استعراض عسكري سوفيتي لصواريخ محملة برؤوس نووية (TASS)  (Others)
تابعنا

في توتر يعيد متتبعه إلى أجواء الحرب الباردة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. أعلنت روسيا الاثنين تعليق عمل بعثتها لدى حلف شمال الأطلسي وإغلاق مكتب الارتباط التابع للحلف في موسكو، بعد سحب أوراق اعتماد ثمانية مندوبين روس لدى الحلف بتهمة التجسس.

قرار علَّله وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأنه أتى "إثر بعض الإجراءات التي اتخذها حلف شمال الأطلسي، الظروف الأساسية لعمل مشترك لم تعد متوافرة". موضحاً أن سريانه سيبدأ في 1 نوفمبر/تشرين الثاني.

هذا وكان حلف الناتو قد أعلن سابقاً طرد 8 أعضاء من البعثة الروسية لديه، متهماً إياهم بأنهم "يعلمون سراً ضباط مخابرات". فيما، ومنذ 2014، تتزايد التوترات بين الطرفين بعد ضم موسكو لشبه جزيرة القرم ودورها في الحرب الأوكرانية. كما تسود الخلافات بينهما حول تطوير الصواريخ النووية الروسية والاختراقات الجوية للمجال الجوي لحلف شمال الأطلسي، والتشويش الذي تسببه الطائرات المقاتلة الروسية لسفن الحلفاء.

عودة الحرب الباردة؟

ويمتد التصعيد الأخير بين روسيا وحلف الناتو إلى أسابيع قبل قرار إدارة بوتين تعليق عمل بعثتها لدى الحلف. ما جعل الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرغ، يصف الوضع بأن "العلاقة بين روسيا والحلف تبلغ أدنى مستوياتها منذ نهاية الحرب الباردة".

بالمقابل، ما يخشاه الروس، عقب انسحاب الحلف من الحرب في أفغانستان التي كانت تستنزف جهوده، هو إعادة تمركز قواته في آسيا من أجل احتواء موسكو. كما سبق أن أشار لافروف في معرض كلامه خلال اجتماع وزراء خارجية الدول المشاركة في مؤتمر "التفاعل وبناء الثقة في آسيا"، الثلاثاء 12 أكتوبر/تشرين الأول، متهماً الحلف بأنه "يحاول تسخين الوضع، وتقويض آليات التفاعل القائمة بين الدول" بسعيه إلى نشر قواته في آسيا بعد انسحابه من أفغانستان.

مخاوف عبَّر عنها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، هو الآخر في افتتاح مؤتمر موسكو الدولي للأمن في 23 يونيو/حزيران الماضي، إذ أفشى قلقه من "التعزيز المستمرّ لقدرات حلف الأطلسي العسكرية والبنية التحتية الخاصة به بالقرب من الحدود الروسية". هذا إضافة إلى انتقاد موسكو الإعلان عن حلف أوكوس الذي يجمع الولايات المتحدة بكل من أستراليا وبريطانيا، معتبرة إياه بأنه يستهدف روسيا كمرحلة أولى لاحتواء الصين.

هذا ومنذ سنة 2018 أطلقت روسيا سباقاً جديداً للتسلح، أعلنت عنه وقتها على لسان رئيسها الذي كشف وقتها عن تطوير بلاده لمنظومة الصواريخ الفرط صوتية "إسكندر" القادرة على "الرد على العدوان الذي يستهدف روسيا" بحسب حديثه، مضيفاً أن "إسكندر هو واحد من أحدث أسلحتنا التي نفتخر بها كأفضل أسلحة العالم". بالمقابل ردت واشنطن متهمة موسكو بأنها تخرق قواعد القانون الدولي حول تطوير السلاح التقليدي والنووي.

خطَّة سوفيتية

هذا وتزامناً مع تشابه التوترات الروسيَّة الغربيَّة بما كانت عليه فترة الحرب الباردة، كشف تقرير للمجلة الأمريكية "ناشونال إنترست" عن وثائق جديدة تهم خطَّة هجومية صممها الاتحاد السوفيتي وقتها من أجل كبح تقدم الناتو وغزو أوروبا في غضون أيام بعد إمطارها بـ189 صاروخاً وقنبلة نووية.

وقت الحرب الباردة، كان كل من القطبين المتصارعين يخطط لضربات استباقية ضد الآخر في حال نشوب حرب فعلية. فيما كانت خطة الاتحاد السوفيتي دفاعية تعتمد على توفير الحماية لدول حلف "وارسو" من أي غزو غربي دون استخدام السلاح النووي، فإنها سرعان ما تغيرت في الستينيات لتأخذ طابعاً هجومياً، بهدف تنفيذ ضربات نووية لعدد من المدن والعواصم الأوروبية تمهيداً لاجتياح بري خاطف من أجل منع أي إنزال أمريكي كندي على سواحلها.

وتضمنت تلك الخطة السوفيتية استخدام 177 رأساً و12 قنبلة نووية، تتراوح قوتها التفجيرية بين 5 كيلوطن و500 كيلوطن، لقصف الجبهة الشمالية لحلف "الناتو". فيما ضم بنك أهدافها كلاً من مدن ميونيخ وهانوفر وبون وهامبورغ في ألمانيا الغربية وقتها. وفي هولندا مدن نوتردام وأمستردام وأوترخت. إضافة إلى أنتويرب وبروكسل البلجكيتين. وتضمنت أيضاً دكَّ الدانمارك بـ5 قنابل على الأقل بينها قنبلتان على العاصمة كوبنهاغن، وقصف فيينا بقنبلتين نوويتين القوة التدميرية لكل منهما 500 كيلوطن، إضافة إلى عدد من المدن الإيطالية.

وأشار تقرير المجلة الأمريكية إلى أنه لتنفيذ تلك الخطة نشرت السلطات السوفيتية أسلحة تكتيكية نووية على 600 قاعدة عسكرية تتوزع على طول تراب حلف وارسو. بالمقابل، كانت لأمريكا كذلك خطتها الاستباقية للهجوم على الاتحاد السوفيتي، التي سميت بـ"الخطة الأحادية المتكاملة"، وتضمَّنت 3200 قنبلة نووية معدة لقصف 1060 هدفاً في الاتحاد السوفيتي والصين وحلفائهما في آسيا وأوروبا.

TRT عربي