تابعنا
تأييد سعودي إماراتي للقادة الجدد في المجلس العسكري السوداني، القيادة الجديدة أشرفت على عمليات المشاركة السودانية في حرب اليمن، وتربطها علاقات وطيدة مع دول الخليج الداعمة لتيار الثورات المضادة في المنطقة، فهل تتمكن الثورة المضادة من استهداف السودان؟

حمل الدعم السعودي الإماراتي لرئيس المجلس العسكري السوداني الجديد الفريق عبد الفتاح البرهان مؤشراً لبدء تدخُّل خارجي محتمَل قد يغيّر مسار المكاسب التي حققتها الاحتجاجات السودانية التي استمرت على مدار أربعة أشهر، والتي كان في مقدمتها عزل البشير عن رأس السلطة بعد حكم استمر 30 عاماً.

فقد أعلنت الرياض ترحيبها بتعيين البرهان قائداً للمجلس العسكري الانتقالي في السودان، بتقديم حزمة من المساعدات الإنسانية تشمل المشتقات البترولية والقمح والأدوية، كذلك أيدت دولة الإمارات هذه الخطوة الجديدة مؤكّدة استعدادها لبحث مجالات المساعدة للشعب السوداني.

تعيين برهان جاء بعد إحالة المجلس العسكري رئيسه الأسبق عوض بن عوف الذي لم يبقَ في المنصب سوى 48 ساعة فقط بعد عزل البشير وتعيين قائد قوات الدعم السريع محمد حمديتي نائباً له، الذي كان اعتذر من قبل عن عدم المشاركة في عضوية المجلس الانتقالي الأول برئاسة عوف، فضلاً عن إحالة واسعة لكبار القادة العسكريين وإعادة تشكيل رئاسة الأركان العسكرية بالكامل، ما يثير تساؤلاً حول طبيعة الدور الخارجي في إدارة المرحلة الانتقالية في السودان.

البرهان وصُنَّاع القرار الخليجي

البرهان شغل منصب قائد القوات البرية في الجيش السوداني وعيَّنه البشير في منصب المفتش العام للقوات المسلحة بعد اندلاع الاحتجاجات في ديسمبر/كانون الثاني الماضي، وثالث أكبر قائد عسكري في الجيش.

تذكر التقارير أن البرهان كان منسّق عملية إرسال الجنود السودانيين للمشاركة في حرب اليمن ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ونائبه الجديد حمديتي شارك بقواته التي عُدت أكبر قوة من القوات السودانية المشاركة في حرب اليمن.

وحسب بعض المحللين كانت تجمع البرهان علاقات قوية مع دول الخليج من خلال عملية عاصفة الحزم التي قادها التحالف العربي في اليمن وهذا ما يفسر دعم هذه الدول له.

وفي هذا الصدد يرى تيراب أبكر تيراب الخبير الأمني والاستراتيجي، في حديثه لـTRT عربي، أن "الجيش السوداني يُعد من أهمّ العناصر في حرب اليمن، وبالتالي فقد تكونت علاقة وطيدة بين البرهان، الذي أشرف على إرسال الجنود السودانيين إلى اليمن، وقوات التحالف العربي وهكذا فإن للسعودية والإمارات دوراً رئيسياً في دعمهما له في إدارة المرحلة الانتقالية في السودان".

ثورة مضادة؟

على مدار أربعة أشهر من الاحتجاجات في السودان، وإخفاق البشير في احتواء الوضع الداخلي المحتقن، وحتى بعد تحرك الجيش وعزل البشير وتولّي وزير الدفاع بن عوف رئاسة المجلس العسكري، ارتأت السعودية والإمارات التزام الصمت.

غير أن موقفهما تغير بعد تعيين البرهان المدعوم من قبلهما على رأس السلطة الحاكمة في السودان، ما يعني أن الأمور ستجري وفق رؤيتهما، والتي عدها البعض إرهاصات ثورة مضادة، على غرار ما حدث بعد انطلاقة ثورات الربيع العربي عام 2011.

إذ بدأت الثورات المضادة في تقوية نفوذها في الداخل مدعومة مادياً وسياسياً من السعودية والإمارات التي أنفقت مليارات الدولارات لتقضى على تطلعات الشعوب بغطاء دعم الاقتصادات المحلية لتلك الدول التي تعرضت لهزات عنيفة.

استهداف الربيع العربي كان تنفيذاً لأجندات هذه الدول لمنع وصول تيارات سياسية إلى الحكم من شأنها أن تقوض نفوذها الإقليمي في المنطقة وتهدد مصالحها الجيوسياسية.

وقد نجحت هذه الثورات المضادة في قلب مسار الثورات الشعبية في مصر وليبيا واليمن.

بعد ثماني سنوات من سجل حافل بقيادة الثورة المضادة ودعمها لإجهاض الربيع العربي، تحاول السعودية والإمارات السيطرة على المشهد السوداني في فترته الانتقالية بدعم تيارات وشخصيات لديهم علاقات بها لتكرر نفس اللعبة التي تتقنها.

انقلاب على الحليف

لطالما عُدّ البشير أحد الحلفاء الداعمين للتحالف العربي في حربه في اليمن في 2015، ففي مراحل العمليات البرية الأولى في الحرب اليمنية، دفع السودان بقوات برية عُدّ عددها هو الأكبر مقارنة بالوجود النوعي لباقي الدول المشاركة في التحالف.

ولكن بعد اضطراب الأوضاع الداخلية في السودان واندلاع احتجاجات 19 ديسمبر/كانون الثاني الماضي، انقلب دعم التحالف العربي المقدم للبشير.

في هذا الصدد يؤكّد تيراب أن "السعودية والإمارات أعادتا ترتيب أوراقهما فيما يخص دعمهما للبشير المتهم بجرائم حرب في دارفور، ورأت أن نظامه فقد قوته ساعية للحفاظ على مصالحها من خلال دعمها لوجوه جديدة قد تكون مقبولة دولياً ولدى الشارع السوداني".

فضلاً عن كون السعودية هي المستثمر العربي الأول في السودان باستثمارات قيمتها تُقدر بـ25 مليار دولار، وبالتالي فهي تسعى للسيطرة على الوضع في السودان لاستتباب مصالحها،في ظل الوضع الأمني والاقتصادي الحرج التي انجرفت فيه البلاد خلال الشهور الأخيرة.

ولعل إعلان المجلس العسكري السوداني اليوم ولأول مرة عن استمرار مشاركة القوات السودانية في اليمن يدعم هذا الطرح.

نجحت الثورات المضادة المدعومة من السعودية والإمارات في قلب مسار الثورات الشعبية في دول الربيع العربي (Reuters)
TRT عربي