هل يستطيع ماكرون ترميم العلاقات مع الجزائر؟ (AFP)
تابعنا

تترقب الأوساط السياسية الجزائرية زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبلادهم فيما إذا كانت ستعيد العلاقات الطبيعية بين البلدين بعد توتُّر شابها وازدادت حدّته قبل 11 شهراً.

يأتي ذلك في وقت اختارت فيه الجزائر إيطاليا كأول شريك للطاقة من دول الاتحاد الأوروبي، فيما تعاني تلك الدول بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا.

ويصل ماكرون إلى الجزائر في زيارة رسمية من 25 إلى 27 أغسطس/آب الجاري، تقول باريس إنها لـ"إحياء العلاقات"، فيما يرفض الطرف الجزائري التعليق على مضمونها حتى الآن.

تأتي الزيارة في سياق تحولات عميقة باشرتها الجزائر على سياستها الداخلية والخارجية، بخاصة مع توجُّهها اللافت نحو بناء شراكات اقتصادية جديدة خارج الدائرة التقليدية الأوروبية والفرنسية تحديداً، وأيضاً في ظل الأزمة بين الدول الأوروبية وروسيا جراء هجومها على أوكرانيا الذي سبب أزمة طاقة في أوروبا.

على أنقاض الأزمة

وستكون زيارة ماكرون للجزائر الثانية له بعد زيارة سنة 2017 واستغرقت بضع ساعات، لكنها هذه المرة ستدوم 3 أيام من الخميس إلى السبت المقبلَين.

وحسب بيان الرئاسة الفرنسية، سيزور ماكرون العاصمة الجزائر ثم وهران أكبر محافظات الغرب الجزائري، بلا تفاصيل حول الأجندة المسطرة.

ويحلّ ماكرون بالجزائر بعد نحو 11 شهراً من تسببه في إحدى أخطر الأزمات بين البلدين، بعد تصريحات أدلى بها أمام أبناء وأحفاد "أقدام سوداء" و"حركى" (خونة للثورة الجزائرية)، طعن فيها في تاريخ الجزائر وشتم النظام السياسي القائم.

وشكّك ماكرون يوم 30 سبتمبر/أيلول الماضي، في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي (1830-1962)، واتهم النظام السياسي الجزائري القائم بأنه "يستقوي بريع الذاكرة".

وردّت الجزائر في 2 أكتوبر/تشرين الأول (بعد يومين) بسحب سفيرها لدى باريس للتشاور، واستمرت القطيعة 3 أشهر، وحظرت مرور الطائرات الفرنسية العاملة بمالي، قبل أن تستأنف الاتصالات تدريجياً أواخر يناير/كانون الثاني من العام الجاري.

وعاد خطاب المجاملات بين تبون وماكرون يوم 25 أبريل/نيسان الماضي، حين وجّه تبون تهنئة إلى ماكرون بمناسبة انتخابه لولاية ثانية ودعاه لزيارة الجزائر.

تَغيَّر كثير

ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ورقلة الجزائرية مبروك كاهي، أن ماكرون "يأتي إلى الجزائر في زيارة سريعة من حيث البرمجة، تطغى عليها الرغبة الفرنسية في تدارك الوقت، أي استدراك ما ضيعته على نفسها مع الجزائر".

وأوضح كاهي للأناضول، أن الرئيس الفرنسي "مطالَب بتقديم تصوُّر جديد للعلاقات الثنائية، وأن يثبت الثقة والاحترام المتبادَل".

وأمام عدم الإعلان رسمياً عن جدول أعمال الزيارة، يرجّح مبروك كاهي أن يناقش الجانبان "ملف الذاكرة، والاقتصاد، والهجرة غير الشرعية، والتأشيرات ،وبعض القضايا الإقليمية".

واعتبر كاهي أن "تراجع النفوذ الفرنسي في مناطق تقليدية كالساحل الإفريقي وتصاعد مشاعر العداء لوجود القوات الفرنسية هناك، ناهيك بالتداعيات الطاقوية والاقتصادية للحرب الروسية-الأوكرانية، ستكون على الطاولة".

في المقابل يرى السفير الفرنسي السابق لدى الجزائر كزافي دريانكور، أنه "لا فائدة كبيرة من الزيارة في هذا التوقيت".

وقال دريانكور لوكالة الصحافة الفرنسية: "لم يطرأ على العلاقات مع الجزائر تغيُّر، ويجب أن تكون من الجزائر إشارات حول عدد من الطلبات، على غرار الجوازات القنصلية لترحيل المهاجرين غير الشرعيين والشؤون الاقتصادية".

ويلمح السفير الفرنسي الذي أنهى خدمته من الدبلوماسية سفيراً للجزائر أواخر 2019، إلى "رفض الجزائر الاستجابة لطلب الداخلية الفرنسية ترحيل مهاجرين غير شرعيين من أصول جزائرية، وتضرر المكانة الاقتصادية لبلاده في الجزائر، إذ غادر عديد الشركات الفرنسية السوق الجزائرية".

وتحاول تقارير أوروبية فرض ملفّ الغاز على أجندة ماكرون، بحثّه على إقناع الجزائر بضخّ كميات إضافية عبر إسبانيا لمواجهة شبح مجاعة الغاز بفعل المخاوف من انقطاع الغاز الروسي.

من جانبه، يؤكد الخبير الدولي في الأزمات حسان قاسمي للأناضول، "وجوب تخلّي فرنسا عن ذهنية الاستعمار، إذا ما أرادت بناء علاقات هادئة مع الجزائر".

وستكون هذه ثاني زيارة رسمية من ماكرون للجزائر التي تربطها علاقات تجارية وثيقة بباريس.

وأصبحت الجزائر بفضل احتياطياتها الكبيرة من الغاز الطبيعي محور اهتمام الاتحاد الأوروبي في جهوده لخفض الواردات من روسيا.

وتوترت العلاقات بين ماكرون وتبون العام الماضي عندما أدّت تصريحات الرئيس الفرنسي حول تاريخ الجزائر إلى خلاف دبلوماسي مرتبط بماضي فرنسا الاستعماري.

TRT عربي - وكالات