مشاركة الرئيس أردوغان خلال جلسة التصوير في قمة الناتو الاستثنائية لرؤساء الدول والحكومات التي انعقدت في بروكسل يوم 24 مارس/آذار (AA)
تابعنا

منذ اندلاع الحرب الأوكرانية قبل أكثر من شهر، وفي ظل انشغال الغرب في فرض عقوبات قاسية على روسيا رداً على هجومها على أوكرانيا، بدأت أنقرة حراكاً نشطاً ومستمراً للتوسط بين موسكو وكييف من أجل إنهاء الحرب وإحلال الأمن والسلام في منطقة البحر الأسود.

وعلى الرغم من أن الهجوم الروسي قلب الحسابات الجيوسياسية لمعظم دول العالم رأساً على عقب، فإن نجاح تركيا في الحفاظ على التوازن الجيوسياسي الدقيق بين روسيا وأوكرانيا ومساعيها الحثيثة لإنهاء الخلاف، قُوبلَ بشعبية كبيرة في العواصم الغربية، حسب محلّلين أتراك.

وبينما كانت الدول الغربية تتحدث عن استبعاد تركيا من حلف الناتو قبل عام، بات رؤساء حكوماتها يحجّون إلى أنقرة بكثافة في الآونة الأخيرة أملاً في إنهاء الصراع وما يصاحبه من أزمات اقتصادية، بالإضافة إلى بحث خيارات إيصال الغاز الإيراني والإسرائيلي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية عوضاً عن الغاز الروسي الذي يستخدمه بوتين ورقة ضغط في وجه أوروبا.

توازن دقيق

لسنواتٍ لعبت تركيا دوراً خاصاً في ما يتعلق بالازمة الروسية الأوكرانية من خلال محاولة موازنة علاقاتها مع كلا البلدين، وبينما أدانت بشدةٍ ضمَّ روسيا شبهَ جزيرة القرم عام 2014، ووصف الرئيس أردوغان قرار بوتين الأخير الذي اعترف باستقلال جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، بأنه غير مقبول. ومع ذلك لم تشارك تركيا في العقوبات الغربية، التي تراها غير فعالة، ضد روسيا.

وبدلاً من العقوبات، أكدت أنقرة مراراً وتكراراً أن الطريق لحلّ الأزمة الأوكرانية لا يمكن تحقيقه إلا بالحوار، بجانب ضمان المصالح الأمنية الروسية، ولكن ليس على حساب وحدة الأراضي الأوكرانية واستقلالها الكامل وغير المشروط.

وقال برهان الدين دوران، رئيس مركز "سيتا" للدراسات، إنه "من غير المنطقي أن تتوقع تطبيق تركيا النهج الغربي تجاه روسيا من عقوبات وغيرها"، مشيراً إلى أن أردوغان أكّد أن بلاده لن تتخلى عن علاقاتها مع روسيا من خلال إعطاء أمثلة على الغاز الطبيعي ومحطة "أكويو" للطاقة النووية.

تقارُب غربي

قُبيل انعقاد قمة الناتو الأخيرة في بروكسل، شهدت أنقرة حركة دبلوماسية نشطة، أبرز معالمها زيارات قادة ألمانيا واليونان وبولندا وهولندا الذين عقدوا اجتماعات فردية مع الرئيس أردوغان.

وفي أعقاب استقبال الرئيس أردوغان رؤساء وزراء بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وإستونيا، واجتماعه بالرئيس الفرنسي، أعلن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي أن بلاده قررت مع فرنسا وتركيا إعادة عمل منصة التعاون بين البلدان الثلاثة واجتماعها قريباً.

كل هذه الزيارات الغربية وما يصاحبها من لقاءات، تشير إلى تحوُّل استراتيجي في العلاقات التركية-الغربية، لكن السؤال الحاسم هو: ما الاحتمالات التي سيحقّقها هذا الطقس الحارّ؟ وما المخرجات الملموسة التي سينتجها؟ وفقاً لرئيس "سيتا" دوران.

رفع القيود عن صناعة الدفاع التركية

خلال قمة الناتو التي عُقدت في بروكسل الخميس الماضي، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى رفع أشكال حظر توريد السلاح والمنتجات الدفاعية كافة عن تركيا. وأضاف: "من مصلحتنا المشتركة إزالة القيود المفروضة من بعض حلفائنا على الصناعات الدفاعية التركية".

ومن شأن الهجوم الروسي على أوكرانيا أن يعيد ترتيب التوازنات في العلاقات التركية-الأمريكية التي سادها التوتر لسنوات بسبب اقتناء أنقرة منظومة "إس-400" وإخراجها من برنامج "إف-35"، والدعم الأمريكي لوحدات تنظيم YPG/PKK الإرهابي شمال شرق سوريا.

خصوصاً أن الإدارة الأمريكية برئاسة بايدن بدأت تُبدِي اهتماماً كبيراً تجاه بيع وتحديث مقاتلات "إف-16" لتركيا، وتسعى لإقناع الكونغرس بتمرير الصفقة، بفضل الجهود الحثيثة لوزير الدفاع التركي خلوصي أقار طوال الفترة الماضية.

TRT عربي