الخلافات لم تشمل فقط العلاقات بين تركيا وألمانيا وإنما علاقات أنقرة بعدد من دول الاتحاد الأوروبي (Reuters)
تابعنا

يبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الخميس، زيارة رسمية إلى ألمانيا بدعوة شخصية من نظيره الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، تستمر حتى 29 سبتمبر/ أيلول الجاري، وسط جهود لإعادة الدفء إلى العلاقات بين أنقرة وبرلين.

مساعي حل الخلافات 

وقبيل الزيارة، أكد أردوغان في تصريحات لوسائل إعلام تركية أن "الهدف الرئيس لهذه الزيارة هو أن نتجاوز فترة التوتر تلك بشكل كامل". فيما أشارت مصادر في الرئاسة التركية إلى أنّ الرئيس سيتناول في لقاءاته في برلين مسائل التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والدفاعية والثقافية والاجتماعية.

وقد شهدت العلاقات التركية الألمانية جموداً بعد سماح برلين لعناصر تنتمي إلى حزب العمال الكردستاني "PKK" المصنف إرهابياً في تركيا، بإقامة تجمعات اعتبرت أنقرة أنها تستهدفها، فيما ألغت مدينة هامبورغ تجمعاً كان من المفترض أن يلتقي فيه وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، أبناء الجالية التركية لحثهم على تأييد التعديلات الدستورية (استفتي بشأنها في 16 أبريل/ نيسان 2017)، وهو ما دفع أردوغان إلى وصف ممارسات ألمانيا بـ"النازية".

وأخذ التوتر التركي الألماني منحىً غير مسبوق، عقب تقييد أنقرة زيارة ساسة ألمان إلى قاعدة إنجرليك التركية، ثم اعتقال مواطنين ألمان في تركيا بتهم تتعلق بالإرهاب، وهو ما يرفع من عدد الأصوات المعارضة لزيارة أردوغان إلى ألمانيا. في مقابل الترحيب الرسمي بالزيارة، الذي عبّر عنه وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس.

تحفل زيارة أردوغان إلى ألمانيا جدول أعمال يشمل مباحثات بينه وبين المستشارة أنجيلا ميركل، محورها السياسة والاقتصاد. وكانت ميركل قد قالت إن نمو الاقتصاد التركي مهم لألمانيا ويصب في المصلحة الإستراتيجية لبلدها. وفي هذا الإطار من المقرر أن يجري وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير على رأس وفد مكون من 86 رجل أعمال زيارة إلى أنقرة في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. 

نمو الاقتصاد التركي مهم لألمانيا ويصب في مصلحتنا الإستراتيجية

المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل

الخلافات مع الولايات المتحدة 

تعدت الخلافات، العلاقات بين تركيا وألمانيا إلى علاقاتها بدول أخرى في الاتحاد الأوروبي، ولعل أهمها الخلافات مع هولندا. ومن جهة ثانية، اندلعت أزمة بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية على خلفية اعتقال تركيا القس الأميركي آندرو برانسون بتهم تتعلق بالإرهاب. وقد ردت واشنطن برفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم من تركيا.

وفي الوقت ذاته، بدت ملامح خلافات وأزمات بين الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تلوح في الأفق، عقب إعلان الرئيس دونالد ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران. ودعا ترمب دول العالم إلى الانسحاب من الاتفاق، مهدداً بفرض عقوبات على كل من لا يتبع خطاه، إلى جانب إعلانه رفع رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم من الاتحاد الأوروبي، واعتزامه فرض ضرائب باهظة على واردات السيارات القادمة من عدد من دوله.

ويقول المحلل السياسي المتخصص في الشأن التركي بكير أتاجان في تصريح لـ"TRT عربي" إن "الخلافات بين الولايات المتحدة وتركيا من جهة، وخلافات واشنطن مع دول الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، ساهمت في حالة التقارب الملموسة بين أوروبا وتركيا في الفترة الأخيرة".

ويرى أتاجان أن الاتحاد توصل إلى خلاصة تقول إنه لا يمكنه تحقيق مصالحه السياسية والأمنية في المنطقة دون رضى تركيا بالأخص في وجود اتفاق الهجرة الموقع بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أن أوروبا وجدت نفسها في ظل التهديدات الأميركية والأزمة الاقتصادية بحاجة إلى مساعدة تركيا، قبل وصول الأزمة إليها.

معالم التقارب

وبدأت معالم التقارب التركي الأوروبي تلوح في الأفق بعد دعوة الرئيس الألماني نظيره التركي إلى زيارة برلين بشكل رسمي. أما العلاقات التركية الهولندية فشهدت مؤخراً إعادة السفراء، بعد قطيعة كان سببها أزمة اندلعت إثر رفض هولندا هبوط طائرة وزير الخارجية التركي على أرضها للقاء الجالية التركية، ثم هاجمت الشرطة الهولندية محتجين أتراك أمام قنصلية بلادهم في روتردام، وهو ما قوبل بغضب تركيا التي طردت السفير الهولندي.

وعلى الرغم من إعلان ألمانيا وبعض الدول الأوروبية تمسكها بسياستها تجاه ملف ضم تركيا للاتحاد الأوروبي، إلى جانب استمرارها بإيواء عناصر تابعة لتنظيمات مصنفة إرهابياً في تركيا، فإن المحلل السياسي أتاجان، يشير إلى أنّ "التقارب سيبقى مستمراً، في ظل الأزمات المندلعة مع الولايات المتحدة، نتيجة إدراك الطرفين بأنهما باتا في أمس الحاجة إلى بعضيهما".

TRT عربي
الأكثر تداولاً