"لإبقاء ترودو على رأس البلاد".. هل تدخّلت الصين في الانتخابات الكندية؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الاثنين عزمه تعيين محقق خاص مستقل للنظر في مزاعم بشأن حدوث تدخل صيني بآخر عمليتَي انتخاب بالبلاد. وستكون مهمة هذا المحقق، حسب ما أوضح ترودو، "صياغة توصيات خاصة حول حماية ديمقراطيتنا"، إضافة إلى تقديم النصح للحكومة حول الخطوات المقبلة الواجب اتباعها بما يشمل احتمال فتح تحقيق رسمي.

ويعود ملف التدخل الصيني في الانتخابات الكندية إلى ساحة النقاش، بعد تداول وسائل الإعلام بالبلاد لتأكيدات من مصادر استخباراتية بشأن حدوثه. هذا في وقت تضغط المعارضة المحافظة على الحكومة من أجل إجراء تحقيق مستقل، يقوده محقق يعينه البرلمان.

عودة جدل التدخل

في تصريحاته يوم الاثنين اعترف جاستن ترودو بأن "الحكومة الصينية وأنظمة أخرى كإيران وروسيا حاولت التدخل ليس فقط في ديمقراطيتنا بل في بلادنا بشكل عام". مضيفاً أن "هذه المشكلة ليست جديدة"، لكن يبقى "أي هجوم أو محاولة هجوم على ديمقراطيتنا غير مقبول".

هذا الحديث لم يأتِ إلا بعد الزوبعة التي أثارتها التقارير الأخيرة التي تداولها الإعلام الكندي في فبراير/شباط الماضي، التي نقلت عن مصادر استخباراتية تأكيداتها وجود مخططات تديرها بكين للتدخل في الانتخابات الكندية الأخيرة. ولم يؤكد ترودو ومسؤولو الأمن ما جاءت به هذه التقارير، غير أنهم أقروا بوجود محاولات التدخل الصينية، مع الإصرار على أنها لم تغير نتائج الانتخابات.

وفي 17 فبراير/شباط الماضي نشر موقع "ذا غلوبال أند ميل" الكندي أنه توصل إلى وثائق استخباراتية تؤكد ضلوع بكين في التدخل بالانتخابات. وأوضحت هذه الوثائق خيوط عملية منسقة صينية في كندا بهدفين: ضمان عودة حكومة أقلية ليبرالية في عام 2021، وهزيمة مرشحين محافظين حددتهم الصين.

وتوضح الوثائق الاستخباراتية أن قيادة الحزب الشيوعي الصيني في بكين "كانت تضغط على قنصلياتها لوضع استراتيجيات للاستفادة من أعضاء المجتمع الصيني [النشطين] والجمعيات الصينية بالمجتمع الكندي"، لاستخدامها للدفاع عن مصالحها "في أثناء توتر العلاقات الرسمية مع الصين".

وفي هذا الصدد كانت الاستخبارات الكندية أبلغت مكتب ترودو بالتخلي عن مرشح كندي صيني عام 2019 بسبب علاقاته ببكين، وفق ماذكر الموقع الكندي.

متاعب ترودو

بظهور هذه التقارير يعيش رئيس الوزراء الكندي متاعب كثيرة. على رأسها المعارضة التي تستخدم تقارير التدخل للتشكيك في شرعيته والضغط على الحكومة بإجراء تحقيق مستقل تجريه هيئة ينتخبها البرلمان.

وعقب عودة جدل التدخل الصيني دعا حزب المعارضة الرئيسي بكندا إلى تحقيق مستقل وعام، برئاسة مفوض يجري اختياره بالإجماع من جميع الأحزاب الفيدرالية في البرلمان. وصرَّح زعيم حزب المحافظين بيير بويليفر للصحفيين في أوتاوا: "نريد أن نعرف بالضبط ما فعلته الحكومة الاستبدادية الصينية، وما إذا كانت توجد أحزاب سياسية على دراية بهذه الأعمال أم لا".

وهو مطلب تقدم به أيضاً حزب الديموقراطيين الجدد، الذي يدعم حكومة الأقلية الليبرالية، إذ اقترحت كتلته النيابية إجراء "تحقيق عام" في مزاعم التدخل الصينية. بالمقابل رفض ترودو الاستجابة لهذه المطالب، هذا قبل أن يفضل تعيين مقرر للنظر في هذا الأمر.

وعلى مستوى القاعدة الشعبية كشفت استطلاعات رأي أخيرة أن اثنين من كل ثلاثة كنديين يعتقدون أن بكين تدخلت فعلاً بالعملية الانتخابية، وبالتالي ينتظرون ردّة فعل قوية من رئيس الحكومة.

وخلال السنوات الأخيرة تبدو العلاقات الصينية الكندية بعيدة عن أن تكون وديَّة، على خلفية حادثة اعتقال مديرة شركة هواوي عام 2018. وبالتالي أتت هذه المزاعم الأخيرة لتزيدها توتراً. وسابقاً هذا الشهر على هامش قمة العشرين أبلغت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي نظيرها الصيني بأن "كندا لن تتسامح أبداً مع أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي بديمقراطيتنا وشؤوننا الداخلية من جانب الصين".

فيما رفض وزير الخارجية الصيني تشين جانغ اتهامات الوزيرة الكندية، ووصفها بأنها "خاطئة تماماً ولا معنى لها". ووفقاً لوسائل الإعلام الحكومية الصينية حث تشين كندا على "عدم السماح للشائعات والتكهنات بتعكير صفو العلاقات بين البلدين".

TRT عربي