كيف تتبنى حكومة ماكرون سياسة إفقار ممنهج للطلبة في فرنسا؟ (Others)
تابعنا

مصطفين في طوابير طويلة أمام نقاط توزيع المساعدات الغذائية، أو يبكون جوعهم في مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، بل ومنهم من اختار إضرام النار في نفسه احتجاجاً على التهميش الذي يعانيه وزملاؤه. هي مشاهد من الظروف الاقتصادية التي يعشها الطلبة في فرنسا وأتت جائحة كورونا لتعري سوأتها، حيث الهشاشة والفقر عنوانها الأبرز وتهميش الحكومة يفاقم من ذلك.

ورغم انقضاء أيام الوباء ومعها فترات الإغلاق، إلا أن وضع الطلبة في فرنسا لم يشهد تحسناً كبيراً، ذلك لأن مسبباته ما زالت قائمة. وهو ما تؤكده دراسة فرنسية جديدة، موضحة أن حكومة ماكرون تتبنى سياسة إفقار ممنهج لتلك الفئة من المجتمع، ويبقى الطلبة الأجانب الأكثر تأثراً بها.

لا سكن لا غذاء

حسب جوليان مايمون، مؤسس جمعية "لينكي" للخدمات الاجتماعية، والتي عملت طوال فترة الجائحة الوبائية على توزيع المساعدات الغذائية على الفقراء، فإن "هشاشة الطلبة في فرنسا كانت موجودة، غير أن كورونا أتت تكشفها"، موضحاً أنه لهذه الهشاشة أوجه مختلفة، وتشمل كل حاجيات العيش الإنساني الكريم.

وبلغة الأرقام، توضح الدراسة التي أجرتها الجمعية أن ثلثي الطلبة في فرنسا يعيشون بأقل من 50 يورو بعد دفع فواتير المسكن والطاقة والنقل والاتصالات أول كل شهر. أما بالنسبة إلى المأكل، فـ97% من الطلبة أكدوا أنهم يحرمون أنفسهم الطعام بالكمية والجودة اللازمة.

إضافة إلى هذا، أكدت الدراسة أن ربع الطلبة لا يستطيعون شراء الفواكه، واثنين من كل ثلاثة طلاب لا يشترون اللحوم، و11% منهم لا يستطيعون شراء حتى الخضار. وتعيش هذه النسبة الأخيرة غالباً على المعجنات، التي هي الأخرى تشهد تضخماً في الأسعار بلغ 15% على أساس سنوي.

من جانب آخر، يعيش الطلبة مشاكل في توفير السكن بسعر مناسب أو الاستفادة من السكن الجامعي، هذا مع عدم وجود عروض إيجار خاصة بالطلبة. وحسب دراسة لمؤسسة "Insee" المتخصصة في الإحصاءات، فإن المراكز الجهوية للأعمال الاجتماعية للطلبة والمتمدرسين في فرنسا "Crous" لا توفر السكن إلا لـ13% من الطلبات المقدمة إليها.

سياسات إفقار ممنهج

بالمقابل، يعتمد غالبية الطلاب في مدخولهم على مساعدة العائلة، وهو ما تؤكده إيمان أولحاج، رئيسة "الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا"، في حديثها لـ"ميديابارت"، بقولها: "الطلبة يعتمدون في معظمهم على مساعدات العائلة، لأن المنح تحسب بالتناسب مع دخل أولياء الأمور، ولا يستفيدون من أي إعانات حكومية أخرى".

وتضيف الناشطة الطلابية: "نحن نطالب فقط بأن يعيش الجميع بشكل مريح، أن يكونوا قادرين على دفع إيجارهم وفواتيرهم، وتناول الطعام بشكل كاف".

في السياق ذاته، يعد الطلبة الأجانب هم الأكثر تضرراً. وحسب دراسة جمعية "لينكي"، فإن 80% من هؤلاء الطلبة كانوا يعتمدون في معيشتهم حصراً على الإعانات الغذائية التي تقدمها الجمعية، وثلاثة أرباعهم كانوا من القادمين إلى فرنسا في عام 2021.

ويعزو الناشطون الطلابيون هذا الوضع لكون هؤلاء الطلبة الأجانب، مثل زملائهم الفرنسيين، يعتمدون في أغلبهم على تمويل عائلاتهم في بلدان الأصل، ما يزيد الأمر صعوبة مع مراعاة اختلاف مستوى المعيشة بين البلدان والفوارق في سعر العملات. علماً أنهم، وعكس الطلاب الفرنسيين، لا يتحصلون على أي منح تعليمية.

هذا وشهدت فرنسا خلال السنوات الثلاث الأخيرة احتجاجات كثيرة للطلبة، الذين حملوا فيها المسؤولية عن أوضاعهم لحكومة ماكرون، التي لم تقدم حلولاً للتخفيف عنهم. بالمقابل تزيد سياساتها الضريبية وقوانين العمل وفشلها في كبح موجة التضخم الحاصل، من ثقل هذه الأوضاع الكارثية.

TRT عربي