ماذا يعني تسقيف أسعار النفط الروسي؟ وما تأثيره على الاقتصاد العالمي؟ / صورة: Getty Images (Getty Images)
تابعنا

أعلن الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، توصل أعضائه إلى اتفاق حول تسقيف أسعار واردات النفط الروسي. في قرار يأتي في إطار الجهود الغربية لتشديد العقوبات على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا، ومنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من الحصول على إمدادات مالية لتمويل مجهوده الحربي هناك.

وعقب هذا الإعلان، أعرب البيت الأبيض عن "ترحيبه" بالاتفاق، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي "ما زلنا نعتقد أن تحديد سقف للسعر سيحد من قدرة (فلاديمير) بوتين على الاستفادة من سوق النفط لمواصلة تمويل آلة حرب تستمر في قتل الأوكرانيين الأبرياء".

ودخل هذا الإجراء حيز التنفيذ يوم الاثنين، حيث ردت موسكو عليه بأنها "لن تعترف بأي سقوف". وقال الناطق الرسمي باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، قرار بلاده بشأن هذا التطور الأخير "قيد الإعداد"، مضيفاً أنه "سيتغيّر شيء واحد واضح ولا جدال فيه: اعتماد هذه القرارات هو خطوة نحو زعزعة استقرار أسواق الطاقة العالمية".

هذا ويطرح قرار هذا الإجراء، والرد الروسي المحتمل حوله، عدة أسئلة حول ما يعنيه تسقيف أسعار النفط، والكيفية التي سيجري بها تطبيق هذه الآلية الاقتصادية العقابية. كذلك حول آثار هذا القرار على أسواق الطاقة العالمية، والاقتصاد العالمي المتأرجح أساساً تحت وطأة التضخم الذي تنتجه أزمة الطاقة.

ماذا يعني تسقيف أسعار النفط الروسي؟

وفقاً لهذا الإجراء، ستفرض دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا تطبيق السقف السعري على النفط الروسي، وحُدد في 60 دولاراً أمريكياً للبرميل. فيما ينضاف إلى الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على واردات الخام الروسي القادمة عن طريق البحر، والتعهدات المماثلة السابقة لكل من الولايات المتحدة وكندا واليابان وبريطانيا في هذا الصدد.

ويسمح هذا الإجراء بشحن النفط الروسي إلى دول أخرى باستخدام ناقلات لمجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وشركات التأمين ومؤسسات الائتمان، حصراً إذا جرى شراؤها بالسقف السعري المحدد أو أقل. ما يعني أن معظم شحنات النفط الروسي ستخضع لهذا الإجراء، لكون 90% من شحنات النفط العالمية يجري تأمينها من قبل شركات في مجموعة الدول السبع.

وسيمنع هذا التسقيف أسعار النفط الروسي من ارتفاعات بفعل ظروف سوق الطاقة العالمية الحالية، وسيقلل بشكل كبير من العائدات التي تجنيها روسيا من النفط. فيما ستجري مراجعة عمل آلية التسقيف كل شهرين، من أجل مواكبة تطورات الأسعار في السوق العالمية، وسيجري تحديدها بنسبة 5٪ على الأقل أقل من متوسط ​​سعر السوق للنفط والمنتجات البترولية الروسية التي تقدمها البيانات المقدمة من قبل وكالة الطاقة الدولية.

ووفقاً للجريدة الرسمية لمجلس الاتحاد الأوروبي، جرى تحديد بند للطوارئ في اتفاق التسقيف، ويهدف إلى تحديد الحالات التي يسمح فيها بتجاوز السقف، وهي الحالات "الضرورية للوقاية العاجلة أو التخفيف من آثار حدث من المحتمل أن يكون له تأثير خطير ومهم على صحة الإنسان وسلامته أو البيئة، أو كاستجابة للكوارث الطبيعية".

ما تأثير التسقيف على اقتصاد روسيا والعالم؟

يعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على مداخيل صادراته الطاقية من نفط وغاز، حيث تمثل نسبة 20.2% من الناتج الداخلي الخام للبلاد، وفقاً لإحصاءات الربع الثاني من عام 2022. هذا وتملك روسيا ثالث أكبر احتياطي نفط في العالم ويقدر بـ80 مليار برميل، وتعد خامس أكبر منتج له بحوالي 11 مليون برميل في اليوم، يصدر نصفها نحو الخارج.

ويعتمد المجهود الحربي الروسي بشكل كبير على هذه المداخيل، إذ تساهم في ميزانية الدولة بنسبة 45%. هذا ويبلغ سعر خام من الأورال الروسي حالياً حوالي 65 دولاراً للبرميل، أي أنه أعلى من سقف الأسعار بـ5 دولار فقط، ما سيجعل تأثير الإجراء الأوروبي محدوداً على الاقتصاد الروسي في الأمد القصير.

بالمقابل، وحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن إنتاج البرميل الواحد من الخام الروسي يكلف البلاد حوالي 20 دولاراً، في وقت يتأرجح سعره في السوق العالمية بين 60 و100 دولار، وبالتالي فالتسقيف مازال يسمح لموسكو بجني أرباح واسعة من بيع نفطها.

هذا ويخشى خبراء الاقتصاد في العالم تأثير إجراء التسقيف على السوق العالمية للطاقة، ودفع الأسعار إلى التضخم أكثر. ووفقاً للصحيفة الأمريكية، فإن "فعل ذلك من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على العرض العالمي ويدفع الأسعار إلى الارتفاع في وقت يرتفع فيه التضخم العالمي بالفعل".

وحسب ما صرح به ناجي سابق، الخبير في القانون الدولي والنزاعات، لموقع "الحرة" الأمريكي، فإن "الاتفاق أوروبي فقط وهو ضمن مجموعة السبع، وبالتالي هناك خلاف أوروبي حوله، لأنه يؤثر على الاقتصاد العالمي واستقراره لأن روسيا تملك حوالي 10% من النفط الخام".

هذا وشهدت أسعار الخام في السوق العالمية ارتفاعات، مع دخول قرار التسقيف حيز التنفيذ يوم الاثنين. وخلال جلسة يوم الثلاثاء، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 66 سنتاً إلى 83.34 دولار للبرميل، كما صعد خام غرب تكساس الوسيط بـ70 سنتاً ليصل إلى حدود 77.63 دولار للبرميل.

وتأتي هذه الارتفاعات أيضاً وفقاً لتفاعل مجموعة الدول المصدرة للنفط وحلفائها "أوبك+" مع القرار، والتي أكدت خلال اجتماعها، يوم الأحد، أنها ستتمسك باتفاقهم في أكتوبر/تشرين الأول على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً، بدءاً من نوفمبر/تشرين الثاني.

TRT عربي