كيف تحصن موسكو شبه جزيرة القرم؟ / صورة: Reuters (Sergey Pivovarov/Reuters)
تابعنا

في سابقة من نوعها كشفت أوكرانيا عن خطة من اثنتي عشرة نقطة لـ"تحرير" شبه جزيرة القرم من قبضة الروس، تشمل هجوماً جوياً وبرياً كاسحاً وعزلاً للمنطقة عن البر الروسي. ذلك في وثيقة نشرها الأمين العام لمجلس الأمن والدفاع الأوكراني أوليكسي دانييوف الأحد، تفصِّل في معالم هذه الخطة.

وتأتي هذه الوثيقة كآخر مستجد في سلسلة الوعود الأوكرانية باسترجاع شبه الجزيرة، التي ضمتها موسكو عام 2014، مؤكدة جدية تلك الوعود. وفي شهر فبراير/شباط الماضي، صرح الرئيس زيلينسكي، بأن قوات بلاده تتدرب لشن هجوم على القرم.

وعلى ما يبدو تلقفت موسكو هذه الرسالة، وهو ما يكشفه عملها على تعزيز الدفاعات البرية في القرم، إذ رصدت صور أقمار صناعية أمريكية تحصينات عسكرية أنشأها الجيش الروسي حديثاً هناك، تشمل شبكة خنادق وفخاخ دبابات، تحسباً لأي هجوم بري على شبه الجزيرة.

خنادق وفخاخ في القرم

في صور حديثة رصدتها الأقمار الصناعية الأمريكية "Maxar"، كشفت إنشاء الجيش الروسي خنادق متطورة تمتد لأميال في محيط بلد مدفيديفكا الواقعة قرب الممر البري الرئيسي بين البر الأوكراني وشبه جزيرة القرم.

وحسب هذه الصور جرى حفر خطوط هذه الخنادق بشكل متعرج وبزوايا حادة، لإعطاء الجنود المتمترسين فيها مدى أوسع لإطلاق النار. وبجوارها توجد تحصينات أخرى، بما في ذلك خنادق عميقة مصممة لتكون فخاخاً للدبابات والمركبات الثقيلة.

ووفق ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، فإن هذه التحصينات ظهرت حديثاً وفي وقت ضيق، قبل هجوم الربيع المتوقع من أوكرانيا. كما شهد محيط بلدة فيتينو، الواقعة على الساحل الغربي لشبه جزيرة القرم، تشيد أميالاً من الخنادق الروسية. هذا بالرغم من أن المحللين يقللون من احتمالية حدوث هجوم برمائي.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أنه جرى انشاء هذه الخنادق باستخدام الحفَّارة BTM-3، التي يعود تصميمها إلى الحقبة السوفيتية، والقادرة على الحفر بسرعة نصف ميل في الساعة حتى في حال كانت الأرض متجمدة. كما سعى الجيش الروسي لتوظيف عمال لهذا الغرض، وفق ما تكشفه قوائم توظيف الجيش على الإنترنت.

دفاعات جوية مكثفة

إضافة إلى الدفاعات البرية تحافظ موسكو على دفاعات جوية مهمة في القرم. وهو ما كشفه مؤخراً نائب رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية فاديم سكيبيتسكي، بالقول إن روسيا وضعت دفاعها الجوي في حالة تأهب قتالي، تزامناً مع تشييدها للتحصينات البرية.

وقال سكيبيتسكي إن الجيش الروسي يحتفظ بـ"عناصر أرضية وجوية قوية" في شبه جزيرة القرم استعداداً للدفاع عنها.

ووفق التقارير الاستخباراتية الأوكرانية، يتمركز نحو 90 مقاتلة و60 طائرة مروحية روسية في شبه الجزيرة، مقسَّمة على ست قواعد عسكرية جوية وبحرية.

إضافة إلى هذا، ومنذ الشهور الأولى للحرب، عملت موسكو على نشر منظومات دفاعها الجوي في القرم.

ووثقت صور التقطها سياح وجود منظومات S-400 في شبه الجزيرة. كما رصدت صور أقمار صناعية سحب الجيش الروسي منظومات S-300 من سوريا، وحملها من ميناء طرطوس إلى سيفاستوبول.

بالمقابل، ومنذ حوادث الاستهداف بالطائرات المسيرة التي تعرضت لها قاعدة ساكي الجوية الروسية بالقرم، تعمل روسيا على تعزيز الدفاعات المضادة لهذا السلاح. وفي شهر أغسطس/آب الماضي، ذكرت وكالة "تاس" الروسية، على لسان رئيس مجلس الدولة فلاديمير كونستانتينوف، أن قوات بلاده تعيد بناء نظام دفاعها الجوي في شبه جزيرة القرم لمواجهة التهديد المتنامي للمسيرات الأوكرانية.

واعتبر المحلل العسكري الروسي إيان ماتفيف في حديثه لـ"واشنطن بوست"، حدوث مجمل هذه التعزيزات العسكرية الأخيرة في القرم يعني "أن الجيش الروسي يدرك أنه يجب الدفاع عن شبه جزيرة القرم في المستقبل القريب".

TRT عربي