(AA)
تابعنا

قبل أيام من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية اللبية، التي ستُعقد في 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري، لايزال قرار إجرائها في الموعد من عدمه محطَّ تساؤل لم يُحسَم بعد، كما يحتدم نقاش بين الأطراف المتبارية فيها.

ومن الناحية التقنية فالمفوضية الليبية لم تلتزم المواعيد التي تحددها رزنامة الانتخابات، إذ لم تفصح عن لوائحها النهائية، فيما كان من المفترض أن تنتهي مرحلة تقديم الطعون على المرشحين للرئاسة والبتّ فيها نهائياً يوم السبت 4 ديسمبر/كانون الأول، وفي اليوم التالي تعلن المفوضية العليا للانتخابات القائمة النهائية للمرشحين، ليتبقى نحو 20 يوماً لفترة الدعاية الانتخابية.

في المقابل تحذر تقارير دولية عديدة من تحوُّل السباق الانتخابي المرتقَب إلى نزاع مسلَّح، يُسقِط البلاد في براثن ما تحاول الخروج منه عبر هذه الانتخابات، معلّلةً ذلك بتجدد الاشتباكات على الأرض، وانقسام المصالح الأجنبية مجدَّداً حول المرشحين.

جدل التأجيل

في حديثه لوكالة الأناضول الأحد، نفى رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح أن يكون للمفوضية العليا للانتخابات الليبية "أي مشكلة فنية في إجراء الانتخابات بموعدها" يوم 24 ديسمبر/كانون الأول. يأتي ذلك رداً على تصريحات رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة متابعة العملية الانتخابية الهادي الصغير، بـ "حتمية" تأجيل الانتخابات.

وقال السايح: "فنياً ليست لدينا أي مشكلة في إجراء الانتخابات في موعدها"، مضيفاً أنه في حال تأجيل الانتخابات فإن "مجلس النواب هو من يعلن لا المفوضية"، لأنه "ليس من اختصاصنا الإعلان عن التأجيل، ومن أصدر أمر التنفيذ هو من يصدر أمر الوقف وهو من يقرر يوم الاقتراع، فما بالك بقرار التأجيل؟"، بلا مزيد من التفاصيل. فيما يفشي هذا الحديث عن الخلاف القائم بين المفوضية والبرلمان حول هذا الأمر.

وكان رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة متابعة العملية الانتخابية الهادي الصغير، صرح يوم الجمعة بأن "تأجيل الانتخابات بات أمراً محسوماً وواقعاً" وفق ما نقلته قناة "فبراير" الليبية، لصلاحيتها في إدارة العملية الانتخابية، فهي "المسؤولة أمام الليبيين عن إعلان إمكانية الوفاء بموعد الاستحقاق الانتخابي المحدد من عدمه" وفق ما أكده بيان سابق لها. وكشف الهادي الصغير أنه "في 27 ديسمبر/كانون الأول سيعقد مجلس النواب جلسة علنية بالتنسيق مع المفوضية للإعلان عن الموعد الرسمي للانتخابات".

وأضاف الصغير أن "الإعلان الرسمي عن تأجيل الانتخابات سيرافقه الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة ترضي جميع الأطراف"، الأمر الذي يعني عزم مجموعة من النواب على إزاحة رئيس الحكومة الحالي عبد الحميد الدبيبة. ذلك ما أكده عضو مجلس النواب سعيد امغي، في حديث لموقع "الحرة" الأمريكي، قائلاً إن "الجلسة البرلمانية المقبلة تهدف إلى إزاحة عبد الحميد الدبيبة (رئيس الحكومة) من الحكم لتكليف شخصية جديدة تشكيل الحكومة، عملا بمقررات جنيف".

وعرفت مدينتا بنغازي وطرابلس وقفات احتجاجية منددة بتأجيل الانتخابات ومطالبة بإجرائها في موعدها. ورفع المحتجون لافتات كُتب عليها “لا لتأجيل الانتخابات” و”يجب القبول بنتائج الانتخابات”. وصرحت فائزة القذافي، عضو حملة “لا لتأجيل الانتخابات”، لوكالة الأناضول بقولها: “نطالب بعدم تأجيل الانتخابات، وإن حدث فيجب أن يكون تأجيلاً فنياً لاستعداد المترشحين للانتخابات الرئاسية والنيابية”. وأضافت: “لا نسمح بتأجيل الانتخابات لفترات طويلة، لأن التأجيل فيه ضرر على ليبيا وينتج عنه تَشَظٍّ وانقسام، نطالب بالانتخابات في موعدها حتى ترجع لليبيا سيادتها”.

تهديدات بالعودة إلى الحرب

في تقرير نشرته جريدة “إندبندنت أون صاندي” البريطانية بعنوان "لماذا قد تقود الانتخابات الليبية إلى التحريض على العنف الذي كان من المفترض أن تنهيه؟"، قال كاتبه إنه "أياً كان الحال، عُقدت (الانتخابات) أم لم تُعقَد، فهناك مخاطر من العنف السياسي". واستند الكاتب في ذلك إلى عدد من المؤشرات على الأرض، أبرزها انتشار المسلحين من جديد والتراشق بينهم بالتهديدات. كذلك "تحشد القوات الموالية لخليفة حفتر، المرشح نفسه، قواتها في الجنوب قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ترعاها الأمم المتحدة".

في ذات السياق نشبت اشتباكات عنيفة مؤخراً بين قوات خليفة حفتر والكتيبة 116 المنشقَّة عنه بمدينة سبها جنوبي البلاد، بعد استيلاء الأولى على سيارات للشرطة كانت أرسلتها حكومة الوحدة إلى أمن المدينة. فيما يرجح مراقبون وجود تقارب غير معلن بين الكتيبة المنشقة التي تسيطر على المدينة وأنصار سيف الإسلام القذافي، معلّلين ذلك بدخول القذافي سبها في وضح النهار في بحماية أمنية، وتقديمه أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية ثم مغادرتها.

وتقول تقارير إن الاشتباكات الأخيرة كشفت أن الصراع بين القذافي الابن وحفتر في تصاعد، ومحتمَل في أي لحظة أن يتحول إلى حرب مفتوحة بين الطرفين، مع عزم سيف الإسلام والقبال المناصرة له على طرد قوات حفتر من الجنوب. كما كشف عن تغيُّر محتمَل في خارطة الرهانات الدولية على الأطراف المتنازعة في ليبيا، مع إشارات إلى دعم روسيا لابن الرئيس المخلوع، وفي المقابل عداء واشنطن له.

ويعتبر تقرير لوكالة أناضول أن "هذا الخلاف الأمريكي-الروسي بشأن ترشُّح سيف الإسلام القذافي للرئاسيات، سبب آخر لتأجيل الانتخابات". وينقل عن تصريحات رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية خالد المشري قوله: "التدخل الخارجي في الانتخابات الليبية وصل إلى حد غير مقبول". ويخلص التقرير في ختامه إلى أن "تأجيل الانتخابات عن موعد 24 ديسمبر/كانون الأول قد يؤخّر انفجار القتال في الجنوب بين مليشيات حفتر و أنصار القذافي المدعومين من روسيا، لكنه لا يقدّم حلولاً للمستقبل".

TRT عربي