مظلة روسيا النووية.. ماذا يعني نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس؟ / صورة: AP (Andrei Stasevich/AP)
تابعنا

لطالما وجه الرئيس الروسي تهديدات مبطنة باستخدام "جميع الوسائل المتاحة، بما فيها النووي" للدفاع عن الأراضي الروسية، فضلاً عن محاولته لكبح جماح الدعم الغربي العسكري للقوات الأوكرانية، لكن إعلانه عن نية بلاده نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس جاء بمثابة خطوة جديدة وفعلية من موسكو على سلم التصعيد النووي.

وقال فلاديمير بوتين، اليوم السبت، إن بلاده أبرمت اتفاقاً مع جارتها بيلاروس لنشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضيها مشيراً إلى أن مثل هذه الخطوة لا تنتهك اتفاقات حظر انتشار الأسلحة النووية، ومضيفاً أن هذا التحرك جاء تلبيةً لمطالب رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو الذي يطرح منذ وقت طويل مسألة نشر أسلحة نووية تكتيكية في بلده المتاخم لبولندا.

إعلان بوتين المفاجئ هذا، والذي أكد خلاله أنه جرى إرسال عشر مقاتلات بالفعل إلى مينسك قادرة على حمل وضرب أسلحة نووية تكتيكية، أثار الكثير من التساؤلات حول الدوافع والتوقيت، وعلاقته بالتحركات الغربية الأخيرة، إلى جانب تأثير كل ذلك على مسار الحرب في أوكرانيا.

ماذا عن اتفاقيات حظر الانتشار النووي؟

قال الرئيس الروسي إن العمل سيستكمل في بناء وحدات تخزين للأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروسيا في الأول من يوليو/تموز القادم، وهي الخطوة التي شبهها بالانتشار النووي الأمريكي في أوروبا. مضيفاً أن موسكو لن تنقل فعلياً التحكم في تلك الأسلحة إلى مينسك.

وقال:"لا يوجد شيء غير عادي هنا: أولاً وقبل كل شيء، كانت الولايات المتحدة تفعل ذلك منذ عقود. لقد وضعوا أسلحتهم النووية التكتيكية في ست دول مختلفة من دول حلف شمال الأطلسي في أوروبا. اتفقنا على أن نفعل الشيء نفسه، دون أن ننتهك التزاماتنا الدولية بعدم الانتشار".

وتابع بوتين: "لديهم (أسلحة نووية تكتيكية) في دول معينة، ويعدون أنظمة الإيصال وتدريب الطواقم. نحن نخطط لفعل الشيء نفسه".

لكن اقتراحات الرئيس الروسي بأن هذه الخطوة لن تنتهك اتفاقيات حظر الانتشار النووي وأنها تتماشى مع الترتيبات المماثلة التي أبرمتها الولايات المتحدة مع العديد من حلفائها الأوروبيين لم تلقَ أي اهتمام في كييف التي سارعت على الفور في إدانة هذه الخطط. وكتب رئيس مجلس الأمن القومي الأوكراني أوليكسي دانيلوف على تويتر: "أخذ الكرملين بيلاروس كرهينة نووية".

ماذا عن التوقيت؟

جاءت تصريحات الرئيس الروسي بعد أيام فقط من توقيعه بياناً مشتركاً مع الزعيم الصيني شي جين بينغ أعلنت فيه موسكو وبكين: "يجب على جميع القوى النووية أن لا تنشر أسلحة نووية خارج أراضيها الوطنية وتجب عليها إزالة جميع الأسلحة النووية التي نشرتها خارج حدودها".

بعض المراقبين ربطوا إعلان بوتين الأخير بنية بريطانيا في إرسال ذخائر باليورانيوم المستنفد إلى أوكرانيا، وفق تصريحات صدرت مؤخراً عن مسؤولة بريطانية من وزارة الدفاع. فبينما توعد بوتين قبل أيام باستخدام هذا النوع من القذائف إذا تلقت كييف ذخائر مماثلة من الغربيين، كان وزير الدفاع الروسي أكثر مباشرة بقوله إن القرار البريطاني قلَّص الخطوات التي تسبق حدوث "صدام نووي" بين روسيا والغرب.

من جانبه، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، لقناة سي بي إس الأمريكية:"ليس لدينا أي مؤشر على أن بوتين نفذ ما أعلنه أو أنه نقل أي أسلحة نووية. في الواقع، ليس لدينا أي مؤشر يدل على أنه يعتزم الاستعانة بأسلحته النووية في أوكرانيا".

فيما يرى البعض من داخل الإدارة الأمريكية أن قرار موسكو لنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس هدفه بالأساس التغطية على "مشاكل بوتين الخاصة، المتمثلة في صدور قرار اعتقال له من المحكمة الجنائية الدولية، وتعثر الهجوم في أوكرانيا"، وبالتالي أراد الهروب إلى الأمام من خلال "إخافة العالم من مصير نووي مرعب"، حسب ما أورده تقرير على شبكة سي إن إن الأمريكية.

ما الأسلحة النووية التكتيكية؟

الأسلحة النووية التكتيكية هي أسلحة نووية مصممة للاستخدام في ساحة المعركة مع وجود قوات صديقة على مقربة. هي عموماً أسلحة أقلّ قوة تفجيرية ويمكن استخدامها على مسافات قصيرة نسبياً، على عكس الأسلحة النووية الاستراتيجية التي طُوّرَت في الغالب لاستهداف العدو بعيداً داخل أراضيه.

أما قوتها التدميرية فتختلف الأسلحة النووية التكتيكية كثيراً في الحجم والقوة ومدى انفجارها فوق الأرض والبيئة المحلية، فبينما يمكن لأصغرها أن يصل حجمه إلى كيلوطن واحد أو أقلّ (ما يعادل ألف طن من مادة تي إن تي المتفجرة)، فإن الأكبر منها قد يصل حجمه إلى 100 كيلوطن.

ووفقاً لاتحاد العلماء الأمريكيين، تمتلك روسيا مخزوناً إجمالياً للرؤوس الحربية النووية يبلغ 5977، وهو الأكبر في العالم. كما يُعتقد أن روسيا تمتلك نحو 2000 سلاح نووي تكتيكي باستطاعتها وضعها على أنواع مختلفة من الصواريخ التي تُستخدم عادة لإيصال المتفجرات التقليدية، مثل صواريخ "إسكندر" ومدفع "مالكا" ذاتي الحركة والطوربيدات.

TRT عربي