تابعنا
تريد الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل تحالُف جديد مع دول أخرى على مدار الأسبوعين المقبلين بالتحديد، وذلك "لتأمين" الخطوط الملاحية قبالة سواحل إيران واليمن.

أوضح الجنرال جوزيف دانفورد، من قوات المارينز الأمريكية، يوم الثلاثاء، أن واشنطن تواصلت مع "عدد من الدول" لتكوين تحالف من شأنه أن "يضمن حرية الملاحة في مضيق هرمز وباب المندب".

تحتدم التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بالفعل في ضوء التقارير التي تفيد بتعرُّض ناقلات نفطية للهجوم في الخليج، في حادثتين منفصلتين خلال الشهرين الماضيين. وسرعان ما ألقت الولايات المتحدة اللوم على إيران، مُهدِّدة الدولة بشَنّ الحرب. وأخذ الوضع في التصاعد مع إسقاط طهران طائرة استطلاع مُسيَّرة أمريكية في مجالها الجوي. ولكن في غمار الخطابات الحادة قالت الإمارات العربية المتحدة، الحليفة الإقليمية لأمريكا والمنافِسة لطهران، إنه "لا يمكن اعتبار أي دولة مسؤولة" عن الهجمات المزعومة إلى حين تقديم دليل قوي ضد المتهمين.

مع ذلك، كانت هذه الواقعة علامة أخرى على تدهور العلاقات الأمريكية-الإيرانية، في ظل انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من الاتفاق النووي التاريخي المُوقَّع بين سلفه باراك أوباما والرئيس الإيراني حسن روحاني، إذ أثار التراجع عن الاتفاق جولة جديدة من العداء بين واشنطن وطهران.

إذاً، كيف سيبدو التحالف الدولي لمياه الخليج؟

تقترح الخطة، التي تقررت صيغتها النهائية في الأيام الأخيرة فقط، أن توفّر الولايات المتحدة سفن القيادة وتقود جهود المراقبة للتحالف العسكري، إذ يمكن للحلفاء تنظيم دوريات حراسة ملاحية بالقرب من سفن القيادة الأمريكية تلك، ومرافقة السفن التجارية التي تحمل أعلام بلادها.

في ضوء ذلك علّق دانفورد، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، قائلاً: "أعتقد أننا سنتمكّن خلال الأسبوعين القادمين من تحديد أي من الدول تمتلك الإرادة السياسية اللازمة لدعم تلك المبادرة، ومن ثم سنعمل مباشرةً مع الجيوش لتبيان القدرات المحددة التي ستدعم ذلك".

وأضاف الجنرال أن الولايات المتحدة ستوفّر "التوعية بالمجال البحري ومراقبته"، في حين ترافق الدول السفن التي تحمل علمها.

لماذا تقلق الولايات المتحدة كثيراً بشأن الشحن البحري في الخليج؟

يمرّ ما يقرب من خُمْس النفط العالمي عبر مضيق هرمز في الخليج، وطالما هدّدَت إيران بإغلاقه إذا لم تتمكن بلادها من تصدير نفطها.

في ما مضى دخل العراق وإيران في واحدة من أطول حروب ناقلات النفط على الإطلاق في أواخر القرن العشرين.

نشر كلا البلدين الأسلحة في البحر بهدف إضرار كل منهما باقتصاد الآخَر، ولا سيما في الصناعات النفطية، من خلال حرب الاستنزاف الاقتصادي.

وفي ثمانينيات القرن الماضي هاجم كل من العراق وإيران السفن الدولية المارَّة عبر الطرق الملاحية المؤدية إلى مواني الآخر، من أجل وضع حد لصادرات النفط التي موّلَت المجهود الحربي للجانبين.

خلال السنوات الثلاث الأولى من الحرب أبدى العراق عدواناً بحرياً، ولكن بعد عام 1984 بدأت إيران في الردّ عليه، وبنهاية الحرب كانت الحصيلة مهاجمة العراق 283 سفينة متجهة إلى إيران، مقابل مهاجمة إيران 168 سفينة متجهة إلى العراق.

اتخذ النزاع بُعداً دوليّاً عندما تَعرَّضَت سفن تحمل أكثر من 38 علماً مختلفاً للهجوم. وزُجّ بالولايات المتحدة الأمريكية في الحرب في نهاية المطاف، بعد تَعرُّض إحدى سفنها لهجوم. وفي استجابة للحادثة دمّرت البحرية الأمريكية قدرات البحرية الإيرانية بشكل فعَّال، مما قلّل قدرتها التشغيلية إلى حد كبير.

اليمن.. العنصر الجديد

على الرغم من مجادلة المسؤولين الأمريكيين بأن التحالف البحري يهدف إلى حماية المضيق، فإن لوجوده سبباً آخر، هو تعزيز الأمن في مضيق باب المندب قبالة اليمن.

لطالما توقعت الولايات المتحدة والسعودية والإمارات شنّ هجمات عن طريق مقاتلي الحوثيين الموالين لإيران في مضيق باب المندب المائي، الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب.

ويحمل باب المندب أيضاً عنصراً استراتيجيّاً، إذ يعبر من مينائه يوميّاً ما يقرب من أربعة ملايين برميل من النفط إلى أوروبا والولايات المتحدة وعدة دول آسيوية أخرى.

معضلة بين حلفاء الولايات المتحدة

في 2 مايو/أيار الماضي أرسلت الولايات المتحدة فرقة هجومية من حاملات الطائرات وقاذفات B-52 إلى الخليج بسبب ما وصفته بـ"مؤشرات تصاعدية وباعثة على القلق" من جانب إيران. ردّاً على العقوبات قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن إيران ستقلّص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، بما في ذلك السماح بزيادة مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب.

تبع ذلك حوادث هجمات ناقلات النفط، وقصف القوات الإيرانية الطائرات الآلية الأمريكية.

وعلى الرغم من أن الحلفاء الإقليميين أرادوا دائماً من واشنطن التعامل بصرامة مع إيران، فإنهم غير واثقين تماماً إن كان التصرف الأنسب الآن هو دفع الولايات المتحدة إلى شن حرب شاملة، أم تأييد المفاوضات.

حسب صحيفة واشنطن بوست، فإن بين دول الخليج الموالية للولايات المتحدة الأمريكية "توافقاً شحيحاً في الآراء" حول "أفضل السبل لمواجهة إيران".

وفي ضوء ذلك، نقلت الصحيفة تعليق هنري روم، محلل شؤون الشرق الأوسط، على الأوضاع الجارية، إذ يقول "يشكّك ترمب مرة أخرى في دور الولايات المتحدة بوصفها ضامناً أمنيّاً في منطقتها. أصبحت دول الخليج في موقف لا تُحسَد عليه".

يمرّ ما يقرب من خُمْس النفط العالمي عبر مضيق هرمز في الخليج، وطالما هدّدَت إيران بإغلاقه إذا لم تتمكن بلادها من تصدير نفطها (Reuters)
TRT عربي