ما حصيلة احتجاجات "الخميس الأسود" بفرنسا؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

للمرة التاسعة في غضون أقل من ثلاثة أشهر، تنظم النقابات الفرنسية تعبئة عامة للاحتجاج على مشروع "إصلاح التقاعد"، الذي قطعت الحكومة شوطاً كبيراً في مخطط تنفيذه بالرغم من الرفض الشعبي الواسع. هكذا، أتت احتجاجات الخميس بشعار: "الملتمس الشعبي لسحب الثقة من الحكومة".

وشهدت هذه الاحتجاجات مشاركة ملايين المواطنين الفرنسيين، من مختلف القطاعات والطبقات الاجتماعية. كما عرفت أيضاً قمعاً شرساً من الشرطة واعتقالات، وهو ما أدى إلى صدامات عنيفة وإضرام عدد كبير من الحرائق.

تعبئة ضخمة

عقب نجاح الحكومة الفرنسية بفرض إصلاحها لنظام التقاعد، باعتماده دون الخضوع لتصويت البرلمان، أطلقت النقابات نداء تعبئتها لاحتجاجات يوم 23 مارس/آذار. وقبل ذلك الموعد، شهدت البلاد أحداثاً صبت الزيت على نار غضب المحتجين، مثل فشل البرلمان في سحب الثقة من الحكومة، أو خطاب الرئيس إيمانويل ماكرون الذي وصف بـ"المتغطرس".

كل هذه أحداث منحت مظاهرات الخميس زخمها، ومنذ ساعات الصباح الأولى تجمهر المحتجون في عدد من مدن البلاد. وفي العاصمة باريس، انطلقت التظاهرة من ساحة الباستيل، لما يملكه ذلك لمكان من رمزية في ذاكرة الشعب الفرنسي، إذ ضم عام 1789 الشرارة الأولى لثورته الشهيرة.

هذا وتعددت قطاعات الشعب المشاركة في هذه الاحتجاجات، بين عمال وطلبة جامعات وقواعد أحزاب سياسية. كما شهد عدد من قطاعات الشغل إضرابات، على رأسها شركات النقل السككي، وأدى ذلك إلى اضطراب حركة النقل في ثلثي خطوط قطارات العاصمة، ونصف القطارات فائقة السرعة.

وفي مدينة ليون، تجمهر العمال المحتجون على السكك الحديدية بالمدينة، من أجل عرقلة خروج القطارات من المحطة. كما أغلق عمال غاضبون في باريس الطريق إلى إحدى صالات مطار شارل ديغول، مما أجبر بعض المسافرين على التوجه إليها سيراً على الأقدام.

فيما تراكمت القمامة في الشوارع وتعطل توليد الكهرباء مع التصعيد الاحتجاجي الذي أطلقته النقابات. كما شوهدت أعمدة من الدخان تتصاعد من أكوام حطام محترقة أعاقت حركة المرور على طريق سريع بالقرب من تولوز في جنوب غرب البلاد.

صدامات وحرائق

مع حلول المساء، تحركت الشرطة لتفريق المسيرات الاحتجاجية، مستعملة في ذلك العصي وقنابل الصوت والقنابل المسيلة للدموع. وهو ما أدى إلى صدامات عنيفة بين قوات حفظ الأمن والمحتجين الغاضبين، الذي ردوا بالرشق بالحجارة وإضرام النار في حاويات القمامة التي استخدموها متاريس لعرقلة تقدم الشرطة نحوهم.

وخلّف العنف الذي تعاملت به الشرطة الفرنسية إصابات خطيرة في صفوف المحتجين، منها ما أدى إلى عاهات مستديمة. وفي مدينة روان تعرضت متظاهرة لبتر أحد أصابع يدها، بعد أن أصيبت بشظية قنبلة صوت. كما تعرض محتج في مدينة رين إلى إصابات بالغة على مستوى الأنف والفم، بعد أن ضربه شرطي بالعصا على وجهه.

هذا وأضرم المحتجون النار في مبنى البلدية في مدينة بوردو، ما أدى إلى احتراق مدخل المبنى بالكامل. وفي العاصمة باريس، وفق ما صرح به وزير الداخلية جيرالد دارمانان، سُجل نحو 903 حرائق، تراوح حجمها بين الصغير والمتوسط، وأُخلي أحد المباني السكنية في حي الأوبرا إثر اشتعال اللهب فيه.

وفي نانت، اقتحم المحتجون مبنى المحكمة الإدارية وتفذوا أعمال تخريب في ردهتها. وفي منطقة لورين، هاجم متظاهرون مبنى مفوضية الشرطة ببلدة موربيهان، وأضرموا النار في أحد مداخله.

حصيلة يوم الخميس

وفق تقديرات الداخلية الفرنسية، بلغ عدد المشاركين في احتجاجات يوم الخميس، نحو 1.09 مليون متظاهر. وهي أرقام ترفضها النقابات، قائلة إن أكثر من 3.5 مليون لبوا نداءها للتظاهر، 800 ألف منهم فقط في العاصمة باريس.

وقالت مفوضية الشرطة في روان، أنها عدّت مشاركة 14.8 ألف محتج. وحققت المظاهرات في ليون مشاركة 55 ألف محتج. وفي مونبيلييه، تظاهر نحو 40 ألفاً، وفق أرقام "الاتحاد العام للشغل".

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، الجمعة، اعتقال 457 شخصاً خلال أعمال العنف التي رافقت احتجاجات الخميس. بالإضافة إلى إصابة 441 من عناصر الشرطة والدرك.

TRT عربي
الأكثر تداولاً