جمدت شبكة "دويتشه فيله" عمل أربعة من صحفييها وعلقت تعاونها مع قناة "رؤيا" الأردنية لاتهامات بـ"معاداة السامية" (Onayli Kisi/Kurum/AA)
تابعنا

أعلنت إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية تجميدها عمل أربعة من صحفييها العرب وإجراء تحقيق "خارجي ومستقل" معهم في تهم نشرهم ادعاءات "معادية للسامية" على شبكات التواصل الاجتماعي حسب وصف المؤسسة. وإضافة إلى ذلك وقفت القناة تعاونها مع قناة "رؤيا" الأردنية لنفس الأسباب تحت ضغط من وسائل إعلام ألمانية أخرى.

واتهمت الصحيفة الألمانية محطة رؤيا أنها معادية للسامية كونها "تُصوَّر المواطنين الإسرائيليين الذين لقوا حتفهم في الهجمات التي شنتها منظمة حماس على أنهم مستوطنون للاحتلال الإسرائيلي". ما يحيل في الحقيقة الأمر إلى موقف القناة الأردنية المعادي لإسرائيل أكثر من كونه موقفاً عنصرياً مبنياً على أسباب عرقية دينية. كما يدفع إلى السؤال حول إذا ما أصبحت معاداة الصهيونية معاداة للسامية؟

يأتي هذا في وقت لا تزال ألمانيا ترزح تحت ثقل عقدة ذنب تاريخها النازي وما ارتكبه من فظاعات ضد اليهود، يستغل ذلك اللوبي الصهيوني للضغط على الساحة السياسية والحقوقية بالبلاد من أجل قمع النشطاء والحركات المعادية للصهيونية وسياسات الاحتلال الإسرائيلي.

اتهامات وتحقيقات

هذا وقالت يومية "زود دويتشه تسايتونغ" في تقرير لها إن "عدداً من العاملين في القسم العربي في دويتشه فيله وكذلك أحد المتعاونين يعمل بشكل مستقل مع المؤسسة نشروا في السنوات الماضية تعليقات معادية للسامية على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام أخرى، ونُشرت تلك التصريحات على حسابات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد حُذف منشورات في وقت لاحق". ونشرت الصحيفة عينة عن تلك المنشورات التي نسبتها إلى العاملين بالقسم العربي للمؤسسة.

ووفقاً لهذه الاتهمات قرَّرت مؤسَّسة "دويتشه فيله" تجميد عمل هؤلاء الصحفيين وإطلاق تحقيق "مستقل وخارجي" لتبيين ملابسات القضية. فيما صرَّح مدير عام المؤسسة بيتر ليمبورغ بأن "لديها سياسة لا تتسامح قيد أنملة مع معاداة السامية".

وأردف ليمبورغ بأن "التصريحات الخاصة التي نقلتها الصحافة عن بعض العاملين بالمؤسسة لا تتوافق مع القيم التي نلتزمها جميعاً" وأنه "في "دويتشه فيله" لدينا قواعد واضحة ضد معاداة السامية وضد أي شكل من أشكال التمييز تنطبق على جميع العاملين، بغض النظر عن المكان وعلاقة العمل التي يرتبطون بها معها". مؤكداً: "سنتعامل مع هذا بسرعة كبيرة الآن من خلال لجنة تحقيق خارجية مستقلة وسنتخذ الإجراءات اللازمة إذا ما تأكدت تلك الادعاءات الخطيرة".

تزامناً مع ذلك وبنفس الطريقة اتهمت صحيفة "بيلد" المؤسسة الألمانية بأنها تقيم شراكة مع مؤسسات مناهضة لإسرائيل ولا تعترف بحقها في الوجود. فيما يتعلَّق الأمر بقناة "رؤيا" الأردنية التي تربطها بنظيرتها "دويتشه فيله" عقود شراكة كون الأولى تتناول قضايا مثل المساواة بين الجنسين وحقوق الأقلّيات في الأردن وتعزيز الثقافة الإعلامية للشباب.

وقررت "دويتشه فيله" في وقت لاحق يوم الأحد تعليق التعاون مع قناة "رؤيا" الأردنية بسبب ما اعتبرته "محتوى مُعادياً لإسرائيل وللسامية" وبسبب رسوم هزلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها. وقالت إنها تنأى بنفسها "بشدة" عن مثل هذا المحتوى، و"تأسف لتقييمها الأولي الذي خلص إلى أن محطة رؤيا ليست معادية لإسرائيل".

ووصف غويدو باومهاور أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في المؤسسة الألمانية، الأمر بأنه "صورة مثيرة للاشمئزاز يأسف لعدم ملاحظتها". مؤكداً أنه سيتعين عليه إعادة تقييم التعاون لأن "عديداً من أجزاء المحتوى الذي يُنشَر عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالقناة الأردنية لا يتوافق بالتأكيد مع قيم دويتشه فيله".

عقدة الذَّنب تحرم انتقاد إسرائيل

وليست هذه أول مرة ترضخ فيما شبكة "دويتشه فيله" للضغط بمسألة انتقادها إسرائيل. بل سبق وتزامناً مع العدوان الإسرائيلي الشرس على الشعب الفلسطيني شهر مايو/أيار الماضي أن قيدت نشر التقارير التي تنتقد إسرائيل معللة ذلك بمسؤولية برلين الخاصة تجاه الدولة اليهودية بسبب "الهولوكوست".

وأكدت وثيقة داخلية مكونة من صفحتين جرى تسريبها ونشرها وقتها على وسائل التواصل الاجتماعي بأن إرث المحرقة ومسؤولية ألمانيا الخاصة تجاه إسرائيل لا يزالان حجر الزاوية في دستور البلاد وسياستها الخارجية. وأوصت رئيسة التحرير مانويلا كاسبر-كلاريدج للموظفين عبر تلك الوثيقة: "نحن في دويتشه فيله لا نشكك أبداً بحق إسرائيل في الوجود باعتبارها دولة، ولا نسمح للأشخاص الموجودين في تغطيتنا بذلك"، مضيفة: "نحن لا نشير أبداً إلى نظام الفصل العنصري في إسرائيل. إننا نتجنب أيضاً الإشارة إلى الاستعمار أو المستعمرين".

وفي 2019 ضغط اللوبي الصهيوني على البرلمان الألماني من أجل تبني قانون يجرم حركة "مقاطعة إسرائيل" العالمية، هذا الأخير الذي أذعن لذلك الضغط فأدان الحركة ووصفها بـ"المعادية للسامية". وفي ذات السنة رفعت كل من مؤسسة "ألمانيا-إسرائيل" وجامعة "هوبولت" في برلين دعوى قضائية ضد ثلاث نشطاء من الحركة، منهم يهوديان، بتهمة التعدي على ندوة انعقدت في الجامعة المذكورة في يونيو/حزيران 2017 لتبييض سمعة إسرائيل.

وفي مايو/أيار الماضي سحبت الحكومة الألمانية عضوية الناشط السوري معتصم الرفاعي في "المجلس الاستشاري للشباب" بسبب موقفه الداعم للفلسطينيين وتنديده بالعدوان الإسرائيلي عليهم، فجاء ذلك إثر ضغوطات مارسها اللوبي الصهيوني على تلك الحكومة.

TRT عربي