تابعنا
رغم أن موقفها اتسم في البداية بالتريث والحذر، لم تخفِ إيران الجارة الكبرى لأفغانستان احتفاءها بالانسحاب الأمريكي من أفغانستان كخطوة نحو تحقيق السلام في المنطقة، وعبرت عن استعدادها لدعم الانتقال السلمي للسلطة هناك، وسط تداول عن آفاق تعاون مع طالبان.

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريراً تحدثت فيه عن عودة صادرات الوقود الإيرانية إلى أفغانستان، خلال هذا الأسبوع، وذلك بعد أن تعطلت لفترة طويلة بسبب المعارك المستمرة بين مقاتلي حركة طالبان وقوات الجيش الأفغاني.

ويعتبر كثيرون أن هذا القرار قد يوفر مداخيل هامة لطهران في وقت تتعرض فيه إلى أزمة اقتصادية حادة بسبب العقوبات التي فرضت عليها. وبالتالي يمكن أن تساهم هذه الخطوة في تقويض الضغوطات الأمريكية الموجهة ضد كل من إيران وحركة طالبان، حكام أفغانستان الجدد.

وتشير الصحيفة إلى أن إيران قد عزلت عن الأسواق العالمية لفترة طويلة على خلفية العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، وعلى ضوء ذلك فإن استئناف طالبان العلاقات التجارية مع جارتها الكبرى إيران، قد يمكّن الأخيرة من الحصول على العملة الأجنبية التي تحتاج إليها لاستيراد المواد الأساسية ودعم قيمة عملتها المتدنية.

وفي الوقت ذاته، قد يمكن هذا الإجراء حركة طالبان أيضاً من شراء المواد الأساسية لإنقاذ الاقتصاد الأفغاني المتدهور، الذي يواجه تضييقاً دولياً على حركة التجارة والتمويل.

وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن التجار الإيرانيين الذين كانوا في السابق يتعاملون مع رجال الأعمال الأفغان تحت إشراف حكومة أشرف غني، قد توقفوا عن إرسال النفط المكرر إلى جارتهم الشرقية بداية هذه الصائفة عقب تصاعد القتال بين الجيش الأفغاني وطالبان.

إلا أنه بعد انتهاء الصراع، وإعلان طالبان السيطرة على أفغانستان وتسلم الحكم، سمحت الحركة باستئناف تجارة المنتجات البترولية عبر الحدود من جديد، في ظل نقص الشركاء التجاريين لطالبان وحاجتها إلى النفط، في مقابل حاجة طهران إلى السيولة المالية.

ونقلت الصحيفة تصريحاً لحميد حسيني، المتحدث الرسمي باسم اتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات في إيران، يقول فيه إن عائدات مبيعات النفط الإيراني مودعة بعملة الدولار الأمريكي في الفرع الأفغاني لبنك ميلي الإيراني المملوك للدولة، إضافة إلى شركات مالية أخرى. ويذكر أن هذا الفرع البنكي كان يعمل خارج النظام المالي التقليدي، الذي مكنه من تجنب العقوبات المالية الدولية التي فرضتها عليه الولايات المتحدة، بعد أن اتهمته بتمويل جماعات مسلحة في العراق منذ عام 2018.

وبالاستناد إلى آراء خبراء ومحللين تتهم الصحيفة طهران بلعب دور مزدوج خلال الحرب الأفغانية في السنوات الأخيرة، وذلك بدعم حكومة كابل، والحفاظ على علاقاتها مع حركة طالبان في الوقت ذاته.

ورغم أن صعود طالبان قد يشكل فرصة تسعى إيران للاستثمار فيها، فإنه قد يشكل كذلك خطراً عليها. وخاصة مع تزايد عدد اللاجئين الأفغان الوافدين على الأراضي الإيرانية، وتصاعد تهديد الجماعات المسلحة السنية التي تعرف بعدائها الدائم للأنظمة والجماعات الشيعية.

ووسط حذر وترقب لما ستؤول إليه الأمور في المستقبل، يرجح مسؤولون وماليون إيرانيون إمكانية تدفق حجم كبير من الدولارات إلى الأسواق ومنه إلى الخزانة الإيرانية، باعتبار أن الجزء الأكبر من التجارة على الحدود مع أفغانستان يتم نقداً.

وفي المقابل تستمر الجهود الحثيثة للولايات المتحدة لمنع وصول الدولارات إلى أفغانستان، وذلك منذ أن أعلنت طالبان سيطرتها على الحكم. وفي سياق متصل علق البنك الدولي تمويل عشرات المشاريع في أفغانستان.

TRT عربي