تابعنا
تفيد الترجيحات الصادرة عن لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إلى إمكانية حسم صفقة طائرات سوخوي 35 الروسية في مارس/آذار 2023، حيث تعمل طهران على تعزيز قدراتها الجوية.

تفيد الترجيحات الصادرة عن لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إلى إمكانية حسم صفقة طائرات سوخوي 35 الروسية في مارس/آذار 2023، حيث تعمل طهران على تعزيز قدراتها الجوية من خلال الحصول على هذا النوع من الطائرات المتطورة بالمقارنة مع Mig29، وSu27.

أعضاء في لجنة الأمن والسياسة الخارجية التابعة للبرلمان الإيراني، ومن ضمنهم شهريار حيدري، أكدوا لوكالة تسنيم في وقت سابق، أن الصفقة المنتظرة ستشمل أيضاً منظومات دفاع جوي وصواريخ بعيدة المدى، وطائرات مروحية، وقطع مدفعية.

الحديث عن امتلاك إيران للطائرات الروسية المتطورة، أتى في ظل التقارب الكبير بين طهران وموسكو بعد الحرب الأوكرانية، فقد أشارت العديد من التقارير إلى الدعم الذي قدمته إيران للقوات الروسية من خلال تزويدها بطائرات مُسيّرة من طراز شاهد 136، لاستخدامها في ضرب محطات الطاقة والسدود والبنية التحتية الأوكرانية.

ولقد تجنبت روسيا طيلة السنوات الماضية اتخاذ أي خطوات من شأنها إحداث خلل بالتوازن في علاقاتها بمنطقة الشرق الأوسط بين إسرائيل ودول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية من جهة، وإيران من جهة أخرى، لكن يبدو أن تنامي التوترات على الساحة الدولية على خلفية الحرب في أوكرانيا، بات، كما يرى العديد من الخبراء، يفرض تدريجياً معطيات سياسية مختلفة، إذ إن العلاقة بين موسكو وتل أبيب تشهد فتوراً ملحوظاً بسبب الدعم الإسرائيلي لأوكرانيا بالأسلحة غير الفتاكة، والمحادثات بين كييف وتل أبيب على صفقات سلاح تشمل منظومات دفاع جوي، كما أن حاجة روسيا إلى إيران عسكرياً وسياسياً تتزايد.

إعادة بناء قدرات الجيش الإيراني وفق عقيدة قتالية جديدة

تتوقع إيران خلال المرحلة المقبلة تصاعد التهديدات الأمنية، بعد إعلان إدارة بايدن موت جهود إحياء الاتفاق النووي، وتأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد أسبوع فقط من عودته إلى السلطة، أن إسرائيل "ستحارب بلا هوادة، وبطرق مختلفة مساعي إيران لامتلاك ترسانة نووية" .

ونظراً لهذه التطورات، فيبدو أن إيران تعمل على بناء قدرات جيشها، بخاصة في المجال الجوي، لضمان تطوير قدراتها الدفاعية في مواجهة أي تصعيد محتمل.

ويتفق مع هذا القول فراس إلياس أستاذ الاستراتيجية والأمن الوطني، المهتم بالسياسات الإيرانية، إذ رأى أن توجه طهران لشراء طائرات سوخوي 35، يشي بتوجه إيراني جديد يتمثل بتحديث العقيدة القتالية.

وأفاد إلياس في حديث مع موقع TRT عربي، بأن "طهران تريد رفع قدراتها القتالية إلى مستوى يتوافق مع التهديدات الأمنية والعسكرية الحالية، بخاصة فيما يتعلق بتلويح إسرائيل بتنفيذ هجمات داخل إيران، وكان آخرها التهديدات التي أطلقها بني غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق ضمن حكومة يائير لابيد".

وعلى الرغم من إحراز إيران بعض التقدم في مجال صناعة الطائرات المسيّرة، وتطوير صواريخ بالستية، فإنها تعاني من ضعف قدرات سلاحها الجوي مقارنة مع دول المنطقة التي تعتمد على التسليح الغربي في الحصول على طائرات تحقق لها التفوق الجوي على حساب إيران، مثل طائرات F15، و F16، وF18، وتورنادو، وتايفون، ورافال، ولذا فإن طهران تحاول، كمرحلة أولى، شراء 24 طائرة روسية من طراز سوخوي 35 مع تدريب كوادر في موسكو، والعمل على رفع العدد لاحقاً في حال أتاحت الظروف ذلك.

ماذا ستضيف طائرات سوخوي-35 لسلاح الجو الإيراني؟

إن إنجاز صفقة طائرات سوخوي 35 الروسية لصالح طهران، سيمنح سلاح الجو الإيراني بعض الميزات المهمة، الأمر الذي ينعكسس على موازين القوة في منطقة الخليج وربما يزيد من حدة التوتر.

وتعتبر مياه الخليج العربي ساحة توتر مستمرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تشهد المنطقة احتكاكات مستمرة بين الجانبين، كان آخرها في منتصف العام الماضي، عندما اقتربت زوارق تابعة للحرس الثوري الإيراني من سفينتين حربيتين أمريكيتين، أثناء عبورهما في مياه الخليج.

في السياق ذاته، كشفت تقارير صادرة عن القناة الإسرائيلية 12 في حزيران/يونيو 2022، عن أنباء تفيد بنشر الجيش الإسرائيلي منظومات رادار في كل من الإمارات والبحرين المطلتين على مياه الخليج، بالإضافة إلى مساع أمريكية – إسرائيلية، لتأسيس تحالف دفاع جوي إقليمي بهدف مواجهة ما وصفته بـ"التهديدات الإيرانية".

ويرجح الرائد الطيار يوسف حمود، الخبير الذي قاد طائرات حربية روسية، أن إيران تعمل من خلال سعيها للحصول على طائرات سوخوي 35، على "تدعيم موقفها في أي مواجهة محتملة مع إسرائيل وبعض دول المنطقة في الخليج العربي، واحتمالية مشاركة الأسطول الأمريكي في هذه المواجهات".

واستدل خبير الطيران الحربي في تفسيره لأسباب سعي إيران امتلاك هذا النوع من الطيران، بالميزات الفنية التي تتمتع بها المقاتلة الروسية، فهي تجمع في آن واحد بين قدرات القاذفات، والمقاتلات، على عكس طرازات "ميغ" و "سوخوي" السابقة، التي كانت تعتمد في الغالب على التمييز في التصميم والتصنيع بين الطائرة القاذفة والمقاتلة.

وأضاف الحمود في تصريحاته لموقع TRT عربي: "طائرة سوخوي 35 بطرازاتها المختلفة، قادرة على حمل مختلف أنواع الصواريخ المتفجرة والحارقة، وصواريخ جو – جو المخصصة للاشتباك الجوي، بالإضافة إلى صواريخ جو – أرض التي تمتاز بقدرتها على استهداف السفن والبوارج الحربية والغواصات، ولديها ميزة استهداف التحصينات الخراسانية والإسمنتية".

وأشار الرائد الطيار، إلى امتياز الطائرة الروسية هذه بقدرة حمل قنابل يصل وزنها إلى 8000 كيلوغرام، بالإضافة إلى متانة جسمها الخارجي لأنها مصممة بطريقة تمكنها من إجراء مناورات قتالية متقدمة في الجو.

من جانبه، يرى إلياس أن حصول إيران على طائرات سوخوي 35 سيعزز من "قدرة الردع الاستراتيجي لديها، من خلال تقوية إمكانياتها الجوية إلى جانب الصواريخ البالستية، في ظل حالة اللايقين التي تعتري مدى قدرتها على تطوير سلاح نووي"، بالتالي، كما يضيف، فإن "طهران بدأت تبحث عن بدائل لتعزيز حالة التوازن الاستراتيجي كبديل عن خيار المراهنة على البرنامج النووي، بخاصة وأنها أمام فرصة مناسبة ستُعجّل من حصولها على هذا الطراز من الطائرات أقل تكلفة، بسبب حاجة روسيا إلى الطائرات الإيرانية المُسيّرة منخفضة التكلفة".

وينظر إلياس إلى الجهود الإيرانية الرامية للحصول على الطائرات الروسية المتطورة، على أنها مدخل لإعادة تشكيل معادلة التوازن الإستراتيجي في الشرق الأوسط.

امتلاك إيران لسوخوي-35 وأثره على التوازنات في المنطقة

استبعد إلياس حدوث اختلال كبير في التوازن الإستراتيجي بمنطقة الشرق الأوسط، نتيجة امتلاك إيران لطائرات سوخوي 35، معتبراً أن هناك تفوقاً لتكنولوجيا الطائرات الغربية عموماً على الطائرات الروسية، بالإضافة إلى التطور الشامل للعقائد القتالية لدى الدول الغربية بالمقارنة مع العقيدة القتالية الروسية.

وأشار العقيد الطيار مصطفى البكور، إلى عدم بلوغ طائرة سوخوي 35 الميزات التي تتمتع بها طائرات الجيل الخامس، تحديداً الخاصية الشبحية والقدرة على التخفي من الرادار، لأنها طائرة تعتبر بين جيلين الرابع والخامس، وينقصها العديد من ميزات الجيش الخامس.

وأكد العقيد البكور خلال حديثه مع موقع TRT عربي، وجود فوارق تكنولوجية كبيرة بين الطائرات الأمريكية التي تمتلكها عديد دول المنطقة مثل السعودية والكويت وإسرائيل، والطائرات الروسية بما فيها سوخوي 35، فعلى سبيل المثال فإن طائرة F15 مزودة بأنظمة إنذار مبكر تمتاز بكفاءة عالية، قادرة على كشف منطقة على مساحة تزيد عن 300 كيلومتر، بالإضافة إلى صواريخ بعيدة المدى، وقدرة كبيرة على المناورة الجوية، أي أنه بإمكانها اكتشاف طائرة سوخوي 35 في الجو واستهدافها قبل أن يتلقى قائد طائرة سوخوي 35 الروسية إنذاراً بوجود هدف مُعادٍ في الأجواء.

من جهته أشار الرائد الطيار يوسف حمود إلى فارق تقني آخر مهم بين الطائرات الأمريكية والروسية، يتمثل في قدرة الطائرات الأمريكية على مسح المنطقة العمياء خلف الطيار، وهذه الميزة تزيد من قدرة المناورة وتتبع الأهداف المعادية التي تخرج عن مدى نظر الطيار.

وأجمع خبيرا الطيران الحربي، على أن تحديث قدرة سلاح الجو لا يقتصر على تطوير الطائرات فقط، وإنما يجب تعزيزه بتطوير أنظمة الدفاع الجوي التي تساهم بشكل كبير في تحسين أداء المواجهات الجوية.

يجمع الخبراء أنه من المبكر الجزم بموافقة روسيا بشكل نهائي على بيع إيران طائرات سوخوي 35، لأن المسألة مرتبطة بحسابات سياسية دقيقة قد تتغير في أي لحظة.

ولا تزال روسيا معنية بعدم استفزاز دول الخليج العربي ودفعها للتخندق مع الغرب ضدها، بخاصة المملكة العربية السعودية التي يجمع بينهما تفاهمات حول كميات إنتاج النفط اليومية بما يحافظ على نوع من استقرار الأسعار، وعدم مفاقمة خسائر روسيا الاقتصادية بشكل أكبر، كما أن أهمية الإمارات بالنسبة إلى روسيا ازدادت، حيث باتت تشكل أبو ظبي ودبي وجهة مفضلة للشركات الروسية التي تحاول التهرب من العقوبات الغربية.



TRT عربي