تابعنا
بالرغم من الظروف المأساوية التي يواجهها اللاجئون العالقون على الحدود الأوروبية البيلاروسية طيلة الأسابيع القليلة الماضية، إلا أن ذلك لم يمنع الآلاف من العراقيين من الالتحاق وتجربة حظهم أيضاً في دخول أوروبا.

استرعت الأوضاع المؤسفة والمأساوية التي يعيشها المهاجرون الذين تقطعت بهم السبل على الحدود الشرقية لأوروبا قدوماً من بيلاروسيا، انتباه الرأي العام الدولي الذي كثف المباحثات خلال الفترة الأخيرة، حول الحلول الممكنة لإيقاف هذه الأزمة الإنسانية والأمنية.

وقد وثقت الوسائل الإعلامية الأجنبية طيلة الفترة الماضية العديد من الخروقات الخطيرة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، أثناء المواجهات بين طالبي اللجوء وحراس الحدود في بولندا ولاتفيا.

ومع تصاعد الأزمة، اتهم الاتحاد الأوروبي مؤخراً الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، باستدراجه المهاجرين من بلدان إفريقيا والشرق الأوسط، وتسهيل وصولهم إلى حدود أوروبا، لزعزعة أمنها واستقرارها. وأصر لوكاشينكو في المقابل على نفي الاتهامات الموجهة إليه.

ويرى مراقبون ومحللون أن أكثر ما يلفت في قصة المهاجرين طالبي اللجوء إلى أوروبا، هو توافد الآلاف من العراقيين.

أكثر مناطق العراق أمناً واستقراراً

كشف تقرير نشره مؤخراً موقع بلومبرغ الأمريكي تحت عنوان "لماذا يفر أكراد العراق من وطنهم السلمي؟" ، الصدمة التي تعرض لها قادة الدول الأوربية والولايات المتحدة أمام مشاهد الآلاف من سكان شمالي العراق يتزاحمون لدخول أوروبا، بعد أن كان من المفترض أن تكون منطقتهم هي الجزء الوحيد الذي نجا من العراق، بمساعدة غربية، بعد الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003 والإطاحة بحكم الرئيس السابق صدام حسين.

وقد أشارت العديد من التقارير السابقة، بأن المحافظات الشمالية المتمتعة بالحكم الذاتي في ظل حكومة إقليم شمال العراق، قد شهدت طفرة اقتصادية، بعد إسقاط حكم صدام حسين. وذلك على عكس المناطق الوسطى والجنوبية من العراق التي دمرتها الحروب الطائفية طيلة سنوات.

وعلى الصعيد ذاته، فإن المنطقة تتمتع بثروة نفطية مهمة، وبيئة سياسية مستقرة، تمكنت من جذب المستثمرين من أنحاء العالم كافة. فارتفعت منذ ذلك الوقت الفنادق والمراكز التجارية والأبراج السكنية في وقت قياسي.

واعتبرت بلومبرغ، أن التناقض بين منطقة إقليم شمال العراق وبقية الأجزاء والمحافظات العراقية قد بلغ ذروة حدته عام 2014، حين اقتحمت مليشيات تنظيم داعش الإرهابي عددا من المدن، لتنهار الوحدات العسكرية العراقية حينها في مواجهة الهجوم المسلح. في حين أن القوات في إقليم شمال العراق تمتعت بدعم من القوة الجوية الأمريكية، لصد الهجوم من بوابات أربيل.

فنجحت المنطقة في أن تكون منذ ذلك الحين، منطقة آمنة ومستقرة، وقادرة على استضافة الفارين من جحيم الحروب والمعارك المشتعلة في العراق وعلى الحدود السورية.

لوكاشينكو يستغل أزمة شمال العراق

يعزو تقرير بلومبرغ فرار أهالي إقليم شمال العراق إلى أوروبا، إلى إحباطهم بسبب فشل قادتهم في الوفاء بتعهداتهم التي قطعوها عليهم منذ عام 2003. حيث إن الاقتصاد الذي يعتمد بشكل مفرط على صادرات النفط، لم يتعاف أبداً منذ انخفاض أسعار النفط الخام عام 2014.

إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة خلال السنوات الأخيرة، ما أجبر الكثيرين على مغادرة المدن والتوجه إلى الزراعة.

أما على المستوى السياسي، فإن المكاسب الديمقراطية ضئيلة جداً ولا تكاد تذكر، وذلك بسبب غياب الإصلاح السياسي، وهيمنة العشائر على الحياة السياسية.

وتعتبر بلومبرغ، أن لوكاشينكو قد انتهز فرصة تردي الأوضاع في إقليم شمال العراق، لجذب المهاجرين إلى بلاده ومن ثم تسهيل وصولهم إلى حدود أوروبا.

إذ إنه يسّر لوائح التأشيرات، وارتفعت في الأثناء أعداد الرحلات المتجهة إلى مينسك منذ الصيف الماضي. ونقلاً عن مصادر رسمية، فإن قوات الأمن البلاروسية قد قامت حينها بنقل الوافدين الجدد إلى الحدود.

TRT عربي