رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق سعيد شنقريحة (إعلام جزائري)
تابعنا

رسائل استراتيجية قوية تلك التي بعثتها المناورات العسكرية المشتركة "أسد إفريقيا 2021" بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية إلى العالم. خصوصاً وهي تأتي بزمن التوتر العالي بالمنطقة عقب الأزمة الدبلوماسية للمغرب مع جارتها الشمالية على خلفية قضيَّة إبراهيم غالي زعيم حركة بوليساريو الانفصالية الذي استقبلته إسبانيا للعلاج على أراضيها، ما استفز المغرب وأطلق العنان لخطوات تصعيدية متبادلة بين الجانبين.

في غضون كل هذه التوترات لم تكن الجزائر بمعزل عنها، كيف لا وهي الداعم الرئيسي للحركة الانفصاليَّة المذكورة. اليوم يحل قائد الجيش الجزائري الفريق سعيد شنقريحة ضيفاً على موسكو، في زيارة ظاهرها المشاركة في مؤتمر أمني، كما تبطن في ذات الوقت انشغالات الجيش الجزائري للمتغيرات الطارئة في المنطقة، وردة فعل على التحركات المغربية-الأمريكية الأخيرة حسب مراقبين.

رسائل "الأسد الإفريقي"

تأتي المنوارات المغربية-الأمريكية التي اختتمت مجرياتها قبل أيام استئنافاً لمحطة تدريبية اعتاد الجيشان إقامتها سنوياً، تعطلت نسختها السابقة نظراً إلى الأزمة الصحيَّة التي اجتاحت العالم السنة الماضية. كما تحل هذه السنة في خضمِّ توتر عام يسود المنطقة المغاربية، مع نفي مراقبين أي اعتبارات مرحلية لها، مشددين على روابط التعاون العسكري القديمة التي تربط المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية. ما يؤكد ذلك الاتفاق العسكري الذي وُقِّع بين الدولتين السنة الماضية ويمتد من 2020 إلى 2030، لتقوية التعاون العسكري والأمني ودعم تعزيز الصناعة العسكرية بالمغرب.

فيما يقرأ محللون في الأمر رسائل ضمنها كون المناورات "شاهداً على استمرارية السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه المغرب"، كما ورد عل لسان ريتشارد ويتز مدير مركز التحليل السياسي والعسكري التابع لمعهد هدسون الأمريكي. وأضاف المتحدِّث أن "إدارة بايدن تواصل مسار إدارة ترمب في دعم الوحدة الترابية للمغرب على وجه الخصوص في مواجهة التطرف والنزعة الانفصالية".

ويرى هشام معتضد الأكاديمي والمحلل السياسي أن مناورات "الأسد الإفريقي" تترجم مدى عمق التقارب والتعاون العسكري بين الرباط وواشنطن، اللذان "يزعجان أعداء المغرب ويربكان حسابات العديد من المنافسين العسكريين له في المنطقة، بخاصة أن هذه المناورات السنوية تبعث رسائل مهمة حول التموقع الاستراتيجي للجيش المغربي في المنقطة وترفع من مراتبه على مستوى مؤشرات التنافس العسكري".

وتواردت أخبار بأن المناورات المذكورة تضمَّنت تنفيذ محاكاة عملية حربيَّة تستهدف تدمير منظومات الدفاع الجوي الروسية S-400، إذ استعمل في ذلك عتاد عسكري متنوع، بما فيه قاذفة "بي 52" الأمريكية الشهيرة وطائرات F-16 ونظام هيمارس الذي يستعمل كلاً من الصواريخ الباليستية التكتيكية قصيرة المدى التي لا يتعدى مداها 300كم لضرب أهداف استراتيجية، وكذلك صواريخ دقيقة على بعد 80 كم.

شنقريحة في موسكو

في هذا السياق أعلنت الجزائر بدء رئيس أركان جيشها الفريق سعيد شنقريحة أمس الاثنين زيارة إلى روسيا بدعوة من وزير دفاعها سيرجي شويجو. هذه الزيارة التي سيشارك من خلالها في فاعليات الندوة التاسعة للأمن الدولي التي تنظمها موسكو يومي 23 و24 يونيو/حزيران الجاري بموسكو.

وكانت قد أعلنت قبل ذلك الخميس الماضي استقبال شنقريحة لمدير المصلحة الفيدرالية للتعاون العسكري والتقني الروسي ديميتري شوجاييف الرئيس المشترك للجنة الحكومية الجزائرية-الروسية المكلفة التعاون العسكري والتقني. وتناولت المحادثات بين الطرفين “مختلف جوانب التعاون العسكري والتقني وسبل تطويرها وتنويعها وتعزيزها أكثر"، حسب بيان وزارة الدفاع الجزائرية.

بوقت يتوقع فيه مراقبون الحضور البارز للمناورات المغربية-الأمريكية على طاولة النقاش الجزائري-الروسي، خصوصاً مع أنباء محاكاة تدريبية لتدمير منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 التي يروج امتلاكها من قبل الجزائر، كما أن المحاكاة المذكورة تضمنت هجومات من البلد المعادي المفترض الذي تمتد خارطته الافتراضية إلى شمال الجزائر وليبيا.

بالمقابل وفي حديث له لـTRT عربي يقول أكرم خريف الخبير الأمني والمحلل العسكري الجزائري إن "من الصعب معرفة ما سيكون على طاولة النقاش بين رئيس الأركان سعيد شنقريحة ونظرائه الروس". فيما تأتي هذه الزيارة حسب المتحدث "بشكل روتيني، إذ دأبت الشخصيات الجزائرية المهمة على حضور ندوة الأمن الدولي بدعوة من روسيا البلد المنظم لها".

ويضيف ذات المتحدث أن: "مناورات الأسد الإفريقي من الممكن أن تكون حاضرة خلال المحادثات، لكن ضمن قضايا أخرى استراتيجية كالقضية الليبية وتطوراتها الأخيرة أو مستجدات ما يجري في الساحل". ومن الممكن أيضاً "أن تتضمن أجندة الزيارة صفقات شراء أسلحة روسية جديدة"، يختم خريف حديثه لـTRT عربي.

TRT عربي