تابعنا
بعد المفاوضات المتعددة بين قوى الحرية والتغيير مع المجلس العسكري، ستقود وجوهٌ جديدة العهد الجديد للسودان.

بعد أربعة أشهر من التظاهر المستمرّ ضدّ نظام الرئيس المعزول عمر البشير، ومثلها من التفاوض بين قوى الحرية والتغيير مع المجلس العسكري، دخل قطار السُّلْطة المدنية حيز التنفيذ، إذ أدّى أعضاء المجلس السيادي ورئيس الوزراء اليمين الدستورية إيذاناً بعهد جديد تقوده وجوه جديدة وتيارات سياسية كانت بعيدة عن القصر الجمهوري لثلاثين عاماً.

البرهان رئيساً للسيادي

عقب التوقيع على الوثيقة الدستورية في السابع عشر من أغسطس/آب، أصدر رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قراراً قضى بحل المجلس العسكري وتكوين المجلس السيادي من أحد عشر عضواً، خمسة منهم من العسكريين ومثلهم من المدنيين، على أن يتوافق المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير على شخص مدني سادس.

ويرى المحلل السياسي إبراهيم عز العرب أن ترشيحات المجلس العسكري لمقاعد المجلس السيادي خلت من أي مفاجآت، إذ أبعد الفريق صلاح عبد الخالق، وأبقى على خمسة من أعضائه ممثلين له في المجلس السيادي هم الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والفريق أول محمد حمدان حميدتي، والفريق شمس الدين الكباشي، والفريق ياسر العطا، واللواء إبراهيم جابر.

وقال عز العرب لـTRT عربي إن المجلس العسكري حسم خياراته باكراً، مستفيداً من الصرامة والضبط والربط التي يتحلى بها العسكريون بشكل عامّ، على عكس قوى الحرية والتغيير التي سادت ترشيحاتها للمجلس السيادي حالة من الارتباك، خصمت كثيراً من رصيدها لدى الشارع الثوري.

ووَفْقاً للوثيقة الدستورية سيتولى البرهان رئاسة المجلس خلال النصف الأول من الفترة الانتقالية المحددة بثلاث سنوات وثلاثة شهور، على أن يتولى أحد المدنيين رئاسة المجلس السيادي خلال النصف الثاني من الفترة الانتقالية.

حمدوك يعود إلى الواجهة

في المقابل، توافقت قوى الحرية والتغيير على ترشيح الدكتور أحمد عبد الله حمدوك رئيساً للوزراء خلال الفترة الانتقالية، بعدما تجاوزت الاعتراضات التي أبداها بعض المكونات الثورية على ترشيحه.

وأشار أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية الدكتور حيدر الطيب، إلى أن اختيار قوى الحرية والتغيير الدكتور حمدوك رئيساً للوزراء أفرز حالة من الجدل، على اعتبار أن الرجل سبق أن عيّنه الرئيس المعزول عمر البشير وزيراً للمالية، قبل أن يعتذر في آخر لحظة.

وقال الطيب لـTRT عربي إن كثيرين يرون أن حمدوك يفتقر إلى البعد الثوري، كونه لم يكُن جزءًا فاعلاً في الاحتجاجات التي أطاحت بالبشير، كما أنه لا يفهم تعقيدات المشهد السياسي والاقتصادي في السودان، لأنه عاش غالبية سنوات عمره خارج السودان.

وعمل الدكتور أحمد عبد الله حمدوك الذي يبلغ من العمر 65 عاماً، خبيراً اقتصاديّاً ومختصّاً في مجال إصلاح القطاع العامّ، والحوكمة، والاندماج الإقليمي، وإدارة الموارد، وإدارة الأنظمة الديمقراطية، والمساعدة الانتخابية.

وحصل حمدوك المولود في ولاية جنوب كردفان على شهادة البكالوريوس من جامعة الخرطوم في عام 1981، ثم الماجستير في عام 1989 في علم الاقتصاد من كلية الدراسات الاقتصادية بجامعة مانشستر في بريطانيا، كما حصل على الدكتوراه في عام 1993.

وعمل في منظَّمة العمل الدولية في جنوب إفريقيا وموزمبيق وبنك التنمية الإفريقي في ساحل العاج واللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتَّحدة في أديس أبابا، إلى أن أصبح نائباً للأمين العامّ التنفيذي للجنة.

وجوه جديدة

ضمت قائمة قوى الحرية والتغيير لعضوية المجلس السيادي الدكتورة عائشة موسى السعيد الباحثة والمترجمة التي تنحدر من مدينة الأبيض بكردفان غربي السودان.

وتخرجت عائشة في ‏معهد المعلمات ونالت ماجستير تدريس اللغة الإنجليزية من جامعة مانشستر، ودبلوم تدريس الإنجليزية من جامعة ليدز، وعملت أستاذة في عدة جامعات عالَمية ومديرة عامة لإدارة التأهيل التربوي، ومترجمة لعدد من الكتب، وناشطة في العمل النسوي عبر الاتِّحاد النسائي.

وكذلك شملت قائمة قوى الحرية والتغيير لعضوية المجلس السيادي حسن شيخ إدريس، المولود في مدينة كسلا شرقي السودان، الذي درس القانون بجامعة الخرطوم في عام 1972 قبل أن يلتحق بالسلك القضائيّ ثم النيابة العامَّة، وعمل بدولة البحرين.

وعقب الثورة التي أطاحت بالرئيس جعفر نميري في عام 1985م دخل حسن البرلمان ممثّلاً لدائرة كسلا الغربية عن حزب الأمة، قبل أن يتولى حقيبة الإسكان في حكومة الصادق المهدي، وبعدها هاجر إلى سلطنة عمان وعمل بها قاضياً ثم عاد إلى السودان في عام 2016م.

كما ضمت القائمة الدكتور صديق تاور ﻛﺎﻓي ﺃﺑﻮ ﺭﺍﺱ، أﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ بجاﻣﻌﺔ ﺍﻟﻨﻴﻠﻴﻦ، وﺯﻣﻴل مجموعة ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ بجامعة ﻻﻳﺪﻥ ﺑﻬﻮﻟﻨﺪﺍ، وﻋﻀﻮ ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭلي في ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ.

وعمل صديق المولود في ولاية جنوب كردفان ﺃﺳﺘﺎﺫاً في ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺔ بالسعوديَّة في 2012 حتى 2014، كما ظلّ ناشطاً في عدة أنشطة لوقف ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺇﺣﻼﻝ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻰ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺯﺭﻕ التي تشهد نزاعاً مسلَّحاً بين الحكومة والحركة الشعبية بشمال السودان.

نضال طلابي

لم تخلُ عضوية المجلس السيادي من الوجوه الشبابية، إذ سمّت قوى الحرية والتغيير الناشط السياسي محمد حسن التعايشي الذي تنحدر أصوله من دارفور، ضمن ممثليها في المجلس.

وتَرأَّس التعايشي اتِّحاد طلاب جامعة الخرطوم في عام 2002، الذي شهد استعادة الاتِّحاد للتنظيمات الطلابية المعارضة بعد غياب ستة أعوام، إذ كان في قبضة طلاب المؤتمر الوطني الحزب الحاكم وقتها.

وأيضاً اختارت قوى الحرية والتغيير الناشط والصحفي محمد الفكي سليمان ليكون ضمن ممثليها في المجلس السيادي، في خطوة وصفها مراقبون بأنها إنصاف آخَر للشباب.

ويرى المحلل السياسي إبراهيم عز العرب أن تعيين محمد الفكي بجانب محمد حسن التعايشي يُعَدّ تتويجاً لنضال الطلاب الذين صمدوا في وجه نظام المعزول عمر البشير في أزمنة كانت الانتهاكات فيها ممنهجة ضدهم.

ولفت عز العرب إلى أن التعايشي والفكي عملا معاً في اتِّحاد جامعة الخرطوم، حيث كان الأخير عضواً بالمجلس الأربعيني، في حين كان الأول رئيساً للاتِّحاد.

وأشار إبراهيم إلى أن محمد الفكي استفاد من رئاسته لتحرير صحيفة "كوسو" الناطقة باسم اتِّحاد طلاب جامعة الخرطوم، حيث عمل بصحيفة «القرار» السودانية، بجانب عدد من الصحف الخليجية آخرها صحيفة العرب القطرية التي غادرها إلى عضوية المجلس السيادي.

تَوافُق على الأقباط

التوافق الذي تم حول الدكتور حمدوك بين المكونات الثورية، كان حاضراً عندما طُرح اسم رجاء نيكولا عبد المسيح لتكون العضو الحادي عشر لمجلس السيادة، الذي اشترطت الوثيقة الدستورية تعيينه بطريقة توافقية بين المدنيين والعسكريين.

وحصلت رجاء نيكولا المولودة في أمدرمان على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة في عام 1980، وانخرطت في العمل بوزارة العدل في 1982، وتدرجت في الهيكل الوظيفي حتى رُقّيَت إلى مستشارة في عام 2005 ومثّلَت وزارة العدل في مفوضية مراعاة حقوق غير المسلمين.

اختيار قوى الحرية والتغيير الدكتور حمدوك رئيساً للوزراء أفرز حالة من الجدل، على اعتبار أن الرجل سبق أن عيّنه الرئيس المعزول عمر البشير (مواقع التواصل الاجتماعي)
وَفْقاً للوثيقة الدستورية سيتولى البرهان رئاسة المجلس خلال النصف الأولمن الفترة الانتقالية المحددة بثلاث سنوات وثلاثة شهور (AP)
TRT عربي