خريطة نشرتها الصحيفة الإيرانية تظهر مواقع في إسرائيل (طهران تايمز)
تابعنا

صباح الأربعاء، استفاقت إسرائيل على ما وُصف بأنه "تهديد جليّ خطير" من قبل إيران التي سعت إلى نشر "بنك الأهداف" الخاص بها، والذي تُعده لاستهداف إسرائيل كُلّها تقريباً كما يظهر من الخارطة التي تناولتها وسائل الإعلام العبري بشكل واسع النطاق واستحالت خلال دقائق إلى العنوان الأبرز باللغة العبرية.

ونشرت صحيفة "طهران تايمز" المقربة من النظام خارطة مفصلة، تقول إنها تظهر الأهداف التي وضعتها إيران لاستهداف إسرائيل، ولا تظهر الأهداف بدقة ولم يُشر إليها بالاسم، لكنه من الواضع أن الأهداف الإيرانية تشمل منطقة غوش دان المركزية التي من ضمنها تل أبيب، كما تظهر حيفا بالخارطة ومنطقة إيلات، وكذلك مناطق في الضفة الغربية المحتلة يُعتقد بأنها مستوطنات إسرائيلية، في حين تظهر أيضاً مدن إسرائيلية محاذية لحدود كُل من غزة وسوريا ولبنان.

ظهور هذه المدن جميعاً، أدى إلى تناول الخارطة بشكل واسع في الإعلام العبري. على سبيل المثال كتبت صحيفة "معاريف" عنواناً على نمط "خارطة الأهداف تكشف التهديد الإيراني الجديد لإسرائيل"، بينما قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن إيران نشرت الخارطة رداً على تقرير نشرته الصحيفة يوم الثلاثاء.

كما يعيد نشر هذه الخارطة إلى الساحة، تصريحات إسرائيلية كانت تشير إلى أن إيران تسعى إلى تجهيز البنية التحتية الملائمة للحرب على إسرائيل ليس من طهران فحسب، إنما قد تستعين إيران بفصائل في غزة وسوريا وكذلك حزب الله في لبنان في مثل هذه الحرب لإشعال الجبهات كلها.

بالفعل، كتبت الصحيفة الإيرانية بعض التفاصيل نقلاً عن تقرير "يديعوت العبرية" الذي جاء فيه نقلاً عن مصادر أمنية وعسكرية أن "الضربة التي وجهتها إسرائيل مؤخراً في سوريا، لم تكن سوى رسالة من تل أبيب إلى طهران".

الخريطة الإيرانية تظهر مواقع بالعشرات في إسرائيل ضمن بنك الأهداف (طهران تايمز)

رسالة من تل أبيب إلى طهران

وكانت صحيفة "يديعوت" العبرية، قد نشرت تقريراً الثلاثاء، تقول فيه إن "بعض الضربات الإسرائيلية على سوريا كانت تستهدف مخازن للسلاح الكيماوي"، مشيرة إلى أنّ "الرسالة التي تحملها هذه الضربات هي أن الجيش الإسرائيلي وإسرائيل لن يتوانيا عن مراقبة الخط الأحمر، وهو منع إنتاج أي سلاح كيماوي في سوريا".

الصحيفة أضافت في تقريرها أن "الضربات الإسرائيلية في سوريا كانت مهمة للغاية، وكان الهدف منها منع نظام الأسد من صنع سلاح كيماوي. ويبدو واضحاً أن الاستهداف لم يكن للأسد فحسب بل لإيران أيضاً، بخاصة في ظل استمرار المفاوضات في فيينا للتوصل إلى اتفاق نووي جديد".

وأوضحت "إسرائيل لا تزال متمسكة بموقفها وقراراتها وهي أنها لن تسمح بأن يأتي اليوم الذي يمكن أن تقصف فيه بالسلاح غير التقليدي، سواءً كان كيماوياً أو بيولوجياً أو نووياً".

بالعودة إلى "خارطة الأهداف الإيرانية"، تقول صحيفة "طهران تايمز" في افتتاحيتها إنه "يبدو أن الكيان الصهيوني قد نسي أن إيران تستطيع ضربه في كل مكان".

وأشارت إلى أن "الخبراء في إسرائيل أكثر ما يقلقهم هو قصر الفترة الزمنية التي تستطيع إيران ضرب تل أبيب فيها، إذ يعتقدون بأن إيران خلال ساعة واحدة يمكنها قصف إسرائيل".

ونقلت الصحيفة عن رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري قوله "إيران لا تقلل من شأن تهديدات العدو. لكننا نثق بقدراتنا وقدرتنا على الردع ومستعدون لأصغر التهديدات".

وأضاف "نحن في أقصى قدر من اليقظة بما يتناسب مع وضع العدو. نحن لا ننوي ضرب أي أحد ولكن على المستوى العملياتي والتكتيكي مستعدون لرد حاسم وهجوم استراتيجي، سريع وشديد".

تدمير حيفا وتل أبيب

تقول الصحيفة الإيرانية التي يبدو أنها تسعى إلى إيصال رسالة واضحة من إيران لإسرائيل "لا تحتاج صحيفة "طهران تايمز" إلى تذكير النظام غير الشرعي في إسرائيل بقدرات إيران الدفاعية ومع ذلك يبدو أنهم بحاجة إلى تذكر شيء ما".

وتضيف: "المرشد علي خامنئي تطرق أكثر من مرة للتهديدات الإسرائيلية، وأكد أن إسرائيل تعرف كل ما يجب أن تعرفه"، وقال "عليهم أن يعلموا أنهم إذا ارتكبوا أي خطأ، فإن إيران ستدمر تل أبيب وحيفا".

وبالمناسبة، تبدو تل أبيب وحيفا، وفق الخارطة المنشورة، على رأس الأهداف التي وضعتها إيران لقصفها في الحرب القادمة، وتظهر هناك أهداف كثيرة في تلك المناطق بالذات، وهي مناطق تخشى إسرائيل تعرضها للقصف بسبب مركزها الاقتصادي والسياسي والتكنولوجي، إضافة إلى أنها تحتوي على مصانع بتروكيماويات".

هل تستطيع إيران؟

لا يتحدث الإسرائيليون في هذه الأثناء عن شيء بقدر ما يتحدثون عن الحرب مع إيران، بخاصة بعد تصريح وزير الدفاع بيني غانتس الذي قال فيه إنه أوعز للجيش الإسرائيلي بالاستعداد للخيار العسكري ضد إيران.

غانتس الذي زار واشنطن مؤخراً، قال إنه أبلغ نظيره الأمريكي لويد أوستن أنه أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لهجوم على إيران.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية تعقيباً على التصريح إن "إسرائيل لا تزال تنظر إلى الحلّ العسكري أنه الخيار الأخير وذلك في حال فشل الاتصالات الدبلوماسية".

وسط ذلك، جاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك التي نشرت مؤخراً، لتشير إلى أنه يتوقع بأن لا يزيد عدد القتلى في إسرائيل خلال معركة مع إيران عن حاجز 500 قتيل. لكن هذه التصريحات لم تلق قبولاً لدى الأوساط العسكرية والأمنية في إسرائيل. إذ عقب عليها رئيس جهاز الموساد السابق مائير داغان في تصريح لصحيفة "هآرتس"، بالقول "مثل هذه الحرب سوف تحصد أرواحاً كثيرة وتشل شكل الحياة اليومي في إسرائيل".

داغان قال أيضاً إنه "في حال قررت إسرائيل قصف إيران فإنها سوف تجر المنطقة إلى حرب إقليمية. إيران سوف ترد، ليست وحدها إنما سيتضامن معها كل من حزب الله في لبنان وحماس في قطاع غزة وربما يشارك في الحرب نظام الأسد في سوريا".

وكان داغان قد قال سابقاً أيضاً إن "الخيار العسكري ضد إيران بعيد من أن يكون الخيار الأفضل بالنسبة لإسرائيل. يوجد الآن أدوات أخرى يمكن الاستعانة بها وربما تكون أكثر فاعلية".

هذه التصريحات لم تجد قبولاً هي أيضاً في إسرائيل إذ تعرض داغان بعدها لانتقادات حادة من قبل وزراء وقيادات سياسية. لكنه قال "نعيش في دولة ديمقراطية، لا أحد يمنعني من التعبير عن رأيي".

هل إسرائيل جاهزة للحرب؟

على هذا السؤال "هل إسرائيل جاهزة لحرب إيران؟" كان المحلل العسكري والضابط السابق في جيش الاحتلال يتسحاق بريك قد أجاب في مقالة نشرتها صحيفة "هآرتس" العبرية وجاءت تحت عنوان "إسرائيل ليست جاهزة لحرب إقليمية. نقطة".

وقال بريك في مقالته إن "في الأشهر الأخيرة اتضح بأنه لا يمكن الاعتماد على سلاح الجو من أجل الانتصار في معركة. هذا ما أثبتته الحرب الأخيرة على غزة، إذ شاركت فيها معظم مقاتلات سلاح الجو التي استهدفت مواقع لحماس وفصائل فلسطينية من خلال إطلاق مئات الصواريخ التي تجاوز ثمنها المليارات، ولكن رغم كل ذلك لم تستطع إسرائيل وقف إطلاق الصواريخ من غزة على مناطق إسرائيلية".

وأضاف: "سنوات كثيرة ونحن نتحدث عن سلاح الجو كذراع استراتيجي. خلال تلك الفترة فإن باقي كتائب الجيش بخاصة البرية تعرضت للإهمال وازداد وضعها سوءاً، في ظل هذه الأوضاع لا يمكن الانتصار في معركة ولا يمكننا أن نمنع سقوط القتلى فقط من خلال الاستعانة بسلاح الجو، إننا ندفع الآن ثمناً باهظاً".

وقال إن سلاح الجو فشل فشلاً ذريعاً في إيقاف صواريخ حماس والجهاد الإسلامي.

وأوضح "في حرب إقليمية تفتح فيها جبهات عدة فإن إسرائيل سوف تُقصف بآلاف الصواريخ من أبعاد مختلفة ومنها ما سيطلق من بُعد مئات الكيلومترات، وحجم سلاح الجو لا يستطيع التعامل مع مثل هذه الهجمة، وحتى إن استطاع الهجوم والإضرار بالعدو فإنه لن يستطيع وقف إطلاق الصواريخ ما حصل بالحرب على غزة".

وأضاف "في مثل هذه الحرب سوف يستمر استهداف إسرائيل من كل مكان، من الجنوب والشمال والشرق بشكل يومي وسوف تطلق آلاف الصواريخ والقنابل على مناطق مدنية وأهداف استراتيجية، صواريخ تدميرية أكثر من صواريخ حماس بكثير".

لا قدرة لإسرائيل

وقال "تخيلوا. طائرات انتحارية بدون طيار، صواريخ تحمل رؤوساً متفجرة بمئات الكيلوغرامات تسقط على رؤوسنا. الهدم والضرر سيكون كبيراً وسوف ندفع ثمن ذلك آلاف الأرواح والجرحى. إن إطلاق الصواريخ الدقيقة سوف يؤدي إلى عرقلة سلاح الجو أيضاً من خلال قصف المطارات وأبراج المراقبة. وقد تقصف محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه وأنابيب النفط والغاز".

وبيّن بريك "لدى أعدائنا "حماس، إيران وحزب الله" قدرة على الاستمرار بالحرب أسابيع طويلة بسبب مخازن السلاح التي بحوزتهم، ربما يتجاوز عدد الصواريخ 250 ألفاً، ولكن إسرائيل ليس لديها صواريخ تكفي لمواجهة هذه الصواريخ وخاصة صواريخ أرض-أرض".

وقال: "سلاح الجو لم يستطع وقف صواريخ حماس. ماذا بالنسبة لصواريخ تهطل علينا من جهات مختلفة؟".

المحلل العسكري الإسرائيلي أضاف: "إيران وحزب الله كانوا يتابعون عن قرب ماذا دار بيننا وبين حماس، وفهما أنه لا توجد قدرة لدى إسرائيل على الرد على الصواريخ، لمثل هذه الحرب إسرائيل ليست جاهزة وأعتقد أنها لا تعمل من أجلها بشكل جدي".

TRT عربي