"مفتاح دونباس".. هل تغيّر سيطرة أوكرانيا على ليمان مصير استفتاءات الضمّ؟ (AP)
تابعنا

بينما يعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة رسمياً عن ضمّ أربع مناطق في شرق وجنوب أوكرانيا إلى روسيا بعد استفتاءات وصفتها كييف والدول الغربية بأنها وهمية تمت تحت تهديد السلاح، رصدت تحركات عسكرية أوكرانية لتحرير بلدة ليمان التي تسيطر عليها روسيا منذ مايو/أيار وتُعتبر "مفتاح دونباس" بفضل موقعها الاستراتيجي وبنيتها اللوجستية المهمة.

ونقلت رويترز عن محللين عسكريين أوكرانيين وغربيين قولهم إن الوحدات الروسية معرَّضة لهجوم أوكراني يعرّض وجودها في بلدة ليمان في دونيتسك لخطر كبير، إذ يمكن أن يمهّد الاستيلاء على البلدة الواقعة في شمال منطقة دونيتسك الطريق أمام أوكرانيا لشقّ طريقها إلى مقاطعة لوغانسك المجاورة، مما يؤدّي إلى إحباط هدف بوتين المتمثل في الاستيلاء على منطقة دونباس الصناعية التي أعلن عنها بعد أن فشلت قواته في إخضاع البلاد بأكملها في فبراير/شباط.

وإلى جانب إلحاقها انتكاسة جديدة لحملة زعيم الكرملين في حال تمكنت القوات الأوكرانية من استعادة بلدة ليمان، فإن سيطرتها على تقاطع طرق وسكك حديدية استولت عليه القوات الروسية في أواخر مايو/أيار ستمهد لها الطريق أمام مزيد من التقدم الأوكراني في الشرق، مما يعني تعقيد ضمّ روسيا الوشيك لدونيتسك ولوغانسك في الشرق، وكذلك زابوريجيا وخيرسون في الجنوب، بعد الاستفتاءات التي تندد بها كييف وحلفاؤها الغربيون باعتبارها مزيفة، وفقاً لبلومبرغ.

قوات كييف تطوّق ليمان

بعد هجومها المضاد الواسع على جبهة خاركيف ونجاحها في عبور نهرَي أوسكيل وسيفرسكي دونيتس، واصلت القوات الأوكرانية تقدمها شرقاً وباتت الآن قاب قوسين او أدنى للسيطرة على بلدة ليمان التي تطوقها من جميع الجهات بعد أن قطعت طرق خروج القوات الروسية المحاصرة داخلها. وتؤكد التقارير الأخيرة وجود قتال شرس حول بلدة دروبيشيف، التي تقع على بعد 5 أميال شمال غرب ليمان.

وحسب تقرير نشره موقع "Express" البريطاني الأربعاء، يتمركز جيش كييف على مسافة قريبة من مدينة ليمان الاستراتيجية الرئيسية، التي تعمل مركز إمداد مهمّاً على الحافة الغربية لنهر دونباس وبوابة لتحرير أجزاء من مقاطعة لوغانسك التي أخذها الروس بشقّ الأنفس خلال فصل الصيف.

من جهتها قالت كارولينا هيرد، الباحثة في معهد دراسات الحرب: "حققت القوات الأوكرانية مكاسب كبيرة حول ليمان خلال الـ24-48 ساعة الماضية، إذ أشارت كل من المصادر الروسية والأوكرانية إلى أن الأوكرانيين تقدموا غرباً وشمالاً وحتى شمال شرق ليمان". وأضافت: "تطويق هذه المواقع وانهيار هذا الجيب حول ليمان قد يسمحان، اعتماداً على الطريقة التي تقرر بها القوات الأوكرانية السعي لتحقيق المزيد من المكاسب، بفكّ هذا الخط وفتح مزيد من التقدم المحتمل نحو الشرق".

فيما قال السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا جون هيربست: "إن سقوط ليمان سيعقّد بشكل خطير الموقف الروسي في شمال شرق أوكرانيا على أقلّ تقدير".

أهمية ليمان الاستراتيجية

حسب بلومبرغ، تُعتبر ليمان ذات أهمية عسكرية لأنها كانت نقطة انطلاق للهجمات الروسية على سلوفيانسك، أحد آخر المراكز السكانية في دونباس التي لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية، بعد خسارة دونيتسك ولوغانسك في عام 2014 وماريوبول في وقت سابق من هذا العام.

وعلى الرغم من أن الجيش الروسي كان قادراً على السيطرة الكاملة على لوغانسك، فقد فشل في فعل الشيء نفسه في دونيتسك التي يكافح الآن لاحتواء هجوم أوكراني قوي قد يأتي من بلدة ليمان، وهي مفترق طرق رئيسي للسكك الحديدية، التي تأمل قوات كييف استخدامها كبوابة للتقدم نحو الشرق، حيث يسعون لتحرير دونيتسك ولوغانسك من الروس دون فقدان الزخم قبل الشتاء.

وقال معهد دراسات الحرب (ISW): "من المرجح أن يكون انهيار جيب ليمان ذا أهمية كبيرة للتجمع الروسي في شمال دونيتسك وغرب لوغانسك". وأضاف المعهد واصفاً فشل وزارة الدفاع الروسية في معالجة هذه الخسائر: "من المرجح أن يؤدي إلى مزيد من التقليل من معنويات روسيا المتدنية بالفعل".

وفي سياق متصل نقلت صحيفة فاينانشيال تايمز عن أولكسندر دانيليوك، رئيس مركز إصلاحات الدفاع ومقره كييف، قوله إن الاستيلاء على عدد كبير من القوات الروسية سيكون بحدّ ذاته جائزة كبيرة لأوكرانيا وضربة نفسية للكرملين لأنه يفرض تعبئة لا تحظى بشعبية كبيرة.

روسيا تحاول كسب الوقت

في أعقاب النتائج الكارثية للهجوم المضادّ في خاركيف هذا الشهر، سرّعت موسكو عملية الاستفتاء من أجل ضمّ المناطق التي تسيطر عليها تحت مظلة سلاح الردع النووي، الذي ألمح بوتين بكل جدية إلى استخدامه إذا ما تعرضت الأراضي الروسية، ومن ضمنها المناطق التي يجري ضمّها حالياً، لهجوم أوكراني مدعوم من الغرب.

وفي الوقت الذي تضيق فيه النافذة أمام أوكرانيا لتحقيق تقدم كبير في ليمان التي عملت لعدة أشهر كمركز لوجستي لدعم العمليات الروسية في شمال منطقة دونيتسك قبل حلول فصل الشتاء، مما يبطئ العمليات ويمنح روسيا، التي أعلنت تعبئة جزئية، مزيداً من الوقت لتحصين خطوطها.

وفي هذا الصدد، أشار مدير شركة روشان للاستشارات العسكرية في بولندا كونراد موزيكا إلى أن القوات الروسية تحاول الصمود في ليمان لكسب الوقت لإعداد خطوط دفاعية لمنع سقوط المدينة في يد كييف. وقال إن "الروس يحاولون تأخير الإجراءات الأوكرانية قدر الإمكان حتى يتمكنوا من إنشاء أو تحديث خط دفاعهم بين سيفيرودونيتسك والحدود مع روسيا". حسب رويترز.

TRT عربي