استطلاع رأي يؤكد احتمال مواجهة ثنائية بين لوبان وماكرون في الدور الثاني للرئاسيات الفرنسية القادمة (AA)
تابعنا

مرة أخرى يؤكد استطلاع رأي احتمال مواجهة ثنائية بين لوبان وماكرون في الدور الثاني للرئاسيات الفرنسية القادمة. هو ذاك الذي أجرته قناة LCI وجريدة Le Figaro قبل أيام، والذي أظهر أفضلية لزعيمة التجمع اليميني المتطرف في تصدُّر الدور الأول للانتخابات بـ30% من الأصوات، ويأتي وراءها الرئيس الحالي بـ 28%.

هذا، مع ما يجمع عليه المحللون بأن تربُّع مارين لوبان على عرش الإيليزيه "بات اليوم ممكناً". يدعمه على الجانب الآخر الخطاب السائد بين الكتلة الناخبة اليسارية بأنه: لن نكون سداً أمام زعيمة التَّجمع إذا ما واجهت ماكرون في الدور الثاني من الانتخابات القادمة!

في ظل هذا الواقع، الذي لم يبالغ المؤرخ والصحافي الفرنسي، دومينيك فيدال، عندما شبَّهه بـ "الأيام التي سبقت قيام الحكم النازي"، يواجه مسلمو البلاد مستقبلاً أكثرَ حلكة، وربما بشكل أكثرَ حدة من كل التضييقات التي عاشوها طوال حكم ماكرون.

من "الانعزالية" إلى "الإسلاموفوبيا" الصريحة؟

مع الضجة التي حصدها خطاب ماكرون ببلديَّة ميرو في تشرين الأول/أكتوبر من السنة الماضية، وما تلاه من إقرار حكومته قانون "تدعيم المبادئ الجمهورية" من أجل محاربة ما ادَّعى أنه "خطر الانعزالية الإسلامية". خطرٌ قيل فيه آنذاك أنه لا يعدو أن يكون معاداة مقنَّعة للمسلمين، وضرباً في معتقداتهم الدينية والتضييق على حريَّتهم في ممارسة شعائرهم.

بالنسبة لمارين لوبان لا يكفي ذلك القانون لمحاربة ما سمَّته بـ"الخطر الإسلامي المحدق"، هكذا عبَّرت عن "خيبة أملها" فيما كانت تنتظرُ أن يكون "قانون حرب كبير"، حسب ما صرَّحت به قبل أسابيع ببرنامج حواري على شاشة France 2.

انتظارات توضحها لوبان، هذه المرة في مقابلة على موقع 20 minutes، على رأسها "الحظر التام للحجاب". كذلك ضرورة إغلاق المساجد، إضافة إلى وقف منح تراخيص جديدة لبنائها كما دعت إلى ذلك في مواضع أخرى. وترحيل المهاجرين المشتبه بارتباطهم بما أسمته "الجماعات الإسلامية المتطرِّفة". قبل أن تختم حديثها للموقع المذكور، بالقول: "الأيديولوجيا الإسلامية تشن علينا الحرب، وعلينا إبادتها".

في سياق آخر، دعا الرجل الثاني في تراتبية حزب التجمع، جوردان بارديلا، في تصريح له أول أمس إلى محاكمة الفرنسيين الذين يرتبطون بما أسماه "الأيديولوجيا الإسلامية"، بتهمة التخابر مع دولة معادية. رابطاً ذلك بحقبة الحرب الباردة يضيف: "علينا إعادة تفعيل هذا البند من القانون الذي يعود إلى فترة الحرب الباردة". وبطبيعة الحال، كل هذه الانتظارات والدعوات ستكون أساس برنامجها الانتخابي حين صدوره.

حاضنات "الإرهاب الأبيض"

فيما نجد أن خطاب لوبان يتحاشى تماماً الحديث عن الإرهاب الأبيض العنصري، وهو الذي أصبح الخطر الأمني الأكثر تهديداً لفرنسا، انطلاقاً من الأرقام التي كشفت عنها محكمة باريس، والتي أوردها موقع Médiapart في تحقيق نشره قبل أيام.

حسب التحقيق المذكور، منذ 2017، جرى إحباط سبعة مخططات إرهابية خطيرة لجماعات اليمين المتطرِّف في فرنسا. كانت تستهدف اغتيال شخصيات سياسية، بما فيها الرئيس ماكرون ووزير داخليَّته السابق كريستوف كاستانير، وجان لوك ميلانشون زعيم "فرنسا الأبيَّة". كما تستهدف خلق حالة من الفوضى وترويع الساكنة.

أمام المحكمة، كانت هنالك فكرة ترددت على لسان كل المشتبه بهم على خلفيَّة هذه المخططات، هي "الرغبة في قلب نظام الحكم باستعمال السلاح". يورد تحقيق Médiapart ، مضيفاً على لسان رئيسة شعبة مكافحة الإرهاب بمحكمة باريس، قولها: "كنا في ما مضى نتعامل مع إرهاب اليمين المتطرف باعتباره حالات فرديَّة، الآن نحن أمام مشروع إرهابي متطور جداً".

حسب محكمة باريس فـ"المنشورات والشعارات التي جرت مصادرتها عند اعتقال المشتبه بهم، أغلبها مستلهم من خطاب الصحافي المحرِّض إيريك زيمور". الذي صرَّح في سنة 2016 على شاشة LCI: "نحن في خضم الثأر لحرب الجزائر". تقول المحكمة إن هذا التحريض يجد صدى كبيراً في أوساط الجماعات اليمينية المسلَّحة، ويحرك التهديدات الإجرامية التي تستهدف مسلمي البلاد.

وسيسمح وصول لوبان إلى الإليزيه بتنامي هذه الجماعات ويوفِّر لها البيئة المناسبة لنشاطها، كما رأينا ذلك قبلاً مع ترمب والـ "Proud Boys". وربما كانت لتوظفها كدرع بشري لأطماعها في السلطة، في إعادة تمثيل لأحداث الكابيتول هيل. ما يفسِّرُ رضاها التام عن شخص محرِّض عنصري بحكم المحكمة كالصحافي إيريك زيمور، بل وسبق أن عرضت عليه أن يكون مرشَّحها في الانتخابات الأوروبية سنة 2019.

TRT عربي