الجنود الروس يجهزون نظام صاروخ إسكندر التكتيكي في منشأة بالقرب من موسكو / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

منذ غزو أوكرانيا، تهدد روسيا الدول الغربية على الدوام باستخدام الأسلحة النووية، في ظل عدم وجود مؤشرات لانتهاء هذا الصراع مع نهاية عام 2022 بعد انخراط الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية فيه بشكل غير مباشر.

ووعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نهاية ديسمبر/كانون الأول، بمنح قواته المسلحة كل ما تطلبه لدعم الحملة العسكرية في أوكرانيا "بلا حدود مالية".

وفي وقت يتراجع فيه الجيش الروسي في ساحة المعركة، يتصاعد خطاب بوتين أكثر من أي وقت مضى، حول استخدام الأسلحة النووية.

وقال بوتين، في كلمة أمام قادة الدفاع في موسكو، إن على روسيا الانتباه لأهمية الطائرات المُسيّرة في الصراع المستمر منذ 10 أشهر.

والسؤال الأول والأساسي اليوم يدور حول الترسانة النووية الروسية وعن مدى سرعة التسلح والتطوير المرتبطة بهذا السلاح.

وحسب شروط "نيو ستارت" آخر معاهدة متبقية للحد من الأسلحة النووية، فإن واشنطن وموسكو مطالبتان بالكشف عن ما لديهما من هذا السلاح. لكن على الرغم من ذلك، لا تعرف القوى الغربية على وجه الدقة حجم ما تمتلكه روسيا من هذا السلاح.

وتنقسم الأسلحة النووية عادة إلى فئتين: الأسلحة الاستراتيجية - تلك الصواريخ طويلة المدى التي يمكنها عبور المحيطات وتهديد القوى العظمى المتنافسة - والأسلحة التكتيكية، التي لديها قدرة محدودة، ويمكن أن تؤدي وظيفة أكثر محدودية.

وحسب صحيفة واشنطن بوست، تمتلك روسيا أنواعاً مختلفة من الأسلحة النووية التكتيكية. جرى تصميم بعضها للاستخدام من قبل البحرية، وأخرى لاستخدامها من قبل القوات الجوية.

ويتبقى قسم ثالث لاستخدامه من قبل الجيش الميداني، إما في صورة صواريخ قصيرة المدى أرض-أرض أو في دفاعات جوية أرض-جو.

صاروخ "الشيطان 2"

وتطرق بوتين في تصريحاته الأخيرة إلى "صواريخ سارمات الروسية الأسرع من الصوت، والتي ستكون جاهزة للانتشار في المستقبل القريب".

وصواريخ سارمات، أو "آر إس – 28"، صواريخ روسية حديثة تعتبر من الجيل الخامس، ويطلق عليها الغرب اسم "الشيطان 2".

هذه المنظومة بدأ العمل عليها عام 2010، وتتمتع بالقدرة على حمل رؤوس نووية بمدى كبير، وكذلك إمكانية الوصول إلى هدفها، متجاوزة القطبين الشمالي والجنوبي.

وتقول موسكو إن المنظومة الجديدة يبلغ وزنها قرابة 200 طن، وتتميز بالإقلاع النشط خلال فترة قصيرة، وتعجز منظومات الدفاع الصاروخي الموجودة حالياً عن اعتراضها.

فيما يقول خبراء عسكريون إن مدى "سارمات" يتراوح بين 11 ألفاً و18 ألف كيلومتر.

وعاد "الشيطان 2" إلى الواجهة بعد أن أجرت روسيا اختباراً لإطلاقه في 20 أبريل/نيسان 2022، من ميناء بليسيتسك الفضائي.

وقتها، أعلنت موسكو أن الرؤوس الحربية التدريبية ضربت أهدافاً محددة في ميدان اختبار الصواريخ "كورا" في شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى شرق البلاد.

وخلال اجتماع، عقده عبر تقنية الفيديو مع قادة وزارة الدفاع الروسية، هنأ الرئيس الروسي بـ "الاختبار الناجح لصاروخ سارمات"، وهدد باستخدامه "ضد من يهددون سلامة بلاده".

ووصف بوتين هذا الاختبار بأنه "حدث كبير ومهم في تطوير المنظومات الدفاعية المستقبلية للجيش الروسي"، حسب ما نقل وقتها موقع قناة "روسيا اليوم".

وقال: "صاروخ سارمات سلاح فريد يعزز القدرات الدفاعية لقواتنا المسلحة وسيضمن أمن روسيا بشكل موثوق في مواجهة أي تهديدات خارجية، وسيجبر الذين يحاولون تهديد بلدنا في خضم خطاباتهم العدوانية المسعورة على (إعادة) التفكير".

وأوضح أن المنظومة الصاروخية الجديدة تحظى بـ"أرفع مواصفات تكنولوجية تكتيكية"، مؤكداً قدرة "سارمات" على اختراق كل وسائل الدفاع الصاروخية المعاصرة.

ونوه إلى أن تصنيع المنظومة الصاروخية الجديدة "جرى باستخدام المكونات والتكنولوجيات الروسية حصراً".

أنظمة أخرى

وتمتلك روسيا مخزونات ذات أحجام مختلفة من الأسلحة النووية. على سبيل المثال، يعتقد اتحاد العلماء الأمريكيين أن روسيا تمتلك حوالي 500 سلاح نووي تكتيكي للقوات الجوية، وهو رقم يتضمن قنابل الجاذبية وصواريخ كروز جو - أرض.

وفي حال إقدام روسيا على تلك الخطوة، سيجري تسليم العديد من الصواريخ إلى الطائرات التي تنفذ مهام القصف التقليدية في أوكرانيا، وفق واشنطن بوست.

يشمل القاذفة Tu-22 Backfire التي استخدمتها روسيا لضرب أوكرانيا وطائرة Su-34 Fullback، والتي زعمت أوكرانيا أنها أسقطتها خلال الحرب.

والمرشح الأكثر ترجيحاً هو نظام الصواريخ 9K720 Iskander، المصنف من قبل حلف شمال الأطلسي "الناتو" على أنه SS-26، وهو صاروخ باليستي أرضي، وفق واشنطن بوست.

لكن وفقاً لهانز كريستنسن مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، يوجد عدد أقل بكثير من هذه الترسانة الروسية، حوالي 100 قطعة سلاح فقط، فلماذا يكون إسكندر هو النظام النووي المفضل لموسكو؟

قال كريستنسن: "ببساطة لأنه الأكثر موثوقية وسيكون لديه أفضل فرصة للوصول إلى هدفه، لا يجري إسقاطه، ومن غير المحتمل فشله".

وصواريخ "إسكندر" قادرة على حمل رؤوس نووية وتقليدية، ويمكن أن يبلغ مداها 500 كم. ويقول الروس إنهم طوّروا هذه الصواريخ بحيث زاد مداها إلى 1500 كم.

ونشرت موسكو صواريخ "إسكندر" في منطقة "كالينينغراد" الروسية قرب بولندا، التي نشرت فيها الولايات المتحدة الأمريكية بطاريات دفاعية.

وبررت وزارة الدفاع الروسية نشر هذه الصواريخ في "كالينينغراد"، بين بولندا وليتوانيا العضوين في حلف "الناتو"، بأنها تأتي في إطار مناورات عسكرية.

واختبرت روسيا صواريخ يبلغ مداها 1500 كيلومتر، عبر إطلاقها من سفن حربية في بحر قزوين وضرب أهداف داخل سوريا.

وأعلنت موسكو أنها طوّرت، في الفترة الأخيرة، صواريخ مثل "كي إتش- 50 الموجهة، وإيه إس-19 الهجومية فوق الصوتية، والتي يبلغ مداها ثلاثة آلاف كم.

وجميع الأرقام الخاصة بالأسلحة النووية هي تقديرات، ولكن وفقاً لاتحاد العلماء الأمريكيين، تمتلك روسيا 5977 رأساً نووياً. ويشمل ذلك حوالي 1500 رأس حربي متقاعد (خارج الخدمة) ومن المقرر تفكيكه.

من بين الـ 4500 المتبقية أو نحو ذلك، يعتبر معظمها أسلحة نووية استراتيجية، صواريخ باليستية أو صواريخ يمكن إطلاقها بمديات بعيدة، هذه هي الأسلحة المرتبطة عادة بالحرب النووية، وفق موقع BBC البريطاني.

أما البقية فهي أسلحة نووية أصغر حجماً وأقل تدميراً وهي للاستخدام قصير المدى في ساحات القتال أو في البحر.

ويقدر الخبراء أن حوالي 1500 رأس حربي روسي "منتشرة"، بمعنى أنها موجودة في قواعد الصواريخ والقاذفات أو في الغواصات في البحر.

ولكن حتى أصغر الرؤوس الحربية يمكن أن يسبب خسائر فادحة في الأرواح وعواقب دائمة.

فالقنبلة التي قتلت ما يصل إلى 146 ألف شخص في هيروشيما باليابان، خلال الحرب العالمية الثانية، كانت 15 كيلو طن.

وتضيف BBC: "يمكن أن يصل حجم الرؤوس الحربية النووية اليوم إلى أكثر من 1000 كيلو طن. بعد وميض شديد العمى، تنطلق كرة نارية ضخمة وموجة انفجار يمكن أن تدمر المباني لعدة كيلومترات".

وفي المحصلة، تستبعد واشنطن بوست استخدام روسيا أقوى أسلحتها النووية لتصفية حسابات مع كييف.

ويتفق الخبراء على أنه من المرجح أن تستخدم موسكو سلاحاً نووياً أصغر على أمل تحقيق هدف محدد في ميدان المعركة.

لكن هؤلاء الخبراء أنفسهم يحذرون، من أنه بمجرد إطلاق العنان لسلاح نووي ما، فإن التحكم في ما سيحدث بعد ذلك أمر صعب.

قال هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين: "بمجرد أن تبدأ في التحدث عن الأسلحة النووية، تنتهي كل الرهانات، لذلك ليس من الواضح إلى أي مدى ستذهب (مثل هذه الحرب).



TRT عربي