استفزازات بين الجيشين البيلاروسي والبولندي (Others)
تابعنا

في خطوة مفاجئة أشبه بتهديد نيكسون الاتحاد السوفييتي بطائرات "B-52" النووية في أثناء حرب فيتنام، أرسلت روسيا قاذفتين نوويتين من سربها في دوريات بالأجواء البيلاروسية. يأتي هذا التحرك في وقت بلغت فيه الأزمة بين مينسك وبروكسل أعلى مستويات توترها، كما لا يزال التوتر يتصاعد في علاقات موسكو بحلف الناتو.

من جهة أخرى حذّر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بورويل، من "الأخطار" المحدقة بأوروبا جرَّاء التحركات الروسية والبيلاروسية. وكشفت وثيقة عنه اتجاهه نحو اقتراح تشكيل قوة أوروبية مشتركة لا يخضع تحركها لإجماع الدول الأعضاء.

تنذر هذه التحركات مجتمعةً بتعقيد أكثر للوضع، مهدّدةً بانزلاقه نحو مواجهة عسكرية مفتوحة. فيما تتزايد اتهامات المعارضة البيلاروسية لنظام لوكاشينكو بأنه "يسعى لتحويل المنطقة إلى جبهة حرب، ويجند المهاجرين لتنفيذ عمليات عدائية ضد أوروبا".

تلويح بالسلاح الروسي

في خطوة لإظهار دعمها العسكري لبيلاروسيا، كما تبعث من خلالها برسالة إلى دول الاتحاد الأوروبي المجتمعين لتدارس عقوبات جديدة على مينسك، قرّرَت موسكو الأربعاء إرسال قاذفتين استراتيجيتين بقدرات نووية لتنفيذ دورية في المجال الجوي البيلاروسي.

يأتي هذا القرار بعد مضي أقلّ من شهر على توقيع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو ونظيره البيلاروسي فيكتور خرينين على بروتوكولات لتمديد شروط الاتفاقيات الخاصة بنشر منشأتين عسكريتين روسيتين على أراضي بيلاروسيا.

وصرح شويغو في هذا الصدد بأن هذه البروتوكولات تهمّ "تمديد شروط الاتفاقات الخاصة بنشر منشأتين عسكريتين روسيتين على أراضي جمهورية بيلاروسيا، وهي مركز إنذار الهجوم الصاروخي في مدينة بارانوفيتشي ومحطة إرسال لا سلكي تابعة لسلاح البحرية في مدينة فيليكا"، مضيفاً أن هذا التمديد "أكد مرة أخرى وحدة توجهات وزارتي الدفاع في روسيا وبيلاروسيا للتعاون في مجال الدفاع، وتركيزها على حلّ المهامّ العملية لضمان الأمن العسكري لدولة الاتحاد الروسية البيلاروسية".

وعلّق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على الأزمة الحاصلة بأنه يتمنى من المسؤولين الأوروبيين أن "لا يسمحوا لأنفسهم بالوقوع في منزلق خطير نحو العنف".

"إنه يسلّح المهاجرين ضدّ أوروبا!"

فيما تستمر اتهامات المعارضة البيلاروسية نظام لوكاشينكو بجر المنطقة إلى الحرب موظفاً المهاجرين في شنّ هجمة على الاتحاد الأوروبي. بل وذهبت هذه الاتهامات إلى أن مينسك تدرّب ذوي الخبرات العسكرية من عراقيين وأفغان لتهريبهم إلى أوروبا من أجل تنفيذ عملية إرهابية على أراضيها.

ونقلاً عن موقع "Euobserver"، قال المعارض البيلاروسي ووزير الثقافة السابق بافل لاتوشكا، إن "ألكسندر لوكاشينكو يوظف أزمة المهاجرين الحالية لاختراق الأراضي الأوروبية بأفراد ذوي خبرات عسكرية تدرّبهم بيلاروسيا على عمليات إرهابية"، مضيفاً أنه "يسعى لإعلان حرب في المنطقة، محاولاً تسويق القضية كأنها أزمة إنسانية أوروبا هي الملوم فيها".

واتهم المسؤول البيلاروسي الحكومي السابق حكومة بلاده بأنها تدرب أفراداً من جنسيات أفغانية وعراقية على تنفيذ ذلك المخطط، وقال إنها معلومات سُرّبت له من مصادر مخابرات لوكاشينكو "كشف أسمائها قد يعرّض حياتهم للخطر". وتفيد تلك المعلومات بأن "القوات الخاصة البيلاروسية (مارجينا هوركا) معزَّزةً بمستشارين عسكريين روس، يتولون ذلك التدريب في قواعد بطاجيكيستان". وشدّد لاتوشكا على أنهم "يجهّزون لموجهات مسلَّحة على الحدود الأوروبية".

أوروبا تُعِدّ نفسها للحرب

على ما يبدو أن الجانب الأوروبي، هو الآخر، يتبنّى فرضية وقوع هجوم مسلح. هذا ما ورد على لسان المتحدث باسم الحكومة البولندية بيوتر مولر، في أثناء تصريح صحفي يوم الاثنين بأن "الحكومة البولندية تتوقع حدوث مواجهات مسلَّحة في أي وقت على الحدود البولندية". كما اعتبر رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميتشل، أن ما يحدث هناك "هجوم هجين تشنُّه الحكومة البيلاروسية على الاتحاد".

واجتمع الممثل الدائم البولندي لدى الاتحاد الأوروبي أندرجي سادوش، بنظرائه من الدول الـ26 لإطلاعهم على تطورات الوضع، في اجتماع جرى خلف أبواب مغلقة، ينقل الـ"Euobserver" على لسان لسان مسؤول أوروبي حضره، أنه "لم يحدث تبادل إطلاق نار حتى الآن، لكن بين الجنود استفزازات كثيرة، إذ حشد عناصر بيلاروسيون أسلحتهم بالقرب من القوات البولندية وصوّبوها نحوهم".

أمام هذا الواقع، وحسب وثيقة لوزير الخارجية الأوروبي جوزيف بورويل، يتدارس الاتحاد مقترح تشكيل قوة عسكرية قوامها 5000 جندي، مشترطاً أن لا يُرتهن تحركها بإجماع الدول الأعضاء. وحذّر بورويل في تصريح صحفي الأربعاء من أن "أوروبا في خطر، ونحن بحاجة إلى قدرات انتشار سريع"، مضيفاً أن وزراء الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي سيبحثون القضية يوم الاثنين بهدف الاتفاق على وثيقة سياسية نهائية في مارس/آذار السنة القادمة.

في المقابل يأتي التوتر الحاصل على الحدود الأوروبية في وقت يتصاعد فيه الخلاف بين روسيا وحلف الناتو، على خلفية اتهام هذا الأخير موسكو بالتجسُّس عليه انطلاقاً من بعثتها لديه وطرده أفراد البعثة الثمانية، وهو ما ردّت عليه خارجية الكرملين بقطع علاقاتها مع الحلف وإغلاق مكتبها هناك. كذلك يتزايد السباق الاستراتيجي بين الطرفين على الحدود بينهما.

TRT عربي