لماذا يكثف الزعماء الأوروبيون زياراتهم لبكين؟ / صورة: AP (Jason Lee/AP)
تابعنا

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، عن زيارة مرتقبة لبكين في الخامس أبريل/نيسان الجاري، هي الأولى من نوعها للمسؤولة الأوروبية الرفيعة، فيما تتزامن هذه الزيارة مع دخول اتفاقية الشراكة الأوروبية-الصينية عامها العشرين، وفي مناخ يطبعه التوتر جراء الحرب في أوكرانيا.

وسيزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الصين في نفس التوقيت، بعد أن شهدت أواخر مارس/آذار المنصرم زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز لبكين، وهو مؤشر، حسب مراقبين، على وجود توجُّه أوروبي نحو توطيد علاقاتهم مع البلد الآسيوي، بشقَّيه الاقتصادي والسياسي.

موسم الحج إلى بكين

ونقلت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" الاثنين، عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أنه "وفقاً لما اتُّفق عليه بين الصين والاتحاد الأوروبي، تعتزم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، زيارة البلاد في الفترة من 5 إلى 7 أبريل/نيسان الجاري".

وأضافت المتحدثة باسم الخارجية الصينية أن "الصين مستعدة للعمل مع الاتحاد الأوروبي لاغتنام هذه الزيارة كفرصة لمواصلة استكشاف إمكانات التعاون والتكاتف لمواجهة التحديات العالمية وضخّ مزيد من الاستقرار والطاقة الإيجابية في هذا العالم المضطرب".

من ناحية أخرى، وفق ما أعلنته الرئاسة الفرنسية الجمعة، سيزور الرئيس إيمانويل ماكرون الصين تزامناً مع وجود فون دير لاين هناك. وأوضح الإليزيه أن ماكرون سيستغل الزيارة "للعمل" مع نظيره شي جين بينغ على "عودة السلام" في أوكرانيا.

وستقود هذه الزيارة الرئيس الفرنسي إلى بكين وكذلك إلى كانتون، كما "سيجري الرئيسان الفرنسي والصيني نقاشات معمَّقة حول الحرب في أوكرانيا للعمل من أجل عودة السلام في إطار القانون الدولي، لا سيما سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها".

ووفق المتحدثة باسم الخارجية الصينية، سيشمل لقاء الرئيسين "رسم خريطة التنمية المستقبلية للعلاقات الثنائية، وتعميق التعاون بين الصين وفرنسا، والصين والاتحاد الأوروبي، في مختلف المجالات، وتبادل وجهات النظر بعمق في القضايا الدولية والإقليمية الساخنة الرئيسية".

وقبل رحلتهما المشتركة إلى الصين، سيلتقي ماكرون وفون دير لاين على غداء عمل الثلاثاء في باريس، حيث "سيناقشان مسائل حرب أوكرانيا وقطاع الطاقة والاستعداد للرحلة إلى الصين التي تتضمن لقاءً مشتركاً لهما مع الرئيس الصيني شي جين بينغ" وفق ما أعلنه المتحدث باسم المفوضية إريك مامر.

وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز زار الصين أيضاً يوم الجمعة 31 مارس/آذار المنصرم، والتقى الرئيس شي جين بينغ ومسؤولين آخرين من البلاد، وتبادلوا وجهات النظر بشأن الحرب في أوكرانيا، والتزام إسبانيا تعزيز الحوار والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والصين خلال تولّيها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي العام الجاري.

كما أعرب سانشيز عن أن بلاده "مستعدة للحفاظ على التواصل والحوار الصريح مع الصين، واستمرار تعزيز الثقة المتبادلة، وتعميق التعاون متبادل المنفعة، بخاصة في مجالات مثل المركبات الكهربائية والطاقة الخضراء والاقتصاد الرقمي، وتعزيز الاتصال والتنسيق بشأن القضايا الدولية والإقليمية مثل تغيُّر المناخ، والعمل معاً على تعزيز تنمية العلاقات الثنائية".

لماذا يكثّف الزعماء الأوروبيون زياراتهم للصين؟

يأتي تكثيف القادة الأوروبيين زياراتهم للصين مؤخراً في سياق سنة كاملة من الحرب المندلعة في أوكرانيا، وبعد أسابيع قليلة من زيارة شي جين بينغ لروسيا ولقائه رئيسها فلاديمير بوتين. وخلال القمة الأوروبية الأخيرة في 24 مارس/آذار، أُثيرَ موضوع الصين بشدة، وعبّر القادة عن قلقهم من إقدام بكين على دعم موسكو.

وخلال جلسة خاصة في بروكسل، حثّ ماكرون زملاءه على مضاعفة جهودهم لمنع الصين من تعميق دعمها للهجوم الروسي. ووفق "بوليتيكو" عن مسؤول في الاتحاد الأوروبي، فقد "شدّد الرئيس الفرنسي على ضرورة بذل أقصى الجهود لضمان عدم دعم الصين لروسيا وقدرتها على المضي قدماً في الحرب".

بالتالي يرى عدد من المحللين أن القادة الأوروبيين، خصوصاً محور باريس-برلين، أصبحوا يميلون إلى خطوة الهروب إلى الأمام، والتوجه مباشرة إلى الصين لتوطيد العلاقات الاقتصادية معها، مقابل ثنيها عن دعم بوتين عسكرياً، وهو ما يؤكده تقرير بوليتيكو على لسان المسؤول الأوروبي بقوله: "الصين ليست مثالية، لكننا قد نحتاج إليها يوماً... عديد من الدول الأعضاء تشارك هذا التقييم".

من جهة أخرى ترى صحيفة "غلوبال تايم" المملوكة للحكومة الصينية، أنه منذ اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا، تأثرت العلاقات بين بكين وبروكسل سلباً. وتضيف الصحيفة أن إدارة بايدن مارست ضغوطاً مستمرة على الاتحاد الأوروبي، في محاولة لاستغلال الأزمة وتحويلها متراساً لتطويق الصين.

يضيف المصدر الصيني أنه اليوم، وبعد نجاح مساعي بكين في المصالحة بين السعودية وإيران، رأى القادة الأوروبيون "تزايد النفوذ الدبلوماسي الصيني"، وبالتالي يكثّفون زياراتهم اليوم "في محاولة الإقناع بتحقيق السلام وتعزيز المحادثات حول الصراع الروسي الأوكراني".

TRT عربي