المستشارة الألمانية بجانب الرئيسة الجديدة لحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الحاكم (AA)
تابعنا

شكّل فوز أنغريت كرامب كارنباور، الجمعة، في انتخابات رئاسة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الألماني، خلفاً للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، حدثاً مهماً في الحياة السياسة الألمانية، ويفتح الباب لمرحلة جديدة بدون ميركل التي تصدرت المشهد على مدار 18 عاماً.

ما المهم: يأتي فوز كارنباور برئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي بعد إعلان المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في التاسع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي عدم نيتها الترشح لمنصب مستشارة ألمانيا في انتخابات 2021. وبررت ميركل، التي قادت ألمانيا والاتحاد الأوروبي قرابة عقدين من الزمان، قرارها بازدياد الهجوم على حكومتها ورغبتها في إتاحة الفرصة لوجوه جديدة. هذا وأكدت المستشارة الألمانية البالغة من العمر 64 عاماً أنها لن تلعب أية أدوار سياسية أخرى بعد انتهاء ولايتها الحالية.

ويُعدّ فوز كارنباور انتصاراً لتيار ميركل داخل الحزب المسيحي الديمقراطي مقابل التيار الأكثر يمينيةً بزعامة فريدريش ميرتس، الذي أزاحته ميركل عن رئاسة الكتلة البرلمانية للحزب قبل 16 عاماً. وحصدت كارنباور 517 صوتاً من أصل 999 بفارق طفيف عن منافسها ميرتس الذي حصل على 482 صوتاً.

ودرست كارنباور العلوم السياسية والمحاماة، كما شغلت منصب نائبٍ في البوندستاغ لمدة ستة أشهر في عام 1998، وتولّت أربع حقائب وزارية مختلفة على مدار الاثني عشر عاماً الأخيرة.

المشهد: أُجريت الانتخابات الداخلية الأخيرة للحزب المسيحي الديمقراطي في أجواء من تصاعد التيارات اليمينية المتشددة، وتزايد التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي الذي تقوده ألمانيا، مع ضغوط سياسية واقتصادية يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

يقول الخبير في الشؤون الألمانية ناصر جبارة لـTRT عربي إن "النتيجة التي خرجت بها الانتخابات تعبِّر عن استقطاب شديد داخل الحزب المسيحي الديمقراطي على الرغم من أن فوز كارنباور بالرئاسة يمكن النظر إليه كأكبر هدية وداع لميركل" مشيراً إلى أن رئيس الحزب عادةً ما يفوز بأغلبية كبيرة"، وأضاف جبارة "لا أستبعد أن تحصل انشقاقات داخل الحزب، وذلك سيصبُّ بشكل مباشر في مصلحة اليمين المتطرف الممثل في حزب البديل من أجل ألمانيا".

ولفت جبارة إلى أن "تولي أنغيلا ميركل، وهي امرأة من ألمانيا الشرقية، رئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي كل هذه الفترة لم يكن أمراً هيناً بالنسبة إلى المحافظين داخل الحزب".

ما التالي: يوضّح الباحث والأكاديمي تقادم الخطيب أن "فوز كارنباور يعني أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ستستمر في المنصب حتى انتهاء فترة ولايتها في 2021، وهو ما لم يكن ليحدث، لو كان خصم ميركل التاريخي فريدريش ميرتس فاز برئاسة الحزب".

ويضيف الخطيب لـTRT عربي أن "ميركل، التي يراها كثيرون أهم امرأة سياسية في العالم، لم تكن لتترك السلطة قبل ترتيب بيتها الداخلي"، مرجِّحاً أن تستمر المستشارة الألمانية في لعب دور مهم في المشهد السياسي بألمانيا حتى بعد رحيلها عن السلطة.

من جانبه يرى جبارة أنه بالرغم من قرب كارنباور الشديد من ميركل، فإن الأولى لن تكون مجرد نسخة مصغَّرة من الأخيرة. ويتابع الخبير بالشؤون الألمانية "كارنباور تتميز عن أنغيلا ميركل في ملفِّين رئيسين هما ملف الشؤون العائلية وملف اللاجئين" مرجحاً أن تتبنى كارنباور -حال فوزها بمنصب المستشارة الألمانية بعد نحو عامين- سياسات أكثر تشدَّداً حيال اللاجئين.

ويشير جبارة إلى أن كارنباور أكدت في خطاباتها أنها ستتعامل بحزم مع اللاجئين الذين يرتكبون مخالفات وجرائم قانونية.

في المقابل، يقول تقادم الخطيب إنه لا يظن أن كارنباور ستكون أكثر تشدّداً في التعامل مع هذا الملف على المستوى السياسي، وإنما "ستكون أكثر عقلانية والتصاقاً بالمعايير القانونية".

ويلفت الخطيب إلى أن "ميركل عندما فتحت الحدود أمام اللاجئين في عام 2015 لم تكن تستند إلى قرارات برلمانية أو قضائية، ما أدى إلى دخول أكثر من مليون لاجئ خلال فترة قصيرة".

ويتابع "لم ينخرطْ في سوق العمل الألماني من كل هؤلاء اللاجئين سوى نحو 100 ألف فقط، بينما يشكّل الباقي عبئاً كبيراً على الدولة الألمانية؛ لذلك فإن قضية اللاجئين اليوم هي أهم نقطة ضعف يستغلها خصوم المستشارة الألمانية.

وفيما يتعلق بالموقف تجاه الاتحاد الأوروبي، يرى الخطيب أنه "لن تكون هناك تغيّرات كبيرة على مستوى السياسات"، مضيفاً "لا أظن أن كارنباور ستستطيع الخروج من عباءة ميركل، خصوصاً في ظل التحديات الكبيرة التي تنتظرها".

TRT عربي
الأكثر تداولاً