تابعنا
يبدو أن الاجتماع الدولي المغلق الخاصّ بليبيا المنعقد الخميس في نيويورك لم ينتج مخرجات جديدة لحل الأزمة الليبية، ما عدا الدعوة إلى وقف إطلاق النار في طرابلس والعودة مجدَّداً إلى العملية السياسية برعاية أممية.

طرابلس ـــ شارك ممثلون عن 9 دول بينهم وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهي الولايات المتَّحدة وفرنسا والصين وروسيا وبريطانيا، إضافة إلى إيطاليا وألمانيا وتركيا، بحضور الأمين العامّ للأمم المتَّحدة أنطونيو غوتيريش وممثله في ليبيا غسان سلامة وممثلين عن الاتِّحادين الأوروبيّ والإفريقي وجامعة الدول العربية.

ودعا وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو لدى اختتام الاجتماع الدولي بشأن ليبيا إلى العودة إلى المسار السياسي، مشدّداً على أن الحل العسكري لن يحقّق استقرار ليبيا.

وذكرت وكالة آكي الإيطالية أن وزير الخارجية الإيطالي أكَّد مركزية الملف الليبي لأمن واستقرار منطقة المتوسط والتزام إيطاليا والمجتمع الدولي كاملاً في البحث عن حل سلمي للأزمة الليبية التي طال أمدها.

وفي ذات السياق شدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطابه أمام الجمعية العامَّة للأم المتَّحدة على ضرورة توفير الأمن والاستقرار في ليبيا من خلال إنشاء إرادة ديمقراطية تستند إلى إرادة الشعب الليبي.

ودعا وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، ونظيره الجزائري صبري بوقادوم، إلى إشراك الليبيين والبلدان المجاورة في أي تسوية سياسية للأزمة الليبية.

من جهة أخرى طالب رئيس مفوضية الاتِّحاد الإفريقي موسى فقيه مجلس الأمن الدولي بإعادة النظر في الأوضاع الحالية في ليبيا وتطبيق حظر تصدير السلاح إلى ليبيا.

واقترح فقيه في جلسة لمجلس الأمن الدولي حول السلم والأمن في إفريقيا تعزيز أعضاء المجلس عملية تفاوضية شاملة وفق آلية مشتركة تعتمد على دور إفريقي في حل أزمة ليبيا.

وقد دعا رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج الولايات المتَّحدة إلى العمل على وقف التدخلات السلبية الخارجية في أزمة ليبيا، متهِماً الإمارات ومصر وفرنسا بدعم عدوان حفتر على طرابلس.

ويرى محللون أن عملية وقف إطلاق النار في طرابلس يجب أن تقترن بوجود رؤية سياسية واضحة وثوابت تتفق عليها الأطراف الليبية وفق جدول زمني بتعاون المجتمع الدولي لحل أزمة ليبيا.

تسريبات مطمئنة

ويرى الناشط السياسي فرج فركاش أن نتائج الاجتماع الدولي الذي ترأسته فرنسا وإيطاليا غير واضحة إلى الآن، لكن تصريحات الخارجية الإيطالية تشير إلى ضرورة ملحة لوقف إطلاق النار والعودة مجدداً إلى طاولة المفاوضات في ليبيا.

وأردف قائلا لـTRT عربي: "نتوقع أن تكون مقترحات وتوصيات الاجتماع الإيطالي الفرنسي من ضمن مدخلات اجتماع برلين المرتقب في أكتوبر القادم في ألمانيا".

واعتبر فركاش أن اتهام السراج في خطابه بالأمم المتَّحدة دولاً بدعم هجوم حفتر على طرابلس سيجعلها تعيد تقييم دورها من جديد في ليبيا، بخاصَّة مع استمرار الجمود العسكري بين الطرفين واستحالة الحل العسكري.

وأوضح فركاش أن تسمية رئيس حكومة الوفاق لدول الإمارات ومصر وفرنسا قد تغيّر الواقع السياسي باعتبار أن السراج ذكر هذه الدول من باب التوبيخ واللوم، وينعكس بالضغط على طرف حفتر الذي تدعمه هذه الدول من أجل تقديم مزيد من التنازلات وعدم التعنت بالتزامن مع قبول حكومة الوفاق بنوع من التفاوض ولو بطريقة غير مباشرة.

دول ضالعة في العدوان

اعتبر المحلل السياسي إسماعيل المحيشي أن الدول الضالعة في الصراع الليبي مثل فرنسا والإمارات ومصر المشاركة في الاجتماع الدولي لا يمكن أن تقود عملية للسلام والاستقرار في ليبيا بعد تسليح حفتر ودعمه في الهجوم على الحكومة المعترف بها دوليا.

وأضاف المحيشي: "من المتوقع أن لا يُصدِر الاجتماع الدولي في نيويورك أي بيان، لأن بعض الدول الكبرى تعلم أنها أصبحت طرفاً رئيسيّاً في النزاع الليبي لعدم دعمها القرارات الصادرة من مجلس الأمن الدولي ذات الصلة وعدم دعم تطبيق الاتفاق السياسي الذي كان برعاية أممية".

وأكَّد المحيشي أن الرئيس السراج أعلن عن رؤية سياسية واضحة المعالَم للمستقبل السياسي في ليبيا ووضع النقاط على الحروف من خلال مبادرته السياسية التي وجدت قبولاً في الشارع الليبي، مشيراً إلى أن حكومة الوفاق ستلقى دعماً شعبيّاً لاستمرارها في دحر عدوان حفتر على طرابلس وقيادتها مشروعَ إصلاحٍ حقيقيّ لمؤسَّسات الدولة.

وصرح المحيشي لـTRT عربي بأن الأنظار تتجه إلى ألمانيا بعد تأكيدها أنها تدعم التوافق الليبي واستعدادها لتوفير المناخ الملائم لوقف القتال الدموي في طرابلس والدفع من جديد بالعملية السياسية.

صراع مصالح

من جهة أخرى أكَّد رئيس المؤتمر الوطني لتفعيل الدستور الليبي أشرف بودوارة أن الدول المتصارعة حول ليبيا إذا اتفقت في اجتماع نيويورك في تقاسم الأدوار وعلى مصالحها في ليبيا فسوف تتخلى عن حفتر.

وتابع بودوارة لـTRT عربي: "الأطراف الخارجية هي التي تملك مفاتيح الحل في ليبيا بنسب متفاوتة لدعمها أطرافاً محلية، وفي ليبيا صراع كبير من أجل الاستثمارات الليبية، وكلٌّ يبحث عن حصته لعدم وجود دولة تعمل بجميع أركانها".

ويوضّح بودوارة أن أساس الأزمة في ليبيا هو انقسام الدولة في ظل عدم توافق الأطراف الدولية على موقف مشترك موحَّد يحلّ أزمة ليبيا، مؤكّدا أن الحل يجب أن يخرج من الليبيين لتقرير مصيرهم.

TRT عربي