وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان (Ludovic Marin/AFP)
تابعنا

سنة 2020، وفي أعقاب مقتل المدرس الفرنسي صامويل باتي، وفي إطار الجدل الذي اختلقه خطاب الرئيس إيمانويل ماكرون بخصوص ما أسماه "الانعزالية الإسلامية"، بدأت حدة التضييق على مسلمي فرنسا في الازدياد، وعلى رأسهم الوجوه الدينية البارزة لهذه الجالية. ما تكشّف أخيراً مع اللّغط الدائر حول شخص الإمام المغربي حسن إكويسن، الذي صدر بحقه قرار ترحيل قسري.

وفيما يبدو أن طرد إكويسن وحده لم يشفِ غليل وزير الداخلية الفرنسية جيرالد دارمانان، إذ يخطط هذا الأخير لتعميم قرارات الطرد على عشرات الوجوه الدينية البارزة في الجالية المسلمة بفرنسا. وهذا ما يكشفه تحقيق للموقع الفرنسي "ميديابارت"، الذي نشر بعض أسماء أولئك اللذين يفترض أن يطولهم قرار دارمانان.

سياسة تعميم الترحيل

يكشف تحقيق "ميديابارت" أن الداخلية الفرنسية أعلنت حملة مطاردة ضد جمعية "مسلمي فرنسا"، التي حملت سابقاً مسمى "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا"، وينتمي إليها الإمام حسن إكويسن. مضيفاً أنه "بين إغلاق الحسابات والاستدعاء إلى مخافر الشرطة، تتكاثر العمليات الإدارية خلف الكواليس بهدوء ضد شخصيات الجمعية".

فيما أحد هذه الشخصيات هو رئيس الجمعية التونسي الأصل أحمد جاب الله، الذي تمنعه السلطات الفرنسية منذ 2019 تجديد بطاقة إقامته. وطوال هذه السنوات الثلاث، لم تمنحه السلطات الفرنسية سوى إيصالات تؤكد طلبه لتجديد الإقامة، هذه الورقة الصالحة لمدة ثلاثة أشهر فقط، فيما وصفه التحقيق بكونه استراتيجية "تضع الوجوه الدينية المسلمة في فرنسا في وضع آيل للطرد في أي لحظة مع انتهاء صلاحية ذلك الإيصال".

هذا ما يواجهه كذلك الإمام عبد الرحمن، قيِّم مسجد مدينة بيساك جنوب شرقي البلاد، الذي طاله الاستهداف عام 2020، رغم أنه شخصية بعيدة عن محيط "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا" سابقاً. إضافة إلى الداعية والمفكر طارق رمضان، الذي يشهد هو الآخر مصيراً مشابهاً.

هوس دارمانان

حسب محامي جاب الله، ففي السابق كان كوادر اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا يستفيدون من حماية الدولة، وكانت تقدم لهم تسهيلات ومساعدات في تسوية وضعيات إقامتهم". الأمر الذي يكشف تغيراً في نهج الدولة الفرنسية إزاء المنظمة التي كانت تسمح بنشاطها سابقاً، بل وأتاح لها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي موطئ قدم داخل المؤسسة التي تمثل مسلمي البلاد "مجلس الديانة الإسلامية".

ما تغير اليوم هو "هوس" وزير الداخلية الفرنسي بالتمثيليات الإسلامية، حسب ميديابارت، وبحثه عن دعاية إعلامية في أوساط اليمين المتطرف. هذا ما تؤكده محامية الإمام حسن إكويسن، في حديث لها على قناة "BFMTV"، إذ قالت إن "دارمانان لا يحث فقط على طرد الإمام، بل على أن يجري ذلك الطرد تحت أنظار الكاميرات التي تلتقط له صوراً بجانب رجل الدين المكبل".

فيما يشير التحقيق إلى أن هذا كله يندرج في إطار "الانتفاعية" التي تطبع تعامل الدولة الفرنسية مع المسلمين، والتي تعتبرهم ورقة سياسية تستغلها وبعد ذلك تضحي بها في سبيل مكاسب سياسية. ويعطي الموقع الفرنسي دليلاً على ذلك إذ إن دارمانان ذات نفسه كان قد استضاف الإمام حسن إكويسن على العشاء خلال إحدى حملاته الانتخابية، من أجل تعبئة أصوات المسلمين لصالحه.

TRT عربي
الأكثر تداولاً