تابعنا
بعد التفجيرين اللذين استهدفا قلب العاصمة تونس، طُرحت أسئلة ومخاوف كثيرة حول الوضع الأمني بالبلد واستهداف التجربة الديمقراطية فيه.

تونس ـــ يحبس الشارع السياسي والشعبي في تونس أنفاسه، بعد تفجيرين متزامنين استهدفا قلب العاصمة، وسط مخاوف من تداعيات هذه العملية على موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستقام بعد أشهر قليلة، وتعد بحسب مراقبين محطة فارقة ومفصلية في تاريخ تجربة الانتقال الديمقراطي في مهد الثورات العربية.

استفاق التونسيون أمس الخميس، على وقع تفجيرين انتحاريين متزامنين استهدفا وسط العاصمة، وأديا إلى وفاة عون أمن وإصابة خمسة آخرين بجروح متفاوتة بحسب بلاغ رسمي لوزارة الداخلية، وسط مخاوف طرحتها الأوساط السياسية والشعبية حول استهداف التجربة الديمقراطية في البلاد.

توقيت مريب

وتأتي هذه الحادثة الإرهابية التي تبناها تنظيم داعش، واستهدفت أحد أبرز شوارع العاصمة التجاري "شارل دي غول"، ومحيط الوحدة الأمنية لمكافحة الإرهاب بمنطقة "القرجاني"، قبل أشهر من موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة أواخر 2019، والتي يراها مراقبون ورجال سياسة محطة فاصلة في مسار الانتقال الديمقراطي بعد الثورة لوضع تونس على سكة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

توقيتُ العملية الذي جاء بعد هدوء أمني عاشته البلاد، وفي خضم استعداد تونس لبدء الموسم السياحي الذي وصفه وزير السياحة روني الطرابلسي بالواعد، طرح بين الأوساط السياسية والشعبية أكثر من سؤال حول توقيته ودوافعه والجهات التي تقف وراءه.

ما زاد في حيرة التونسيين، الوضع الصحي الحرج والغامض الذي يمر به رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إثر تعرضه لوعكة صحية حادة، نقل على إثرها إلى المستشفى العسكري بالعاصمة لتلقّي العلاج، وسط تضارب للأخبار حول حقيقة وفاته من عدمها.

رئيس الحكومة يوسف الشاهد سارع بالنزول إلى مكان الحادث الإرهابي وسط شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، داعياً التونسيين للتوحد وعدم الخوف، مؤكداً أن العملية الإرهابية هدفها إرباك المسار الديمقراطي في البلاد واستهداف الاقتصاد التونسي، داعياً المواطنين للالتفاف حول حكومتهم ومؤسساتهم الأمنية والعسكرية.

إرباك المسار الانتخابي

النائب عن حركة النهضة سمير ديلو أكد في تصريح لـTRT عربي أن توقيت التفجيرات الإرهابية قبل أشهر من موعد الانتخابات، يهدف بشكل مباشر إلى إرباك العملية الديمقراطية السلمية في البلاد، مشدداً على أن الانتخابات ستجري في موعدها مهما كانت التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية.

ودعت الحركة في بيان لها التونسيين "للوقوف صفّاً واحداً من أجل إجهاض مرامي الإرهابيين وإلى مؤازرة المؤسستين الأمنية والعسكرية في التصدي لهذه الجرائم".

وشددت على أنّ "هذه الجرائم لن تثني التونسيين عن استكمال أهداف المرحلة وإنجاز الاستحقاقات الانتخابية في آجالها وتوفير كل مقومات نجاح الموسم السياحي الواعد".

بدوره، دعا رئيس الجمهورية السابق ورئيس حزب "الحراك" المنصف المرزوقي في تدوينة عبر حسابه الرسمي على فيسبوك إلى "المضي قُدماً في مشروع بناء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية والتمسك أكثر من أي وقت مضى بالخيارات الأساسية التي جاء بها الدستور".

مؤامرة خارجية

رئيس الكتلة البرلمانية لحزب "تحيا تونس" مصطفى بن حمد صرح لـTRT عربي بأن الإرهاب يستهدف بشكل مباشر اقتصاد البلاد بعد تسجيل مؤشرات نمو اقتصادي جيدة في قطاع الفلاحة والسياحة خصوصاً، وأشار إلى أن محاولات ضرب أمن تونس قبل أشهر من موعد الاستحقاق الانتخابي الذي ستعيشه البلاد، لم يكن صدفة بل مخططاً لإجهاض الانتقال الديمقراطي الذي تسير إليه تونس "بخطى حثيثة على عكس بلدان أخرى عاشت انتكاسات في ثوراتها العربية"، حسب وصفه.

نشطاء سياسون بارزون في تونس سارعوا بالحديث عن "مؤامرة" خارجية تستهدف التجربة الديمقراطية برمتها في تونس، إذ لم يتوانَ رئيس شبكة "دستورنا" جوهر بن مبارك عن توجيه أصابع الاتهام إلى السعودية والإمارات، بالوقوف وراء الهجمات الإرهابية والسعي نحو إجهاض التجربة الديمقراطية الناجحة في مهد الثورات العربية.

وفيما تستمر التحقيقات لمعرفة الجهات التي تقف وراء العمليتين الإرهابيتين، يبقى الانتظار المشوب بالقلق سيد الموقف في الشارع التونسي حول مصير العملية الديمقراطية برمتها، وتداعيات هذه العملية الإرهابية على الوضع بشكل عام، والتي زادها تعقيداً الوضع الصحي الحرج لرئيس الجمهورية.

توقيتُ التفجيرين جاء بعد هدوء أمني عاشته البلاد، وفي خضم استعداد تونس لبدء الموسم السياحي (AP)
يقول مراقبون إن توقيت التفجيرات الإرهابية قبل أشهر من الانتخابات، يهدف إلى إرباك العملية الديمقراطية السلمية في البلاد (AP)
TRT عربي