كيف يهدد مرض "الدفتيريا" حياة اللاجئين في بريطانيا؟ / صورة: TRT Arabi (TRT Arabi)
تابعنا

شهدت مراكز إيواء طالبي اللجوء في بريطانيا، أواخر عام 2022، انتشاراً واسعة لعدوى مرض الدفتيريا المميت بين صفوف المحتجزين داخل تلك المراكز. فيما يرجع مختصون هذا التفشي إلى ضعف الرعاية الصحية هناك، خصوصاً الأطفال والنساء، وانعدام النظافة الشخصية لهذه الفئات الهشة.

ودقت منظمات رعاية اللاجئين، في أكثر من مرة، ناقوس الخطر إزاء هذا الوضع الصحي، متهمين الحكومة البريطانية بالإهمال وعدم توفير الرعاية اللازمة. فيما وصف مجلس اللاجئين البريطاني، الحالات في هذه المراكز بـ"المروّعة".

مرض "الدفتيريا" يهدد حياة اللاجئين

يكشف تقرير لوزارة الصحة البريطانية، جرى تحديثه مؤخراً، أن حالات الإصابة بالدفتيريا شهد ارتفاعاً خلال الشهور الأخيرة من عام 2022. ذلك بعد تسجيل أول حالة مؤكدة في فبراير/شباط من ذات العام، ارتفعت الحالات إلى 50 بحدود نوفمبر/تشرين الثاني.

أغلب الحالات الإصابة بالدفتيريا التي جرى تأكيدها في بريطانيا، كانت في المنطقة الجنوبية الشرقية من المملكة، تزامناً مع توافد مراكب طالبي اللجوء إلى سواحلها قادمين من الشمال الفرنسي.

تقرير آخر، هذه المرة من إنجاز "المؤتمر الأوروبي للميكروبيولوجي والأمراض المعدية"، قال إن حالات الإصابة في المملكة بلغت 70 حالة. مشدداً على أن "تفشي هذه العدوى يحدث بشكل واضح بين المهاجرين"، وأنه حدث "في أثناء رحلة السفر وداخل منشآت احتجاز هؤلاء المهاجرين".

وقال التقرير: "شهدت المملكة المتحدة زيادة حادة في حالات الخناق الناجمة عن الوتدية الخناقية السامة (الدفتيرية) في العام الماضي، وكان هذا مرتبط بزيادة عدد المهاجرين الوافدين عن طريق القوارب الصغيرة في صيف عام 2022".

وأوردت التقرير أن معظم المرضى، بنسبة 97%، هم من الذكور الأفغان الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً ولديهم "سجل تطعيم غير معروف". كما أن نحو 51% من المصابين يعانون من مشكلات جلدية ناتجة عن هذا المرض، والتي يمكن أن تشمل بثوراً على الساقَين والقدمَين واليدَين وتقرحات كبيرة.

بالمقابل، دعا التقرير السلطات البريطانية إلى زيادة الوعي بأعراض الدفتيريا بين مسؤولي الحدود والأطباء الذين يهتمون بالمهاجرين وطالبي اللجوء، وتنفيذ "بروتوكولات التطعيم الشاملة" و "الفحص الدوري للمعرضين لخطر الإصابة".

إهمال صحي لطالبي اللجوء

يعد مرض الدفتيريا عدوى ميكروبية مميتة، تتسبب فيه بكتيريا تسمَّى الوتديَّة الخناقية "Corynebacterium diphtheriae"، وغالباً ما تظهر الأعراض تدريجياً وتبدأ بالتهاب في الحلق وحمّى، وفي الحالات الصعبة، تُنتج هذه البكتيريا سُمّاً يُحدث لَطْخة سميكة رمادية أو بيضاء اللون في مؤخرة الحلق ما يؤدي إلى اختناق المريض.

ووفق الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية، تنتشر عدوى الدفتيريا عبر الملامسة المباشرة أو استنشاق الرذاذ المتطاير من الشخص المصاب الناجم عن السُّعال أو العطس، كما يمكن أن تنتشر العدوى بملامسة الملابس أو الأشياء الملوثة بالبكتيريا. وهو ما يجعل المراكز احتجاز اللاجئين في بريطانيا، البيئة المناسبة لنتشار هذا النوع من العدوى.

ومنذ وقت طويل، تندد منظمات حماية اللاجئين بالظروف الصحية الكارثية التي تشهدها مراكز الاحتجاز جنوب بريطانيا، متهمين وزارة داخلية البلاد بالإهمال في هذه القضية.

واتهمت افتتاحية لصحيفة "الإندبندنت"، بتاريخ الـ 10ديسمبر/كانون الأول 2022، وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان وحكومة ريشي سوناك، بأنها تراهن على "إمكانية إفلاتها من مثل هذه المعاملة المروعة للأشخاص الضعفاء (اللاجئين)، لأنها تعلم أن الرأي العام غير متعاطف مع الوافدين الجدد، خصوصاً أولئك القادمين في قوارب صغيرة عبر القناة".

ووصف مجلس اللاجئين البريطاني مراكز الاحتجاز جنوب البلاد بأنها "مروعة"، مشيراً إلى أن "الإقامة المطولة والمؤلمة في هذه المراكز تضر بشكل متزايد صحة هؤلاء اللاجئين". كما سبق حذرت الجمعية الطبية البريطانية من وجود "مجموعة متزايدة من الأدلة" على تأثير ظروف السكن غير الملائمة على اللاجئين.

وحسب أرقام الداخلية البريطانية، فإن نحو 37 ألف شخص يقيمون في هذه المراكز، وأن 10 آلاف وثلاث مئة منهم أقاموا هناك لثلاث سنوات في انتظار معالجة طلبات لجوئهم. ويتم تأخير الزيارات الطبية لهؤلاء اللاجئين بشكل ممنهج، كما ضعف البدل الممنوح لهم لا يغطي تكاليف أي علاج، ناهيك بانعدام مرافق الصحة ووسائل النظافة الشخصية في أوساط هؤلاء اللاجئين.

TRT عربي