خليفة حفتر في زيارة سابقة لموسكو ولقاء المسؤولين الروس (Vasily Maximov/AFP)
تابعنا

باستعمال لوبيات الضغط يسعى خليفة حفتر للتواصل مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، هذا ما تحدثت عنه تقارير صحفية، في ما يبعث بإشارة مفادها احتمال أن اللواء المتقاعد ينوي توجيه بوصلته نحو البيت الأبيض، عوض الساحة الحمراء التي دعمته بالعدة والعتاد والمرتزقة طوال أطوار الحرب الليبيَّة.

في المقابل، تحيلنا إشارات أخرى إلى نفس الظن، إذ نجد أن أمير الحرب الليبي يقرر طرد المعارضة التشادية من جنوب البلاد، التي وفّر لها الأرض سابقاً لبناء قواعدها الخلفية لشن هجومها بهدف إسقاط السلطة في إنجامينا، بعد التدريب والتسليح الروسي لضباطها عبر قوّات فاغنر. بل واستعان حفتر في هجومه على تلك المعارضة بضباط فرنسيين، في ما يتنافى وحالة التنافس الشرس بين فرنسا وروسيا حول السيطرة على دول غرب إفريقيا والساحل والصحراء.

في وقت يسود فيه الحديث عن استبدال موسكو بورقة حفتر على طاولة الرهانات الليبية، ورقة سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس المخلوع الذي ظهر مؤخراً طامحاً إلى الوصول إلى كرسي الرئاسة خلال الانتخابات القادمة في بلاد عاشت عشر سنوات من الحرب الدموية.

حفتر يخطب ودَّ واشنطن

في تقرير لها، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، بأن اللواء خليفة حفتر يسعى بكل جهده لمقابلة الرئيس الأمريكي جو بايدن. وكشفت أن اللواء دفع نحو مليون دولار لجماعات ضغط بواشنطن، كي تيسر له ذلك المسعى.

مضيفة أن مساعي حفتر تهدم للحصول على دعم سياسي من واشطن، وفي ذلك دفع إلى التعاقد مع مساعد كبير للرئيس السابق بيل كلينتون لاني ديفيس والنائب الجمهوري السابق روبرت ليفينغستون، الشخصيتين اللتين انطلقتا في ترتيب اجتماعات مع المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والكونغرس قبل الانتخابات الوطنية الليبية المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول المقبل، حسبما أوردت الصحيفة.

في المقابل حدَّدت شركتا الضغط التابعتان للشخصيتين المذكورتين، في بيان مشترك لهما، أن عملهما "لا يتعدى التعبير عن دعم خليفة حفتر لانتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة". وأضافتا في حديثهما لـ"وول ستريت جورنال" أن "مستشاري حفتر نفوا بشكل قاطع المزاعم الواردة في الدعاوى القضائية الأمريكية" وأن هذا النفي "هو ما جعلهما تمثّلانه". في المقابل كشف الصحيفة أن مهمة الشركتين هي "غسل سمعة حفتر في واشنطن كأمير حرب".

حسب جريدة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، فإن حفتر "ينوي ترتيب زيارة لواشنطن عشية الانتخابات العامة في شهر ديسمبر في ليبيا"، مضيفة أن "حسابات حفتر بسيطة، فقد لاحظ أن إدارة بايدن تغض النظر عنه نسبياً حتى الآن، فخلص إلى أنه في سياق الانتخابات المقبلة المحتملة يمكنه الحصول على مزيد من الدعم من واشنطن، وتحسين صورته كقائد مؤيد للديمقراطية".

هل انقلب "الانقلابي" على حليفه الروسي؟

في إشارة أخرى أكثر وضوحاً عن الشقاق بين الحليفين حفتر وروسيا، ذكر تقرير الجريدة الروسية المقربة من الكرملين أن "استعراض حفتر المتكرر تحديه لقرارات حكومة طرابلس في الأشهر الأخيرة يشير إلى أنه سيعمل على تخريب الانتخابات"، ومع ذلك "سيكون من المهمّ أن يُظهِر (حفتر) التزامه إجراء انتخابات "حرة ونزيهة" برعاية الأمم المتحدة في 24 من ديسمبر/كانون الأول" حسبما تضيف الجريدة في انتقادها للواء الليبي المتقاعد.

في المقابل، تقود قوات حفتر، مستعينة بضباط فرنسيين، عمليات واسعة جنوبي البلاد من أجل طرد المتمردين التشاديين الذين يتخذون من تلك المناطق قواعد خلفية لشن هجومهم بهدف السيطرة على السلطة في إنجامينا. هم الذين حصلوا سابقًا على "أسلحة ثقيلة وعتاد عسكري من اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومن خلفه الإمارات وبعض الدول الداعمة، وسمح لهم حفتر بالتمركز في الجنوب واتخذوه منطلقاً لهجماتهم ومعاركهم" حسب خبير عسكري ليبي.

الشيء الذي يؤكده الصحافي التشادي محمد طاهر زين في حديثه لـTRT عربي، إذ يقول إن "فاكت (حركة متمردة تشادية) تحالفت مع حفتر وتلقَّت تدريبات عسكرية عالية من فاغنر". مضيفاً: "توجد الآن ضغوط من السلطات الليبية طالبت بخروجها". في المقابل فالحركة "سبقت أن أعلنت أنها ضد إملاءات فرنسا، الشيء الذي أغضب باريس وتُرجم في قصفها قواعد الحركة".

ووقعت الأربعاء اشتباكات واسعة بين قوات حفتر ومقاتلي جبهة "الوفاق من أجل التغيير" التشادية المعارضة، المعروفة اختصارًا بـ"فاكت". وأفادت مصادر بأن 6 من العناصر التابعة لقوات حفتر لقيت مصرعها في أثناء الاشتباكات، وفقدت الحركة المتمردة التشادية 10 من عناصرها هي الأخرى.

في المقابل يأتي هذا الهجوم متزامناً مع التنافس الشرس بين فرنسا وروسيا حول بسط النفوذ على دول الساحل والصحراء. آخر أطوارها اقتراب مالي من توقيع عقد بقيمة 10 ملايين دولار شهرية للاستفادة من خدمات 1000 من مرتزقة شركة فاغنر الروسية. ردّت عليه فرنسا بالتعبير عن احتجاجها، وبالتهديد بسحب جنودها تماماً من البلاد.

يأتي هذا الشقاق بين حفتر وروسيا غداة حديث تقارير عن تغيير بوتين رهاناته في ليبيا بعد ظهور نجل القذافي سيف الإسلام. وأفاد تقرير سابق لوكالة بلومبورغ الأمريكية بأن "روسيا تضغط على اللواء خليفة حفتر لدعم خصمه سيف الإسلام القذافي الذي ترى فيه مرشحها الذي لن يُقهر خلال الانتخابات القادمة"، مما يدفع مراقبين إلى الخلوص إلى أن بوتين يرى الآن في أمير حربه "ورقة محروقة" ويدفع بنجل القذافي بديلًا منه، مما يدفع حفتر الآن إلى البحث عن مساندة من واشنطن.

TRT عربي
الأكثر تداولاً