كيف تخطط مجموعة السبع لمواجهة "طريق الحرير" الصيني؟ (Fabian Bimmer/Reuters)
تابعنا

من قلعة إلماو، وسط جبال الألب الألمانية، كشف قادة الدول الصناعية السبعة خطة واسعة لكبح ما أسموه "النفوذ التجاري والاقتصادي الصيني" على الدول النامية المتمثل في مشروع "الحزام والطريق"، الذي أطلقته بكين سنة 2013، ويربط عبر طرق برية وبحرية الصين بأوروبا والقارة الإفريقية.

فيما سيكون لهذه الخطة غلاف مالي بقدر 600 مليار دولار، وستهم تعزيز ودعم البنى التحتية بالبلدان النامية، بخاصة في آسيا وإفريقيا. وتروج لها مجموعة الدول السبع على أنها تصبو إلى تحقيق العدالة المجالية بين البلدان النامية وأنها ستحدث تغييرات قد تدوم لأجيال.

خطة السبع لمواجهة التنين

وفي أول حديث في العلن عن هذه الخطة التي انتهى إليها القادة السبعة خلال قمتهم، الأحد، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن "مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى ستطلق مبادرة عالمية للبنية التحتية لمنافسة الصين".

وأشار بايدن إلى أنه من المنتظر أن يكون المشروع بديلاً لذاك الذي كانت الصين بدأته في 2013 باسم "طريق الحرير الجديد"، والذي ترمي من خلاله إلى فتح طرق تجارة جديدة باتجاه أوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وداخل آسيا.

وحسب بيان للبيت الأبيض، في هذا الصدد، تنوي الولايات المتحدة "بالتعاون مع شركاء مجموعة السبع جمع 600 مليار دولار بحلول 2027، للاستثمارات في البنية التحتية العالمية"، كما ستوفر واشنطن "خلال السنوات الخمس المقبلة 200 مليار دولار عبر منح وموارد من الحكومة الاتحادية وجمع استثمارات من القطاع الخاص".

فيما ستُنشأ بهذه الأموال بنية تحتية مستدامة "تحسن حياة الناس في كل أنحاء العالم وتعزز سلاسل توريداتنا وتنوعها وتخلق فرصاً جديدة للعاملين والشركات الأمريكية وتدعم أمننا القومي". وضمن هذه المشاريع التي أعلن عنها البيت لأبيض مشروع للطاقة الشمسية في أنغولا، ومنشأة لتصنيع اللقاحات في السنغال، ومفاعل معياري في رومانيا، وكابل اتصالات بحري سيربط سنغافورة بفرنسا عبر مصر والقرن الأفريقي.

وحسب موقع بوليتيكو الأمريكي ستوفر الشراكة أيضاً هيكلاً لدول مجموعة السبع لتوحيد مواردها لتمويل الاقتصادات الناشئة من أجل إيقاف تحقيق التحول الطاقي. حيث ستُطرح أولى هذه الشراكات التي أطلق عليها "شراكات الانتقال الطاقي العادل" في جنوب إفريقيا، فيما مشاريع مثيلة لها قيد المناقشة في الهند وإندونيسيا وفيتنام والسنغال.

ونقلاً عن ذات المصدر، قال المستشار الألماني أولاف شولتز، يوم الأحد، إن مساهمة برلين في جنوب إفريقيا ستبلغ 300 مليون يورو. فيما أوردت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأن الدول الأوروبية ستقدم نحو 300 مليار يورو على مدى السنوات الخمس المقبلة، لتمويل البنية التحتية في الدول النامية.

ما هو مشروع "طريق الحرير" الصيني؟

في 2013، كشفت الصين عن استراتيجيتين جديدتين للتجارة الخارجية وهما: "حزام طريق الحرير الاقتصادي"، و"طريق الحرير البحري". وتهدف بكين من خلالهما إلى ربط السوق الصينية بأكثر من 70 دولة حول العالم، وذلك عبر حزام بريّ من سكك الحديد والطرق عبر آسيا الوسطى وروسيا، وخط بحري لربط الصين بأوروبا وإفريقيا.

وحسب دراسة سابقة للبنك الدولي، إذا جرى تنفيذ مبادرة الحزام والطريق تنفيذاً كاملاً، فإن مشروعات النقل في إطار المبادرة قد تؤدي إلى تعزيز التجارة بنسبة تتراوح بين 1.7% و6.2% على مستوى العالم، وزيادة الدخل الحقيقي عالمياً بنسبة من 0.7% إلى 2.9%. كما يمكن أن يزيد الدخل الحقيقي للاقتصادات الواقعة على امتداد ممرات المبادرة بمقدار مثليْن إلى أربعة أمثال إذا نفَّذت إصلاحات لتقليص التأخيرات على الحدود وتخفيف القيود التجارية.

ومع كل هذه المنافع التي رصدتها الدراسة، غير أن انتقادات عديدة تلاحق السياسات الاقتصادية الصينية في إفريقيا، خصوصاً فيما يتعلق بحزمات الديون التي تقدّمها لدول القارة ذات الدخل المنخفض.

فبحسب إحصاءات "البنك الدولي للدين العالمي"، فإن ديون الصين للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط بلغت نهاية 2020 ما يعادل 170 مليار دولار، نحو 75 مليار منها مُنحت لدول إفريقيا في جنوب الصحراء. ما يجعل الصين إحدى أكثر الدول الدائنة في العالم.

هذه الديون التي يمرّ قسم كبير منها بشكل سري، أي لا يكون عبر الحكومة الصينية ونظيرتها المستدينة، تثقِل كاهل الدول الفقيرة تمهيداً للاستحواذ على مقدراتها والهيمنة عليها سياسياً. إذ إن 40 من بين الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي اقترضت من الصين، يمثل القرض 10% من ناتجها الداخلي. ويمثل الدّين الصيني بالنسبة إلى كل من جيبوتي وزامبيا 20% من ناتجهما الداخلي.

في المقابل تميل الصين إلى الإقراض بنسب فائدة عالية، قد تبلغ أربعة أضعاف أسعار فائدة قرض من البنك الدولي أو دولة مثل ألمانيا. كما تشترط الصين للسداد مدة أقصاها 10 سنوات والتي تُعدّ قصيرة مقارنة مع القروض الأخرى التي تسمح بمدة سداد 28 سنة.

TRT عربي