وزير خارجية الإمارات يلتقي الأسد في أول زيارة رسمية لدمشق منذ اندلاع النزاع (AFP)
تابعنا

تأمل الدول التي تعتزم تطبيع علاقاتها مع النظام السوري، أن يساهم ذلك في تحجيم جزئي للنفوذ الإيراني في سوريا، ومنع مزيد من التدخلات الإقليمية والدولية عبر حضور عربي واسع.

هذا الحضور العربي يتولى بلا قيود قانونية ملفّ إعادة الإعمار وبناء علاقات اقتصادية تستفيد منها تلك الدول، الخليجية الغنية تحديداً، ودول أخرى مثل الأردن والعراق ولبنان، بإعادة حركة التجارة المتبادلة مع سوريا.

ويرى المؤيدون لعودة العلاقات العربية مع دمشق أن دولا، من بينها إيران، القوة الإقليمية المؤثرة في سوريا، تحاول عرقلة عودة العلاقات العربية-السورية إلى سياقاتها الطبيعية، بخاصة الدول الخليجية المناهضة لإيران في المنطقة.

إذ سيكون على إيران التوافق مع المتغيرات التي تطرأ على سياسات الحكومة السورية التي لابد أن تكون أكثر انسجاماً مع المواقف العربية، وأكثر بعداً عن المواقف الإيرانية تجاه جملة من الملفات الخلافية بين بعض الدول العربية وطهران حول الصراعات في سوريا واليمن، ونفوذ إيران وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدو لتين وكذلك لبنان والعراق.

ويرى متابعون أن الرهان على عودة سوريا إلى محيطها العربي وابتعادها عن إيران، غير واقعي في ظلّ نجاح إيران في بناء أسس نفوذ اقتصادي وعسكري واجتماعي راسخ في سوريا.

هذا النفوذ تعزّزه حملات التغيير في التركيبة السكانية لصالح الشرائح الاجتماعية الحليفة لإيران في جغرافيات العاصمة ومحيطها، وصولاً إلى الحدود اللبنانية، وفي جنوب سوريا على الحدود مع الأردن وشرقاً باتجاه الحدود العراقية.

ولأول مرة يزور مسؤول إماراتي على مستوى رفيع سوريا بعد عشر سنوات من الحرب الأهلية والموقف العربي الذي أجمع على رفض انتهاكات النظام السوري، وقتل مئات آلاف المدنيين ونزوح ملايين وتدمير البنية التحتية والتواطؤ مع المشروع الإيراني في المنطقة.

وأجرى وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد مباحثات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد فور وصوله إلى العاصمة السورية مساء الثلاثاء 9 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

وأشاد رئيس النظام بـ"المواقف الموضوعية والحكيمة التي اتخذتها الإمارات التي وقفت دائماً إلى جانب الشعب السوري".

وللنظام السوري علاقات اقتصادية مع الإمارات، تعزّزت بعد تشكيل مجلس الأعمال السوري-الإماراتي في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتفعيل التجارة البينية ودور القطاع الخاص في تطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين بكل مجالاته التجارية والصناعية والزراعية والسياحية، وإقامة محطة توليد كهروضوئية بقدرة 300 ميغاوات في دمشق بتنفيذ إماراتي.

وانتقدت الولايات المتحدة في تصريحات للمتحدث باسم الخارجية نيد برايس للصحفيين، زيارة الوزير الإماراتي، مؤكداً أن واشنطن لا تدعم أي جهد للتطبيع مع النظام السوري أو إعادة تأهيله، واصفا إياه بـ"الديكتاتوري الوحشي".

ومنذ سنوات لعبت مصر ودول عربية أخرى دوراً كبيراً داخل أروقة الجامعة العربية لإعادة شغل سوريا مقعدها الشاغر بقرار "تعليق" عضويتها المتخَذ في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، مع حزمة عقوبات سياسية واقتصادية شملت تعليق مشاركة وفود سوريا في اجتماعات الجامعة العربية أو أي منظمة أو جهاز تابع لها، إلى حين وقفها العنف وتوفيرها الحماية للمدنيين السوريين.

وتدرك الحكومة السورية أن الاعتماد على إيران أو روسيا لا يمكن أن يتعدى الجانب العسكري إلى الجانب الاقتصادي، الذي ستجد نفسها فيها أمام تحديات هائلة بعد الحرب، مع ضرورة الانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب، ومستلزمات إعادة إعمار ما دمّرته الحرب.

لذلك فإن سوريا ترحّب بعودة العلاقات مع الدول العربية عموماً، والدول الخليجية الغنية خصوصاً.

وتتسارع خطوات التطبيع العربي مع النظام السوري بجهود مصرية وإماراتية وأردنية، بالإضافة إلى كل من العراق ولبنان، والجزائر المقرَّر أن تستضيف القمة العربية الاعتيادية في مارس/آذار من العام المقبل.

ويأتي الحديث عن التطبيع مع النظام السوري في ظلّ قناعة دولية وعربية بعدم إمكانية إسقاط النظام، وعبثية مواصلة الرهان على الحلّ العسكري، واللجوء إلى مسار الحلّ السياسي والتسوية الأممية وفق مخرجات اجتماع جنيف الأول والقرارات الدولية ذات الصلة، مع قناعات بقطع النظام مراحل متقدمة في طريق استعادة جميع أراضي البلاد تحت سيطرته ثانيةً.

ويسيطر النظام حالياً على أقلّ من 70 في المئة من الأراضي السورية، فيما تسيطر فصائل المعارضة المسلحة على نسبة تصل إلى 9 في المئة، ونحو 27 في المئة لا تزال تحت سيطرة تنظيمَي PKK وYPG الإرهابيَّين.

AA