تعرقل بلغاريا مسار انضمام مقدونيا إلى الاتحاد الأوروبي. (Boris Grdanoski/AP)
تابعنا

شهدت مدن مقدونيا الشمالية يوم السبت احتجاجات عارمة رفضاً لمقترح فرنسي لفك الخلاف بين البلاد وجارتها بلغاريا، من اجل استكمال مسار انضمام سكوبي للاتحاد الأوروبي. واحتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين المقدونيين خارج المكاتب الحكومية، رافعين شعارات منددين بالمقترح.

ووصفت حكومة مقدونيا الشمالية المقترح الفرنسي بأنه "قاعدة صلبة"، ما يرفضه حزب "VMRO-DPMNE" اليميني المعتدل والمعارض الرئيسي في البلاد، بحجة أنه يفضل المطالب البلغارية التي تتعارض مع التاريخ واللغة والهوية والثقافة والميراث المقدوني، حسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.

وبهذا الخصوص قال زعيم المعارضة في البلاد خريستيان ميكوسكي في مؤتمر صحفي قبل بدء الاحتجاج: "لسنا بحاجة إلى أوروبا.. لا للاقتراح الفرنسي الأخير"، وشدد على أنه "إذا لم تكن أوروبا مستعدة لقبولنا نحن المقدونيين المتحضرين حيث ننتمي، فسننتظر حتى يكون أناس يفهمون أن الهوية المقدونية فوق كل شيء".

تفاصيل المقترح الفرنسي

وأعلن الإليزيه، يوم 21 يونيو/حزيران الماضي، أنه بعث بمقترح إلى كل من سكوبي وصوفيا، من شأنه أن يذيب الجليد بينهما، ويفك الانسداد الذي يعرفه مسار انضمام مقدونيا الشمالية إلى الاتحاد الأوروبي.

ويأتي هذا ضمن مساعي فرنسا لاستكمال مسار انضمام دول البلقاني الغربي المرشحة إلى الاتحاد الأوروبي، تزامناً مع الرئاسة الفرنسية للاتحاد التي انتهت في الفاتح من يوليو/ تموز الجاري. وقبل عرض المقترح، تباحث ماكرون مطلع شهر يونيو/ حزيران المنصرم عبر الهاتف مع كل من الرئيس البلغاري رومين راديف ومع رئيس وزراء مقدونيا الشمالية ديميتار كوفاتشيفسكي.

ويلزم هذا المقترح بلغاريا برفع الفيتو التي تفرضه على انضمام مقدونيا الشمالية إلى الاتحاد الأوروبي. في مقابل أن تجري سكوبي تعديلات على دستورها تشمل الاعتراف باللغة البلغارية والأقلية البلغارية في البلاد، وأن تحيي اتفاق الصداقة البلغارية المقدونية الشمالية الموقع سنة 2017، وتكثيف الجهود لمحاربة خطاب الكراهية ضد بلغار مقدونيا.

وأخضع البرلمان القرار بشأن المقترح إلى التصويت، ووافق النواب على رفع الفيتو على استكمال مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وفي ذات السياق أكد وزير الخارجية المقدوني بوجار عثماني أن "اللغة والهوية المقدونية" محمية بموجب الاقتراح.

ابتزاز عبر الاتحاد الأوروبي؟

في 30 أغسطس/آب الماضي، نقلت وكالة بلومبيرغ الأمريكية على لسان مبعوث الاتحاد الأوروبي الخاص إلى غرب البلقان، ميروسلاف لاجاك، قوله خلال اجتماع افتراضي مع قادة تلك الدول، بأن بلغاريا تعطل بدء المفاوضات مع مقدونيا الشمالية من أجل إطلاق مسار انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.

رداً على ذلك، أكد رئيس وزراء مقدونيا الشمالية، زوران زاييف، في الجلسة ذاتها: "حتى بعد خيبة الأمل بسبب تأخر محادثات الانضمام، نحن نختار الاتحاد الأوروبي، دول أخرى مثل الصين وروسيا لديها مصالح هنا وستحاول استغلال الوضع، لكن هذا لن يغير وجهة نظرنا. ولن يقارن ذلك بأحلامنا المتعلقة بالاتحاد الأوروبي".

فيما تعود جذور هذا الوضع العالق إلى الخصومة بين صوفيا وسكوبي حول التاريخ والهوية المشتركة بينهما. إذ كانت الأراضي المقدونية حلبة صراع بين البلغار والصرب، وصولاً إلى تاريخ البلاد المعاصر ضمن اتحاد جمهوريات يوغوسلافيا، حين قاد زعيم البلاد الماريشال تيتو سياسات قاسية لتهميش الأثر الثقافي واللغوي البلغاري بين المقدونيين.

وتجادل بلغاريا للضغط على مقدونيا الشمالية من أجل الاعتراف بأن اللغة المستخدمة هناك مشتقة من اللغة البلغارية. بينما تعد هذه المطالب قاسية بالنسبة للحكومة في سكوبي، التي رضخت قبلاً إلى الضغوطات اليونانية بإضافة "الشمال" إلى اسم البلاد، لإرضاء أثينا التي لديها مقاطعة تسمى مقدونيا.

وفي هذا الصدد، أصدرت الخارجية البلغارية بياناً، في 28 يونيو 2021، قالت فيه إنها ملتزمة حل خلافاتها مع مقدونيا الشمالية، لكنها تطالب بوضع حد لما تصفه بقمع حقوق الأشخاص "الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم بلغاريون" في مقدونيا الشمالية.

ردت عليه سكوبي على لسان نائب رئيس وزرائها للشؤون الأوروبية، نيكولا ديميتروف، قائلة: "لقد قدَّمنا أفضل ما لدينا، لكن نعتقد أنه يمكننا الوصول إلى حل أوروبي يصب في صالح الصداقة المقدونية البلغارية، والوعود الأوروبية للمنطقة، ومقدونيا الشمالية".

TRT عربي