وعد الرئيس الفرنسي بفتح أرشيف "حرب الكاميرون" في خمسينيات القرن الماضي. (Others)
تابعنا

أثناء زيارته للكاميرون، كأولى محطة لجولته الإفريقية، وعد الرئيس الفرنسي بفتح أرشيف "حرب الكاميرون" في خمسينيات القرن الماضي والجرائم التي ارتكبتها بلاده خلالها. في خطوة تأتي تحت ضغط من أحزاب سياسية محلية، طالبت باعتراف فرنسا بما اقترفته إبان تلك الحقبة.

هذا ويعود الاستعمار الفرنسي للكاميرون إلى عام 1919، حين تقاسم الحلفاء المستعمرات الألمانية في إفريقيا والعالم. وفي عام 1955، اندلعت حرب تحرير الكاميرون التي أجبرت القوات الفرنسية على منح الاستقلال للبلاد، بعد أن سفكت دماء ما لا يقل عن 120 ألف شخص.

اعترافات ماكرون

في خطاب له من العاصمة الكاميرونية ياوندي، يوم الثلاثاء، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التزام بلاده بفتح أرشيف الاستعمار الفرنسي للبلد الإفريقي، من كشف حقيقة ما وقع وتحديد المسؤوليات فيه، حسب تعبيره.

وقال ماكرون: "ألتزم التزاماً رسمياً هنا بفتح أرشيفاتنا بالكامل لهذه المجموعة من المؤرخين، الذين سيسمحون لنا بإلقاء الضوء على هذا الماضي وعلى المواقف الفردية والحلقات التي ذكرتها وتصف الأشياء بدقة شديدة".

وأشار ماكرون إلى أنه ناقش الأمر مع نظيره الكاميروني بول بيا، واتفقا على إنشاء لجنة مشتركة من المؤرخين من البلدين لتسليط الضوء على الأمر. مضيفاً أن "هذا يعني مشاركة فرنسا، وكذلك دور السلطات الكاميرونية في ذلك الوقت، قبل الاستقلال وبعده (...) حيث من الضروري تحديد المسؤوليات الواقعية".

ويأتي هذا القرار تحت ضغط ائتلاف أحزاب كاميرونية، والتي طالبت فرنسا بالاعتراف بـ"جرائمها الاستعمارية". وقال العضو في "الحركة الإفريقية من أجل الاستقلال الجديد والديمقراطية" بيديمو كووه، خلال مؤتمر صحفي الأحد في مدينة دوالا: "لدينا نزاع تاريخي مع فرنسا. ليس وصول ماكرون هو الذي يثير المشكلة".

مضيفاً: "نحن نغتنم الفرصة لتوعية الكاميرونيين على المشكلة مع فرنسا، من خلال عرض جميع جرائم فرنسا على الطاولة وتسويتها بشكل نهائي إذا أردنا أن تكون لدينا علاقة سلمية". ودعا فالانتان دونغمو، وهو عضو آخر في هذه الحركة، الرئيس الفرنسي إلى "الاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية مثلما بدأت فرنسا تفعل في الجزائر".


جرائم فرنسا في الكاميرون

ويعود الاستعمار الفرنسي للكاميرون إلى عام 1919، حينما اقتسم الحلفاء المنتصرون من الحرب العالمية الأولى مستعمرات ألمانيا المنهزمة، ومن بينها مستعمرة "الكاميرون الألمانية" القائمة منذ 1884. وعاد الجزء الشمالي الأكبر من البلاد لفرنسا، بينما أدارت بريطانيا الكاميرون الجنوبي.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أصبحت مسألة استقلال الكاميرون أكثر تداولاً في أوساط الشعوب المحلية، ما خلف مواجهات عديدة بينها وبين المستوطنين الفرنسيين المدعومين من الجيش والشرطة الفرنسيين، والتي خلفت ضحايا كتر في صفوف الكاميرونيين العزل.

وفي عام 1948، تأسس حزب "اتحاد شعوب الكاميرون" بقيادة الزعيم التحرري روبين مبودول، والذي ضم كل الأطياف المطالبة باستقلال تام للبلاد وجلاء نهائي للمستعمر. وفجر الحزب منذ تأسيسه احتجاجات كبيرة، قمعتها السلطات الاستعمارية وحظرت نشاطه واعتقلت أعضاءه الحركيين.

في ديسمبر/ كانون الأول 1955، قررت فرنسا منح الاستقلال للكاميرون مع الإبقاء على هيمنتها على البلاد بتنصيب الموالين لباريس في الحكومة، ما دفع حزب "اتحاد شعوب الكاميرون" لشن انتفاضة مسلحة، وإعلان حرب تحرير دامت سبع سنوات.

وارتكب الاستعمار الفرنسي جرائم حرب كثيرة في حق الكاميرونيين المطالبين باستقلال بلادهم، وقتل منهم ما لا يقل عن 120 ألف شخص، إضافة إلى اعتقالات عشوائية وتعذيب معتقلين في أقبية الشرطة والجيش الفرنسيين.

TRT عربي