ضمانات أمنية وتعديلات على الأسلحة.. كيف يحارب الغرب روسيا دون أن يحاربها؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

شنت القوات الأوكرانية يوم الثلاثاء هجمات جديدة على مواقع عسكرية داخل الأراضي الروسية، استهدفت باستخدام طائرات مسيرة مهبطاً للطائرات في منطقة كورسك الروسية المحاذية لأوكرانيا. ويأتي هذا الهجوم بعد آخَر نفذته كييف الاثنين، على موقعين في الداخل الروسي يبعدان مئات الكيلومترات من الحدود.

وحذّرت روسيا من تواصل هذه الأعمال العسكرية ضد أراضيها، ملوّحة برفع الحظر عن نشر صواريخها المتوسطة وبعيدة المدى، بما سيشكّل تهديداً مباشراً لدول أوروبا الغربية والولايات المتحدة. إضافة إلى ذلك صعّدَت روسيا ضرباتها الصاروخية على الأهداف الأوكرانية، محذّرة الغرب من "اختبار صبرها".

وردّاً على هذه التطورات الميدانية، سعى الغرب لنفي تشجيعه كييف على مثل هذه العمليات، وطالبت فرنسا بمنح موسكو ضمانات أمنية لإعادتها إلى طاولة المفاوضات. وليست هذه أول مرة يتعمد فيها الغرب كبح القوة العسكرية للأوكرانيين، إذ كشفت تقارير صحفية عن تعديله الأسلحة التي زوّدهم بها، من أجل الحدّ من قدراتها العسكرية، مما يدفع إلى السؤال عما "إذا كان الحلفاء الغربيون يحاربون روسيا دون أن يحاربوها".

هجمات أوكرانية في عمق روسيا

أكّد حاكم محلي في كورسك الروسية يوم الثلاثاء، أن طائرة مسيّرة استهدفت مهبطاً للطائرات بالمنطقة المحاذية لأوكرانيا. وقال الحاكم رومان ستاروفويت على وسائل التواصل الاجتماعي: "نتيجة هجوم بطائرة مسيّرة على منطقة مهبط كورسك للطائرات، اندلعت النيران في خزان للنفط. لم يسقط أي ضحايا".

يأتي هذا الهجوم بعد استهداف طائرات مسيرة مواقع روسية يوم الاثنين. وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت أن كييف "حاولت ضرب" قاعدة ياغيليفو الجوية في منطقة ريازان وقاعدة إنغلز الجوية في منطقة ساراتوف باستخدام "مسيّرات سوفييتية الصنع".

وأعلن بيان الوزارة اعتراض المسيرات، لكن الحطام سقط وانفجر في القاعدتين الجويتين، فأدّى إلى مقتل ثلاثة جنود وأصيب أربعة بجروح.

ولم تعلن أوكرانيا مباشرةً مسؤوليتها عن أي من الهجمات، مع أن عدداً من مسؤوليها لمّح إلى هذا. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن مسؤول أوكراني رفيع، أن الطائرات المسيرة المشاركة في هجمات الاثنين انطلقت من الأراضي الأوكرانية، وأن واحدة على الأقلّ من الضربات نُفّذَت بمساعدة قوات خاصة قريبة من القاعدة.

"لم نشجّع الأوكرانيين"

وأمام هذه الاتهامات الروسية نفت واشنطن أن تكون شجّعَت كييف على ضرب الداخل الروسي، وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في تصريح للصحفيين: "لم نشجّع ولم نمكّن الأوكرانيين من تنفيذ ضربات داخل روسيا"، لكنه أضاف أن "المهمّ أن نفهم ما يعانيه الأوكرانيون يومياً جرَّاء العدوان الروسي المستمرّ".

واتهم المسؤول الأمريكي روسيا بـ"استخدام الشتاء كسلاح" في حربها ضد كييف، عبر ضرب البنى التحتية المدنية الأوكرانية، مؤكداً أن الإدارة الأمريكية "تحرص على أن يكون بين أيديهم التجهيزات التي يحتاجون إليها للدفاع عن أنفسهم وأرضهم وحريتهم"، في إشارة إلى الأوكرانيين.

وقبلها، خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء، تلافى الناطق الرسمي باسم خارجية واشنطن التعليق على الهجمات، واكتفى بقوله: "نزوّد أوكرانيا بما تحتاج إلى استخدامه على أراضيها ذات السيادة، على التراب الأوكراني، لمواجهة المعتدين الروس".

في ذات السياق قالت وزارة الدفاع البريطانية في تقييم استخباراتي صدر الثلاثاء: "إذا قدّرَت روسيا أن الحوادث كانت هجمات متعمدة، فمن المحتمل أن تعتبرها بعضاً من أهمّ الإخفاقات الاستراتيجية لحماية القوة منذ غزوها أوكرانيا".

أسلحة غربية معدَّلة

وكشفت تقارير صحفية أن الغرب يعدّل عمداً خصائص الأسلحة الممنوحة لأوكرانيا، وهو ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن مسؤولي دفاع أمريكيين، بأن بلادهم عدلت سرّاً راجمات الصواريخ المتطورة من فئة "هيمارس" التي أرسلتها إلى أوكرانيا، لمنع كييف من ضرب العمق الروسي، وبالتالي تصعيد الحرب إلى مستويات أوسع قد ينتج عنها مواجهة مباشرة بين موسكو وواشنطن.

ومنذ يونيو/حزيران الماضي قدّمَت الولايات المتحدة لأوكرانيا 20 راجمة "هيمارس". ومع ذلك عُدّلَت لأول مرة لتصبح غير قادرة على إطلاق صواريخ نظام الأسلحة التكتيكية للجيش (ATACMS)، التي يبلغ مداها 200 ميل، الأمر الذي رأى فيه المسؤولون الأمريكيون إجراءً احترازياً تقول إدارة بايدن إنه ضروري للحدّ من مخاطر اندلاع حرب أوسع مع موسكو.

وقالت "وول ستريت جورنال" إن هذه التعديلات التي لم يُكشف عنها سابقاً، "تُظهِر سعي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لموازنة دعمها للقوات الأوكرانية مقابل خطر التصعيد مع موسكو، كما تعكس مخاوف مسؤولي الإدارة من أن شريكهم الأوكراني قد يتوقف عن الوفاء بوعده بعدم ضرب الأراضي الروسية بأسلحة مقدَّمة من الولايات المتحدة".

ضمانات أمنية لروسيا

ويتخوف الغرب من اتساع رقعة النزاع إلى خارج حدود أوكرانيا، وهو ما عبّر عنه الرئيس الفرنسي ماكرون في تصريحات أخيرة له السبت، قال فيها إن هندسة الأمن المستقبلية في أوروبا يجب أن تشمل ضمانات لروسيا.

وأوضح ماكرون خلال مقابلة أجرتها معه قناة TF1: "يجب أن نفكر في الهيكل الأمني ​​الذي سنعيش في ظله غداً. نحن نتحدث بشكل خاص عن كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الناتو يقترب من حدود روسيا، وينشر أسلحة يمكن أن تهددها".

مضيفاً أن "هذه المسألة ستكون جزءاً من المناقشات حول السلام، ونحن بحاجة إلى الاستعداد لما سيحدث بعد (النزاع الأوكراني) والتفكير في كيفية حماية حلفائنا، وفي الوقت نفسه منح روسيا ضمانات أمنية عند العودة إلى طاولة المفاوضات".

TRT عربي
الأكثر تداولاً