مأساة مزدوجة.. كيف تجري عمليات إنقاذ ضحايا الزلزال في سوريا؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

مع اقتراب دخول الحرب في سوريا عامها الثاني عشر، دون مخرج سياسي لعودة السلم إلى البلاد، يأتي الزلزال الذي كان مركزه قهرمان مرعش ليضاعف مأساة الشعب، بخاصة النازحين منه في مناطق الشمال الذين كانوا الأكثر تضرراً من الكارثة الطبيعية.

وبلغ عدد ضحايا الزلزال في سوريا أكثر من 1700 قتيل وآلاف المصابين، في حصيلة أولية تسود مخاوف من ارتفاعها بأكثر من ثمانية أضعاف. في المقابل، تستمر عمليات التنقيب عن ناجين تحت الأنقاض، رغم ضعف ووسائل الإنقاذ وقلة فرق الإغاثة وفق ما كشف عنه عدد من الفاعلين.

وتطرح الكارثة الطبيعية تساؤلات عدة بشأن جهود الإغاثة، ارتباطاً بالوضع السوري وتعقيداته على الأرض، وتضرر البنية التحتية اللوجستية من الدمار الحاصل. هذا في وقت تدعو فيه المنظمات الإنسانية إلى تعاطف دولي بشأن المنكوبين في سوريا، والمساعدة لتخفيف التبعات المأساوية عنهم.

وتضرر بالزلزال معظم الشمال السوري، بما في ذلك حلب ومدن الساحل كاللاذقية. وقدَّرت إحصاءات الأمم المتحدة، بأن أكثر من 224 مبنى تعرضت لدمار كلي نتيجة الزلزال، إضافة إلى 325 أخرى تدمرت جزئياً، هذا على طول 17 منطقة منكوبة.

وحسب مدير عام المركز الوطني السوري لرصد الزلازل رائد أحمد، فإن "حالة عدم الاستقرار الزلزالي ستكون مستمرة"، ما يعني استمرار الدمار في تلك المناطق.

الخوذ البيضاء.. رأس حربة عمليات الإنقاذ

تلعب فرق الدفاع المدني (الخوذ البيض) دوراً كبيراً في عمليات الإغاثة، ومع ذلك هم أيضاً يشكون ضعف الوسائل وعدم قدرة مواردهم البشرية على تغطية عمليات البحث عن ناجين في ظل الدمار الحاصل.

وحسب ما صرَّح به عضو مجلس إدارة الدفاع المدني في إدلب أحمد يازجي، لتلفزيون TRT عربي، قائلاً: "الظروف التي نعمل بها، ليست كباقي الظروف التي تعمل بها فرق الإنقاذ في تركيا أو أي مكان في العالم. نحن نعمل في منطقة جغرافية كانت الأضرار فيها كبيرة، امتدت على شمال غرب سوريا، المعدات المتوفرة لدينا توجد قلة فيها، الظروف المناخية مثلت أيضاً عائقاً في العمل".

وبالرغم من هذه الظروف، أوضح المسؤول الإغاثي، تستنفر المنظمة كل وحداتها للمشاركة في عمليات التنقيب، ويوجد حوالي 2500 عنصر من القبعات البيضاء على الأرض للمشاركة في هذه العمليات.

هذا وناشدت منظمة الدفاع المدني السوري، الثلاثاء، الجهات الدولية والمنظمات الإنسانية لمساعدة منكوبي الزلزال بشكل عاجل. وأشارت المنظمة العاملة بالشمال السوري في بيان، إلى "استمرار عمليات البحث منذ أكثر من 29 ساعة وسط صعوبات كبيرة واستمرار الهزات الارتدادية"، مشددة على أن "الوقت بدأ ينفد ومئات العائلات لا تزال عالقة تحت الأنقاض".

نداءات لتخطي الحصار الغربي

وأطلق الهلال الأحمر التابع للنظام السوري نداءات دولية للمساعدة، مطالباً برفع الحصار الغربي، نظراً للوضع الكارثي الذي تشهده البلاد. وقال رئيس المنظمة خالد حبوباتي، خلال مؤتمر صحافي عقده في دمشق: "أناشد جميع بلدان الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا"، مضيفاً "آن الآوان بعد هذا الزلزال" لفعل ذلك.

وناشد حبوباتي، الذي تنشط منظمته في مناطق سيطرة النظام، الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن تقدّم في ظل "الوضع الصعب الذي نعيشه (...) مساعدات إلى الشعب السوري"، متعهداً بـ "إيصال المساعدات الإغاثية لجميع مناطق سوريا بما في ذلك المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة".

هذا وأعرب وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد خلال اجتماع عقده الاثنين مع ممثلي منظمات دولية عاملة في دمشق عن استعداد بلاده "لتقديم كل التسهيلات المطلوبة للمنظمات الأممية في سبيل تقديم المساعدات الإنسانية والاحتياجات الضرورية".

وكانت موسكو أول المستجيبين لنداءات دمشق، وأكد الكرملين، في بيان له الاثنين، أن روسيا "مستعدة للوقوف إلى جانب الشعب السوري في محنته، وأن الحكومة الروسية قررت إرسال فرق إنقاذ ومساعدات عاجلة من أجل دعم جهود الحكومة السورية لتجاوز آثار هذه الكارثة".

وأصدر وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، أمراً للقوات الروسية الموجودة في سوريا بالمساعدة في جهود الإنقاذ. هذا إضافة إلى إعلان موسكو عن أن طائراتها من طراز إليوشن-76 المستخدمة في عمليات الإغاثة في حالات الطوارئ على أهبة الاستعداد للسفر إلى تركيا وسوريا.

وحسب ما أفادت شبكة "الميادين"، وصلت أول طائرة مساعدات إيرانية إلى سوريا ليلة الاثنين، محملة بحوالي 45 طناً من المساعدات الغذائية الطبية والإغاثية. وخلال اتصال هاتفي جمعهما، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، لوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، تعاطف بلاده مع الشعب والحكومة السورية واستعدادها لتقديم المساعدات الإنسانية، حسب ما نقلت وكالة "مهر" الإيرانية.

هذا وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام"، يوم الثلاثاء، أن رئيس البلاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أمر بتخصيص 100 مليون دولار لدعم جهود الإغاثة من الزلزال في سوريا وتركيا.

TRT عربي