هل تنجح فكرة "ناتو عربي" في المنطقة؟ (Others)
تابعنا

في مقابلة صحفية له مع شبكة CNBC الأمريكية، يوم الجمعة، تحدَّث العاهل الأردني عبد الله الثاني، عن الحاجة لحلف دفاعي عربي على شاكلة الناتو. وقال الملك عبد الله بأن "مثل هذا التجمع يمكن إنجاحه مع الدول ذات التفكير المماثل. لكن يجب أن يكون بيان المهمة واضحًا جداً، وإلا فإن ذلك سيربك الجميع".

وعبَّر الملك الأردني عن إرادته بأن تكون بلاده طرفاً في هذا الحلف المرتقب، مضيفاً بالقول: "سأكون من أوائل الأشخاص الذين سيصدقون على إنشاء حلف ناتو شرق أوسطي".

أشار عبد الله الثاني بأنه: "إلى جانب التعاون الأمني ​​والعسكري، يمكن لتحالف أوثق في الشرق الأوسط أن يساعد في مواجهة التحديات الناشئة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، لا سيما فيما يتعلق بأسعار الطاقة والسلع".

فيما ليست هي المرة الأولى التي تطرح فيها فكرة حلف "ناتو عربي"، رغم أن حديث العاهل الأردني أعادا إلى سطح النقاش العام في المنطقة. بالمقابل، يطرح شكل هذا الحلف المأمول ومدى التوافق على تشكيله وتحديد أهدافه أسئلة عديدة، ما يحيل إلى صعوبة مساره التأسيسي وإمكانية نجاحه.

موروث فترة ترمب

قبل تصريحات العاهل الأردني الأخيرة، شاعت سنة 2019 أنباء عن مساعي إدارة ترمب الحثيثة في محاولة لإنشاء تحالف أمني وسياسي جديد مع ست دول خليجية عربية إضافة إلى مصر والأردن، تحت مسمى "التحالف الاستراتيجي الشرق أوسط-ميسا"، وذلك لخلق توازن إقليمي ومواجهة توسع إيران في المنطقة.

وتحدث مسؤولون أمريكيون وقتها عن أن البيت الأبيض يريد أن يرى تعاوناً أعمق بين تلك البلدان، في مجال الدفاع الصاروخي والتدريب العسكري ومكافحة الإرهاب، كما قضايا أخرى مثل تعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية.

وحسبما ذكرت وكالة رويترز وقتها، أن خطوة مماثلة كانت قد طرحتها الرياض، قبيل زيارة ترمب التاريخية للملكة العربية، سنة 2017، والتي شملت صفقات تسليح بلغت حسب التقديرات 380 مليار دولار. وتركز تصور إدارة ترمب للحلف المفترض على العمل بشكل مشترك مع الإمارات والسعودية لحقيق هذا الهدف.

وشمل هذا التصور محاولة لتأكيد التحالف العربي الذي قاد الحرب في اليمن، ومأسسته. إذ أعلنت السعودية في سنة 2015 إطلاق عملية "عاصفة الحزم" لمواجهة جماعة الحوثي المدعومة إيرانياً في اليمن، وتمكنت وقتها من جمع تحالف شاركت فيه دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر والمغرب والأردن والسودان.

هل تنجح فكرة "الناتو العربي"؟

تجادل الكاتبة والمحللة العراقية داليا العقيدي، في مقال لها حول الحاجة إلى تأسيس "ناتو عربي"، بأن "الصراع الأمريكي والأوروبي مع روسيا أبزر أهمية الناتو في حماية أعضائه من أي تهديدات عسكرية محتملة، ومنه يجب أن تطرح فكرة تحالف عربي مماثل لمنع أي أعمال عدوانية ضد دوله".

ومنه تخلص العقيدي إلى "وجود حاجة ماسة إلى تحالف عربي نشط لردع التهديد الإيراني الحقيقي والنفوذ والتدخل الروسي المستقبلي في المنطقة"، إذ إن "الخطة العسكرية الدفاعية الموحدة، ونشر أنظمة صاروخية فعالة في دول هذا التحالف، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وقوة متعددة الجنسيات جاهزة للعمل، ستكون مثالية لتأمين المنطقة بأكملها ومواجهة الإرهاب المتطرف".

ومع هذه الحاجة، فإن رهانات كبيرة تواجه مشروعاً مماثلاً في المنطقة، أبرزها عدم التوافق العربي حول عدة ملفات إقليمية واستراتيجية. إذ حتى وإن قام هذا "الناتو العربي" على نواة ضيقة وصلبة نوعاً ما، مثل دول مجلس التعاون الخليجي، فإن الأزمة القطرية السعودية الإماراتية التي عرفها المجلس قبل سنوات كفيلة لتظهر هشاشة التصور.

هذا ما تؤكده مقالة سابقة لمعهد الدوحة، والتي خلصت إلى أنه "من الصعب رؤية اتفاق حول بنود للدفاع المشترك، على غرار المادة 5 لحلف الناتو التي تنص على أن الهجوم على أي عضو هو هجوم على الجميع، يمكن الاتفاق عليها أو وضعها موضع التنفيذ".

هذا ويسلط الكاتب حسن أبو هنية الضوء، في مقال أخير له حول الموضوع، على أن اقتصار الحلف على الدول السنية سيعزز "حالة الاستقطاب والانقسام في المنطقة على أسس طائفية، وهذا أمرٌ خطير، يضع كل الشيعة العرب مع العراق وسوريا (تقعان تحت النفوذ الإيراني) على حدود مواجهة خطيرة مع الناتو المفترض، ما يعقّد المشهد الإقليمي، ويدفعه نحو حافّة الهاوية".

TRT عربي