عقدان من الكراهية.. هل أسهمت الإسلاموفوبيا في توحيد مسلمي أمريكا انتخابياً؟ (Getty Images) (Others)
تابعنا

في أعقاب تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وما تلاها من موجة كراهية قوية ومتصاعدة معادية للمسلمين في أمريكا، اختار كثيرون من المسلمين الأمريكيين المشاركة في السياسة بشكل أكثر فاعلية، من أجل فضح الصور النمطية ومحاربة الكراهية وتعزيز الاندماج الاجتماعي والمشاركة المدنية.

فيما توجت انتخابات التجديد النصفي، التي عُقدت يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، هذه الجهود التي استمرت طوال العقدين الماضيين، وذلك بعدما فاز المسلمون الأمريكيون بما لا يقل عن 83 مقعداً في انتخابات التجديد النصفي المحلية والولائية والفيدرالية اعتباراً من صباح يوم الخميس، وفقاً لما نقلته صحيفة التايمز عن تحليل أجراه مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، وهي مجموعة حقوق مدنية ومناصرة.

يذكر أن انتصارات هذا العام تجاوزت الرقم القياسي السابق البالغ 71 الذي احتسبه مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية في عام 2020. وضمن المساعي لزيادة التمثيل السياسي للمسلمين في الولايات المتحدة، ترشح ما يقرب من 150 مسلماً أمريكياً هذا العام لمناصب مختلفة، بما في ذلك 51 مرشحاً تشريعياً للولاية في 23 ولاية.

تسلق السلم السياسي

نشرت صحيفة التايمز تغريدة الصحفي الفلسطيني داود كتّاب التي شارك فيها صوراً لبعض المرشحين المسلمين والعرب الذين فازوا على مستوى مجالس الولايات، وغرد فيها كاتباً: "أخيراً، يدرك العرب والمسلمون الأمريكيون أنك بحاجة إلى تسلق السلم السياسي بدءاً من المجالس التشريعية للولايات. الكل أدناه فائزون على مستوى الولاية في هذه الجولة".

وإلى جانب هذه الشخصيات البارزة، أصبح عديد من المسلمين أول ممثلين لمجتمعاتهم يدخلون مجالس الولاية. ففي الجمعية العامة لولاية إلينوي، فازت نبيلة سيد وعبد الناصر رشيد. وأصبح سلمان بوجاني وسليمان لالاني أول مسلمَين ينتخبان لعضوية المجلس التشريعي في تكساس. وفي جورجيا، أصبحت الأمريكية الفلسطينية روا رومان أول امرأة مسلمة تُنتخب لمجلس الدولة. وفيما انتخبت جورجيا أربعة أمريكيين مسلمين لدخول المكتب، فازت نبيلة إسلام، أمريكية مسلمة من بنغلاديش، لتصبح أول امرأة مسلمة وأول امرأة من جنوب آسيا يجرى انتخابها لعضوية مجلس الشيوخ في جورجيا.

وفي سياق متصل، قال محمد ميزوري، المدير التنفيذي لـ Jetpac - وهي منظمة غير ربحية تركز حول زيادة التمثيل السياسي للمسلمين في الولايات المتحدة: "مُشرع الولاية اليوم هو عضو الغد في الكونغرس". "إنه بالتأكيد خط أنابيب". مشيراً إلى أن إلهان عمر ورشيدة طليب وكيث إليسون خدموا جميعاً في المجالس التشريعية للولايات قبل أن يحرزوا مقعداً في الكونغرس. "لم يأتوا من العدم (...) أمضوا سنوات في بناء ثقة المجتمع (...) وبعد ذلك عندما قرروا الترشح للكونغرس عرف الناس من هم".

ما دور الإسلاموفوبيا؟

في أعقاب هجمات 11 سبتمبر انفجرت جرائم الكراهية ضد المسلمين وأوجدت "الحرب على الإرهاب" مناخاً من التمييز والخوف والتعصب" كما وصفها أحد مراكز التفكير ذات مرة بأنها حاصرت أتباع العقيدة الإسلامية في هذا البلد واستمرت لسنوات. بعد ذلك، تماماً كما بدا أن المشاعر المعادية للمسلمين في الولايات المتحدة تهدأ، انتُخب دونالد ترمب رئيساً في عام 2016 على أجندة وُصفت بأنها معادية للمسلمين بشكل علني، وأدى إلى تسريعها مرة أخرى.

ووفقاً لمجلة "نيوزويك"، قال الخبراء إن تجربة النضج في بيئة ما بعد 11 سبتمبر هذه هي التي جذبت جيلاً جديداً من الشباب المسلم إلى النشاط، وحفزتهم على استخدام أصواتهم في الساحات السياسية والثقافية لفضح المعلومات المضللة. إن كونهم وجدوا جمهوراً متقبلاً غير المجتمع المسلم يوحي إلى بعض المراقبين بأن عديداً من الأمريكيين يفهمون الآن أن الخطاب المعادي للإسلام الذي قُدّم لهم في السنوات الأخيرة قائم على أساطير وغير صحيح.

ونقلت مجلة "نيوزويك" قول المدعي العام لولاية مينيسوتا، كيث إليسون، الذي أصبح في عام 2007 أول مسلم يؤدي اليمين عضواً في الكونغرس، "ثبت أن الكارهين كاذبون".

واليوم، يميل معظم المسلمين بشكل كبير إلى الديمقراطيين، بخاصة وأن عديداً من الجمهوريين دعموا سياسات ساهمت في الإضرار بالمجتمع المسلم، بما في ذلك برامج المراقبة الشاملة والتنميط الديني. الأربعة المنتخبون للكونغرس حتى الآن من الديمقراطيين، حتى مع شعور بعض المسلمين بعدم الثقة تجاه الحزب، وفقاً للتايمز.

كراهية قابلها توحيد الصفوف

على الرغم من الصعود الأخير للأمريكيين المسلمين إلى مناصب بارزة، فإن إحصاءات مكتب التحقيقات الفيدرالي تظهر أن جرائم الكراهية ضد المسلمين تأتي في المرتبة الثانية بعد الحوادث المعادية للسامية. ففي السنوات التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر، نمت المشاعر المعادية للمسلمين في الولايات المتحدة. من عام 2000 إلى عام 2009، ارتفعت جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة 500%.

وفي استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب، قال ثلث الأمريكيين و62% من الجمهوريين، إنهم لن يصوتوا أبداً لمرشح مسلم لمنصب الرئيس، وهو أقل دعم إلى حد بعيد للأشخاص من أي دين في الاستطلاع.

ورغم الكراهية القوية على مدار العقدين الماضيين، اندمج الأمريكيون المسلمون أكثر في المشهد السياسي ونمت معها قوتهم السياسية والثقافية نتيجة لتوسيع قاعدة الناخبين والأعداد القياسية للمرشحين الذين يتنافسون على المناصب على المستويَين المحلي والوطني. وفي عام 2020 من أصل 1.5 مليون مسجل للتصويت، أدلى 71% بأصواتهم.

TRT عربي