يواجه رئيس الموساد الإسرائيلي السابق، يوسي كوهين، شبهات بإفشائه أسراراً استخباراتية لعشيقته وزوجها.  (Corinna Kern/Reuters)
تابعنا

جرّت علاقة غرامية مشبوهة مع مضيفة طيران متزوجة الرئيس السابق لجهاز "الموساد" الإسرائيلي، يوسي كوهين، إلى الوقوع في محظور إفشاء أسرار الدولة. هذا ما كشفه تقرير بثته يوم الثلاثاء القناة الإسرائيلية 13، مشيراً إلى أن كوهين كان يتباهى أمام مضيفة الطيران وزوجها بإنجازاته الاستخباراتية التي كان يفشي تفاصيلها ومن المفترض أن تبقى سرية.

تنضاف هذه الفضيحة إلى سجل طويل لرئيس استخبارات الاحتلال المقرب من نتنياهو، يضم اتهامات سابقة بالارتشاء واستغلال نفوذ منصبه لأغراض شخصية. بالمقابل لطالما منى كوهين نفسه بمسيرة سياسية بعد مغادرته المنصب الأمني، ما يدفع مراقبين للتساؤل حول ما إذا كان لم يزل لديه مستقبل سياسي أم أجهض قبل ولادته؟

"ثرثرة" كوهين

هذا ويعود كشف قصة العلاقة الغرامية المشتبهة في أن تكون قد حملت إفشاء أسرار دولة الاحتلال، إلى يونيو/ حزيران الماضي. حيث تحدثت قناة 13 عن شبهات لعلاقة غرامية بين كوهين ومضيفة طيران، وأن المستشار القانوني للحكومة أفيخاي ماندلبليت ينظر في شكوى بهذا الشأن جرى تقديمها لوزارة العدل.

وعادت القناة لتأكيد ذلك في برنامجها الأخير، الذي تضمن شهادة لطليق عشيقة يوسي كوهين، غاي شيكر، وهو شخصية معروفة في أسواق المال الإسرائيلية. وقال شيكر بأن رئيس المخابرات كان في زياراته إلى بيتهم كان "يروي الكثير من القصص، بما في ذلك عن الموساد". مضيفاً أنه كان "ثرثاراً" وسرد للزوجين تفاصيل عن أسلوب إدارته للجهاز الاستخباراتي الإسرائيلي.

ومن بين هذه التفاصيل التي كشفها كوهين أمام عشيقته وزوجها، أن "الموساد كان على علاقة مع طبيب لزعيم عربي معروف (دون ذكر اسمه)". وادعى بأنه "عندما جرى تعييني رئيساً للموساد (..) في غضون 10 أيام، فصلت 6 من كبار المسؤولين لأنهم لم يكونوا مخلصين للنظام. لم يكونوا جيدين. ظنوا أنني أفضل صديق لهم عندما كنا متساوين. في اللحظة التي جرى تعييني فيها طردتهم من دون رحمة" حسب ما أورد طليق العشيقة.

فيما ليست المرة الأولى التي تثار ضد كوهين فضيحة بشأن "ثرثرته" في مسائل حساسة لأمن دولة الاحتلال. فقبل هذا بفترة وجيزة، واجه رئيس "الموساد" سابقاً انتقادات بسبب تلميحه خلال مقابلة صحفية إلى مسؤولية الموساد في تفجير منشأة نطنز النووية الإيرانية.

كما سبق وقدم خلال تلك المقابلة وصفاً دقيقاً لعملية سرقة الأرشيف النووي الإيراني من الخزائن في مستودع بطهران سنة 2018. وأكد أن العالم النووي الإيراني الذي جرى اغتياله، محسن فخري زاده، كان تحت مراقبة الموساد منذ سنوات. وكل هذه معلومات من المفترض أن تكون حساسة ويمنع كشفها للعموم.

غراميات رئيس الموساد

وحكى طليق مضيفة الطيران عن افتضاح علاقة زوجته وقتها برئيس الموساد سابقاً، بأنه عثر على رسائل لزوجته يصفها فيها كوهين بعبارات مثل "أميرتي" و"جميلتي". حينها واجهه شيكر قائلاً أنت تحب زوجتي، وهي تحبك، أنت تدمر عائلة الآن". بالمقابل أنكر كوهين صلته بالمضيفة قائلاً في مقابلة تلفزيونية: "لا توجد هناك مضيفة طيران، ولا توجد هناك علاقة وثيقة".

ونفت طليقة شيكر هي الأخرى وجود علاقة بينها وبين كوهين، ونفت على لسان محاميها بأن "رئيس الموساد لم يفشِ أسراراً أمامها وأمام زوجها، كما نفت أن تكون أقامت علاقة غرامية مع رئيس الموساد السابق".

فيما تحدَّث تقرير القناة 13 عن أن كوهين قد استغل صلاحياته بشكل غير قانوني في محاولة للحصول على معلومات وبيانات تتعلق بزوج العشيقة. عبر هذا تبيّن أن شيكر حاول في السابق الانضمام لجهاز الموساد الإسرائيلي، كما أن رئيس الموساد وافق على طلبه بتعيين سكرتيرة له في فرع الموساد، وقد جرى لاحقاً فعلاً تعيينها في العاصمة التايلاندية بانكوك.

ولم تكن كذلك هي أولى الاتهامات لكوهين باستغلال منصبه لقضاء مصالح شخصية، فقد سبق وأن افتضح أمر توظيف ابنته في منصب رفيع في إحدى الشركات الإماراتية التي يملكها مستشار الأمن الوطني في أبو ظبي طحنون بن زايد، ذلك بعيد توقيع البلدين اتفاق التطبيع بينهما.

وفي أغسطس/آب الماضي، فتحت الشرطة الإسرائيلية تحقيقاً جنائياً ضد رئيس الموساد حول حصوله على مبلغ 20 ألف دولار كهدية بطريقة غير مشروعة. واعترف كوهين فيما بعد بحصوله على ذلك المبلغ من الملياردير الأسترالي جيمس باكر عندما دعاه إلى حضور حفل زفاف ابنته، وقال إنه قبل الأموال بعد استشارة المستشار القانوني للموساد، وأنه ملتزم بإعادتها.

مسيرة سياسية منتظرة؟

فيما يعد يوسي كوهين أحد الشخصيات المقربة لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، حيث كان هو الذي عينه سنة 2016 على رأس جهاز المخابرات الإسرائيلي، وقبلها كان مستشاره الأمني خلال الفترة ما بين 2013 و2016. ومع مغادرة الرجلين منصبهما سنة 2021، أصبح كوهين يُمني النفس بأن يخلف نتنياهو على رأس حزب "الليكود" وربما رئاسة إحدى الحكومات القادمة.

طموح عاد ليكون محطاً للأسئلة، مع افتضاح قضية علاقته الغرامية المشبوهة وادعاءات إفشائه أسراراً حساسة للدولة. حيث أثار هذا الأمر موجة انتقادات كبيرة من قبل سياسيين وضباط سابقين في الموساد، تهدد بأن تبقى هذه الفضيحة لطخة سوداء في مسيرة الرجل تهدد أي نية مستقبلية له في تولي مناصب سياسية رفيعة.

وفي هذا السياق، علق الكولونيل المتقاعد في "الموساد"، يوسي لانجوتسكي، بأن "كوهين أصبح مصدر تسريب كبير للجهاز الاستخباراتي" وتبين أنه "شخص غير قابل للسيطرة عليه ومجنون بالسلطة ويسمح لنفسه بقول أشياء من شأنها أن الإطاحة بأي مسؤول من الرتب الدنيا إلى السجن". وقال رام بن باراك، النائب السابق لرئيس "الموساد" والنائب الحالي عن ائتلاف حزب "يِش عتيد" الوسطي الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، لإذاعة الجيش إنه "يبدو أن هناك أشياء [في تقرير القناة 13] مثيرة للقلق حقاً". وأرجع أي تحرك فيها إلى اكتمال الصورة بعد بث الجزء التحقيق الصحفي.

هذا ويبدو أن يوسي كوهين ما زال يحافظ على بعض من شعبيته داخل الأوساط اليمينية الإسرائيلية، حيث رفض عدد من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي المتعاطفين مع ذلك التيار المزاعم التي بثت حول رئيس المخابرات السابق، ودعموه بالطريقة ذاتها التي دعموا بها نتنياهو وقت افتضاح فساده.

TRT عربي