع المزيد من مثل هذه الضربات.

وبينما قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان "ثبت أن تأكيدات مسؤولي حلف شمال الأطلسي بأن نظام كييف لن يشن ضربات في عمق الأراضي الروسية مجافية للحقيقة تماماً"، أعلنت واشنطن أنها تجمع المعلومات حول هجمات المُسيّرات التي استهدفت العاصمة الروسية، مؤكدة أنها لا تؤيد شن أوكرانيا هجمات على الأراضي الروسية. وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية للأناضول: "بشكل عام، نحن لا نؤيد شن هجمات داخل روسيا. لقد ركزنا على تزويد أوكرانيا بالمعدات والتدريب الذي يحتاجون إليه لاستعادة أراضيهم السيادية، و هذا ما فعلناه بالضبط".

ما نوع المسيّرات التي استخدمت في الهجوم؟

حسب صحيفة الغارديان البريطانية، توجد تكهنات بأن واحدة على الأقل من الطائرات بدون طيار كانت من طراز UJ-22 أنتجتها شركة Ukrjet الأوكرانية، والتي تزعم روسيا أنها متورطة في هجوم سابق واحد على الأقل. ولكن ما هو واضح حتى اللحظة هو أن الطائرة بدون طيار التي جرى رصدها كانت مصممة على الأرجح لتكون ذات مدى طويل نسبياً، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا جرى إطلاقها من داخل روسيا أو من أوكرانيا نفسها.

والمُسيّرة سابقة الذكر، قادرة على الإقلاع والهبوط على مدرج يبلغ طوله 100 متر، ويبلغ مداها نحو 800 كيلومتر. كما يمكن لمسيّرة UJ-22 الطيران لمدة ست ساعات بحمولة تصل إلى حوالي 20 كيلوجراماً، والتي عادةً ما تكون القنابل اليدوية والألغام، بما في ذلك ست قنابل يدوية من طراز RPG-7VM، أو أربعة ألغام هاون عيار 82 ملم، وفقاً لما نشرته الصحيفة البريطانية.

هل أوكرانيا وراء هذا الهجوم؟

نادراً ما استُهدفت موسكو الواقعة على بعد أكثر من 620 ميلاً من أوكرانيا بهجمات مسيّرة منذ بدء الصراع في أواخر فبراير/شباط 2022. وعلى الرغم من أن مثل هذه الهجمات أصبحت أكثر شيوعاً في أماكن أخرى في روسيا، شهدت العاصمة الروسية في أوائل مايو/أيار إسقاط طائرتين بدون طيار فوق الكرملين في هجوم ألقي باللوم فيه على أوكرانيا.

وعلى الرغم من نفي الحكومة الأوكرانية صلتها بمنفذي الهجمات على موسكو، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، بعد أسابيع قليلة من ضربات الكرملين، أن استنتاج وكالات المخابرات الأمريكية يشير إلى أن الهجوم قد نُفذ بأمر من أجهزة المخابرات الأوكرانية. ومع ذلك، لم تكن الصحيفة متأكدة من وجود دليل على أن أوامر تلك الضربات قد صدرت من كبار المسؤولين في الحكومة الأوكرانية.

لماذا الآن؟

يشير تقرير آخر للغارديان إلى أنه في حين كانت بعض هجمات الطائرات بدون طيار تتناسب مع التكتيكات العسكرية التي قد تسبق الهجوم المضاد الأوكراني - مثل استهداف البنية التحتية والخدمات اللوجستية، لكن يبدو أن هذه الهجمات تهدف بشكل أكبر إلى إحداث تأثير نفسي.

بالنسبة إلى الكثيرين، وعلى رأسهم النخب الروسية الأكثر ثراءً في مدن مثل موسكو وسان بطرسبرغ كانت الحرب بعيدة إلى حد ما عن تجارب الناس مع الجزء الأكبر من التجنيد والتعبئة من المناطق النائية. ما يعني أن الهجمات الأخيرة على العاصمة الروسية قد تكون تكتيكاً من قبل كييف لتقريب الصراع من سكان موسكو الأثرياء.

وبينما يتوقع المراقبون أن تشن أوكرانيا هجومها المضاد في الأسابيع المقبلة، يرى البعض أن الهدف وراء هجوم المسيّرات على موسكو قد يكون بمثابة عملية تكتيكية لسحب الدفاعات الجوية الروسية بعيداً عن الخطوط الأمامية من أجل حماية المراكز السكانية الكبيرة.

ومع ذلك، تشير الصور إلى أن الأضرار متسقة مع حمولة أصغر بكثير من كاميكازي "شاهد" الإيرانية التي نشرتها روسيا ضد أوكرانيا، الأمر الذي يلفت الأنظار إلى أن أوكرانيا إما أنها ليست قادرة بعد على نشر المزيد من المسيّرات ذات القدرات التدميرية القوية أو أنها اختارت عدم فعل ذلك.


TRT عربي
الأكثر تداولاً