يواجه 14 مليون طفل أفغاني خطر المجاعة. (Mohd Rasfan/AFP)
تابعنا

بات الجوع يهدّد حياة ملايين الأفغان مع توسُّط فصل الشتاء القارس في أغلب أقاليم البلاد، وتحققت المأساة التي حذرت منها تقارير عدة من قبل

ويبقى الأطفال هم مَن يدفع الثمن الأكبر لما يقع، إذ سيحتاج مليون طفل أفغاني دون الخامسة إلى العلاج من "سوء التغذية الحادّ" الذي يهدّد حياتهم، فيما سيعاني 3,3 مليون آخرون من "سوء التغذية الشديد"، حسب إحصاءات اليونيسف.

وتقع المسؤولية على عاتق أزمة اقتصادية تعيشها البلاد جراء العوامل الطبيعية ومترتبات الحرب التي ما زالت تنهك كاهل الحكومة الجديدة، والعقوبات الأمريكية أداةً لحرب تجويع تُشَنّ على الأفغان.

أفغانستان.. جحيم الجوع

يواجه أكثير من 22 مليون أفغاني، بما يعادل نصف سكان البلاد، خطر المجاعة، حسب تقرير سابق لمنظمة الأغدية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، اعتبر الرقم قياسياً.

ودقّ ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ناقوس الخطر حول الوضع، قائلاً "إنّ أفغانستان حاليّاً من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إن لم تكن الأسوأ، فإنّ الأمن الغذائي يكاد ينهار. وخلال هذا الشتاء سوف يُضطرّ ملايين الأفغان إلى الاختيار بين الهجرة والتضور جوعاً ما لم نتمكن من زيادة مساعداتنا المنقذة للأرواح وما لم يتمكّن الاقتصاد من الانتعاش".

وبحسب منظمة "أنقذوا الأطفال" الخيرية البريطانية، فإنه حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لم يكُن 98% من الأفغان يجدون ما يكفي من الطعام، والمرجح أن يواجه نصفهم المجاعة. كذلك تشير المنظمة إلى أن 14 مليون طفل أفغاني يواجهون مستويات من الجوع قد تهدّد حياتهم هذا الشتاء.

فيما تسببت أزمة السيولة التي تمر بها البلاد بعدم تحصل موظفيها منذ ثلاث أشهر على مرتباتهم، مع اتساع رقعة الفقر في أوساط الشعب، وعدم قدرتهم على توفير المواد الأساسية للحياة من طعام ووسائل التدفئة. بالمقابل عرفت أسعار هذه المواد تضخما بلغ 63%، راسما معالم واقع جحيمي يعيشه المدنيون هناك.

بلغ الأمر حدّ إقدام بعض العائلات على بيع أبنائهم مقابل الطعام، كحالة نقلها تقرير سابق لصحيفة "الإندبندنت" عن أم بررت ما فعلته قائلة: "جعبتنا خاوية، فكيف يمكنني أن أعتني بالطفلين؟ لقد عشت معاناة بسبب اضطراري إلى فصل أحدهما عن الآخر، وكان القرار عسيراً للغاية، أكثر مما يمكن تصوُّره، فمن الصعب التخلي عن طفل بسبب الفقر".

والنساء هن الأشد تضرراً من هذا الوضع، إذ تُضاف الأزمة الاقتصادية إلى منع طالبان النساء من ممارسة معظم الوظائف مدفوعة الأجر، مما أجهز على الأسر التي كانت النساء فيها العائل الرئيسي. وحتى في المجالات التي ما زال يُسمح فيها للمرأة بالعمل، قد لا تتمكن المرأة من الامتثال لمتطلبات طالبان الخاصة كمرافقة أحد أفراد الأسرة الذكور لها من العمل وإليه.

حرب الجوع الأمريكية

تمرّ أفغانستان من أعجف سنة خلال العشرية الأخيرة، إذ ضرب الجفاف المناطق الزراعية ودمّرَت السيول الموسمية المحاصيل في مناطق أخرى. يتزامن هذا مع الحرب التي لم تخرج البلاد بعدُ من تبعاتها، والأزمة الاقتصادية التي تسببت فيها العقوبات الدولية على البلاد.

فمنذ الانسحاب الأمريكي وسقوط كابل في يد طالبان، عملت الجهود الغربية على عزل الحكومة الجديدة اقتصادياً، فأطبقت عليها سلسلة عقوبات استهدفت حتى القطاع الخاص في البلاد، كما عرقلت عمل البنوك وتسببت في أزمة سيولة حادَّة في.

وكان اجتياح كابل عسكرياً وإسقاط حكومتها أحد الخطوط الحمراء للإدارة الأمريكية خلال مفاوضات الدوحة، مما أطلق حين تخطِّيه حملة دولية لعزل حكومة طالبان لاحتمال ارتكابها انتهاكات لحقوق النساء.

وقال جون سيفتون، مدير قسم آسيا في هيومن رايتس ووتش: "الاقتصاد والخدمات الاجتماعية في أفغانستان ينهاران. المساعدات الإنسانية بالغة الأهمية، لكن بالنظر إلى الأزمة، فعلى الحكومات والأمم المتحدة والمنظمات الدولية المؤسسات المالية عاجلاً تعديل القيود والعقوبات الحالية التي تؤثّر في الاقتصاد والقطاع المصرفي في البلاد".

فيما تقع المسؤولية الرئيسية على عاتق الولايات المتحدة من أجل التحرك لوضع حد للمأساة، حسب المراقبين، إذ لا تزال واشنطن مانحاً رئيسياً لأفغانستان، وتحافظ على الأصول المجمدة للبنك المركزي الأفغاني، وهي من يفرض العقوبات الأكثر حدة، ويمكنها التأثير في المؤسسات المالية الدولية التي تخلّت عن أفغانستان.

TRT عربي