عزيز أخنوش يسعى لرئاسة الحكومة المغربية (Mosa'ab Elshamy/AP)
تابعنا

بحملة لم يعهد لها سابق من حيث القوة طول تاريخ الانتخابات المغربية، إذ رصدت لها وسائل لوجستية وتواصلية وتمويلات ضخمة "عجز حتى أصحاب المال الانتخابي التقليديين عن مجاراة إنفاقها" حسب ما اعترف به منافسوها، هكذا دخل عزيز أخنوش وحزبه "التجمع الوطني للأحرار" معترك التشريعيات المغربية والعين على مقعد رئاسة الحكومة.

من جانبه سعى الإعلام المحلي والدولي لتقديم الرجل خليفة مرتقباً لرئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني، هو الذي قضى إلى جانبه خمس سنوات في حقيبة الفلاحة. فيما لا تزال الشبهات تحوم حول طريقة اغتناء أخنوش والأرباح التي جناها من رفع الدعم على المحروقات، وفقاً لما صرَّح به مراقبون على رأسهم رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بن كيران.

مَن عزيز أخنوش؟

ولد عزيز أخنوش سنة 1961 بنواحي مدينة تافراوت (جنوب المغرب)، لعائلة بدأت تشق طريقها في عالم المال والأعمال، فأبوه كان قد أسس وقتها مجموعة "آكوا" القابضة التي سيصبح على رأسها الابن "إمبراطور المحروقات" بالمغرب.

سنة 1986 تخرَّج في جامعة شيربروك الكندية التي حصل منها على ماجيستير في إدارة الأعمال، وعاد إلى المغرب ليترأس شركات والده، قبل أن يخوض معترك السياسة سنة 2003 بعد أن انتخب لرئاسة مجلس جهة سوس. في سنة 2007 سيجري تعيينه وزيراً للفلاحة بالمغرب، الحقيبة التي سيشغلها داخل ثلاث حكومات متتالية.

سنة 2016 سينتمي لأول مرة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار الذي سينتخبه أميناً عاماً عليه. فيما تعد الانتخابات الجارية أول استحقاق يدخله أخنوش بصفته الحزبية، إذ أطلق حملة هائلة رصدت لها وسائل لوجيستية ومالية ضخمة، بجوار مجهود تواصلي وإشهاري ضخم.

إمبراطورية المحروقات

يعد عزيز أخنوش أحد أبرز مليارديرات المغرب، فتبلغ ثروته مليارَي دولار أمريكي، حسب مجلة فوربس المختصة في هذا الشأن، والتي تنصبه في المركز الـ12 بترتيب أغنياء القارة الإفريقية. بالمقابل وعندما يجري الحديث عن ثروة أخنوش غالباً ما يشار بأصابع الشبهة إليها، آخرها ما أعلنه عبد الإله بن كيران في خرجته الإعلامية بأن "مصادر ثروة أخنوش تحوم حولها شبهات كثيرة".

على رأس هذه الشبهات ما عرف إعلامياً بقضية "17 مليار درهم"، التي ربحتها شركات المحروقات بعد تحرير سعرها من قبضة الحكومة. إذ حافظت هذه الشركات بتواطؤ فيما بينها على أسعار مرتفعة، جانية ما يقارب درهماً من الأرباح على كل لتر منها حسب ما أوردت لجنة التحقيق البرلمانية.

وربط وقتها عدد من البرلمانيين بين الارتفاع الملحوظ في ثروة أخنوش وتحرير سعر المحروقات، فيما أحال البرلمان تحقيقه إلى المجلس الأعلى للمنافسة الذي لم يبث حتى الآن في ملابسات القضية.

هذا وتستحوذ مجموعة "آكوا" القابضة على حصة 40% من السوق المغربية للمحروقات، و45% من سوق غاز البوتان، و62% من سوق الغاز النفطي المسال. ما يجع صاحبها، وبلا منازع "إمبراطور المحروقات" بالبلاد، يقول مراقبون.

حملة انتخابية غير مسبوقة

رصد عزيز أخنوش لحملته الانتخابية اعتمادات مالية ضخمة، بجانب وسائل لوجيستية وتواصلية لم يعهد لها مثيل في الانتخابات المغربية. إذ صرفت الحملة على إشهارات منصة فيسبوك وحدها نحو 280 ألف دولار أمريكي. في هذا الصدد يقول عبد الحق صبري الصحفي المغربي المختص في تحليل معطيات وسائل التواصل الاجتماعي إنه يوجد "تفاوت كبير في حجم إنفاق الأحزاب المغربية على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الخاصة بالإعلانات، لوجود أحزاب ركزت بشكل كبير على الشبكات الاجتماعية، وعلى رأسها حزب التجمع الوطني للأحرار".

هذا الحزب "الذي أولى أهمية كبرى لحضوره الرقمي ولاحظنا منذ سنة 2019 بروزه بشكل كبير على موقعي الفيسبوك والإنستغرام" يقول صبري في حديثه لـTRT عربي. "إذ جرى تخصيص ميزانية ضخمة وفريق متخصص في إنتاج المحتوى التواصلي طوال سنتين من الزمن، وهذا في اعتقادي أمر لاتستطيع كل الأحزاب مواكبته، لأنه يحتاج إلى استثمار يفوق حجم إمكانياتها المادية والبشرية".

ولإشعاع هذه الحملة وضخامتها يقول مراقبون جعلت من شرائحة واسعة تظن بأن الطريق سالك أمام أخنوش لقطف رئاسة الحكومة. الأمر الذي استغرب له عبد الإله بن كيران في ظهوره الإعلامي إذ تساءل "لما يجري الاحتفاء بأخنوش إعلامياً كأنه فاز برئاسة الحكومة؟".

بل وجرى الترويج للأمر على الصحافة الأوروبية، إذ كتبت "لوفيغارو" الفرنسية: "أخنوش رياح معاكسة لحزب العدالة والتنمية"، وكتبت "ذا تايمز" البريطانية: "يبدو أن لحظة تولي رجل الأعمال والملياردير المغربي عزيز أخنوش، صديق الملك، رئاسة الوزراء قد حانت وأن حزبه، التجمع الوطني للأحرار، يقترب من الفوز في الانتخابات العامة هذا الأسبوع". وفي ذات السياق أيَّد رئيس الوزراء الفرنسي السابق إيمانويل فالس، آخنوش في مقال رأي نشره الأحد الماضي.

في هذا السياق يقرأ الصحفي المغربي نور الدين لشهب ظهور بنكيران السابق الذي تزامن مع مقال فالس. إذ صرَّح لـTRT عربي بأن حديث بنكيران يعني "أن جهات من الدولة ليست مطمئنة لأخنوش، وهي ترد على الجانب الفرنسي تبعاً للمقاربة الملكية بتنويع الشراكات الدولية"، فالشراكة مع فرنسا واحدة من هذه الشراكات ولا تمنحها الحق للإدلاء بالرأي في الشؤون المغربية الداخلية حسب ما ورد في الخطاب الملكي الأخير.

بالمقابل يجمع المحللون للشأن الداخلي بالمغرب خاصة في شقه المتعلق بالعملية الانتخابية، على أن تعديل القاسم الانتخابي لن يمنح أياً من المتبارين فيها أفضلية الاكتساح أو الانفراد في المقدمة بفارق كبير عن المركز الثاني. بل ستكون النتائج متقاربة كما سنشاهد تحالفات أكثر وسعاً خلال تشكيل الحكومة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً