القدس الشرقية  (AFP)
تابعنا

أثار تقرير نشرته القناة الـ13 العبرية، يوم الأربعاء، جدلاً واسعاً على صعيد محلي ودولي، إذ زعمت القناة -نقلا عن مسؤولين أميركيين- أن إدارة الرئيس دونالد ترمب على وشك اقتراح خطة سلام تشمل إقامة دولة فلسطينية على ما يصل إلى90٪ من أراضي الضفة الغربية المحتلة، على أن تكون عاصمتها القدس عدا الأماكن المقدسة.

ما المهم: التقرير الإسرائيلي، أشار إلى أن الخطة المذكورة ستُنشر خلال الأشهر القادمة، وهو ما يتوافق مع ترجيحات مصادر إسرائيلية ذكرت أنّ خطة ترمب للسلام التي باتت تُعرف إعلامياً بـ"صفقة القرن" ستُعلن، بعد أن تضع الانتخابات الإسرائيلية المُقررة في أبريل/نيسان القادم أوزارها.

لكنّ توقيت نشر التقرير، قبيل الانتخابات الإسرائيلية، إضافة إلى تشكيك جميع الأطراف في صحته، يفتح باباً للارتياب في النوايا الإسرائيلية من ورائه، حيث يأتي قبيل الانتخابات المزمعة في أبريل/ نيسان القادم من جهة، ورفْض الفلسطينيين للحديث عن الصفقة من جهة أخرى وتمسّكهم بمعارضتها.

ويثير التسريب شكوكاً كثيرة حول نية الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية، خاصة حيال ما يتعلق بالمسجد الأقصى المبارك، حيث لم تشمله الخطة، وهو ما يعزز فرضية سعي الإدارة الأميركية للضغط على الفلسطينيين ووضعهم تحت الأمر الواقع، للقبول بخطة مفصّلة على المقاس الإسرائيلي.

الخلفيات والدوافع: يأتي التقرير في ظل نفي السلطة الفلسطينية موافقتها على ما يُسمّى بـ"صفقة القرن"، ونفي عدد من زعماء دول المنطقة المعنيين بالقضية الفلسطينية وجود مثل هذه الصفقة، إلى جانب تواصل الضغط من قبل إسرائيل والسلطة الفلسطينية على قطاع غزة الذي لم يُذكر في التقرير، ولم يتم التعرض إليه بالخطة، بحسب القناة الإسرائيلية، وهو ما من شأنه أن يثير الشكوك حول نية إسرائيل والإدارة الأميركية، ويعزز الشكوك حول مستقبل التهدئة في قطاع غزّة الذي يشهد حالة من التوتّر الدائم.

ونشر تقرير القناة، في ظل احتدام المشهد السياسي في إسرائيل، مع اقتراب موعد الانتخابات العامة، ويزيد ارتياب العديد من الجهات في صحته، وتنصُّل المسؤولين الأميركيين والفلسطينيين مما ورد فيه، بالإضافة إلى معارضة جهات إسرائيلية مختلفة، من فرضية انتهاز القناة لحالة الاحتدام للتأثير على نتائج الانتخابات، أو لكسب المتابعات وإثارة الجدل.

يشار إلى أنّ العلاقات بين السُّلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية توتّرت بسبب رفض القيادات الفلسطينية لمشروع صفقة القرن، ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقبال أكثر من وفد أميركي رفيع المستوى في رام الله، إضافةً إلى القرار الأميركي بغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، حيث تأتي الخطة التي نقلها التقرير على شكل أمر واقع يُفرض على الفلسطينيين.

المشهد: ذكرت القناة التلفزيونية الإسرائيلية في تقريرها أن خطة ترمب للسلام في الشرق الأوسط ستقترح إقامة دولة فلسطينية على ما يصل إلى 90٪ من الضفة الغربية المحتلة على أن تكون عاصمتها في القدس الشرقية ولا تشمل الأماكن المقدّسة.

وزعمت القناة أن أمريكيين أبلغوا أحد المصادر بأن الخطة ستتضمن ضم إسرائيل لتكتلات استيطانية يهودية في الضفة الغربية في حين سيتم إخلاء أو وقف بناء المستوطنات المنعزلة، وأوضح التقرير أن ترمب يرغب في استكمال الإجراءات الإسرائيلية المقترحة بتبادل الأراضي مع الفلسطينيين وأن تكون المدينة القديمة التي تحيط بها الأسوار في القدس الشرقية وبداخلها المقدسات اليهودية والإسلامية والمسيحية تحت السيادة الإسرائيلية، لكن بإدارة مشتركة من الفلسطينيين والأردنيين.

وأضاف أن معظم الأحياء العربية في القدس الشرقية ستكون تحت السيادة الفلسطينية وستكون بها عاصمة الدولة الفلسطينية في المستقبل.

ولم يُشِر التقرير إلى مصير اللاجئين الفلسطينيين الذي يعد أحد نقاط الخلاف الكبرى في الصراع الممتد منذ عقود، كما لم يتناول وضع قطاع غزة في هذه الخطة.

ردود الأفعال: قال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن "أي خطة لا تتضمن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 لن يكتب لها النجاح وسيكون مصيرها الفشل".

وأضاف "استمرار التسريبات والاتصالات الإقليمية هي محاولات فاشلة ستصل إلى طريق مسدودت العنوان هو القيادة الفلسطينية وأية طروحات يجب أن تكون على أساس الشرعية الدولية، دولة فلسطينية على حدود 67 والقدس الشرقية عاصمة لها".

من جانبه، قال جيسون جرينبلات مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط وأحد مهندسي الخطة الرئيسيين بالإضافة إلى جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي إن التقرير "غير دقيق".

وكتب على تويتر يقول "التكهنات بشأن محتوى الخطة لا تفيد. قلة على الكوكب تعرف ما تنطوي عليه، في الوقت الحالي"، وأشار إلى أنّ "نشر أخبار كاذبة أو مشوّهة أو منحازة في وسائل الإعلام تصرف غير مسؤول يضر بالعملية".

بدوره، توقع داني دانون سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة في تصريحات للصحفيين بألا يتم الكشف عن خطة ترمب قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في التاسع من أبريل/نيسان، وفق وكالة رويترز.

وقال دانون "مما نفهمه أنها لن تطرح قبل الانتخابات، إنه قرار ذكي لأننا لا نريد أن تصبح هذه قضية الانتخابات".

وقال عضو الكنيست عمير بيرتس من حزب "العمل" الإسرائيلي إن "المهم هو ليس ما تعرضه الإدارة الأميركية، بل ما سيفعل الإسرائيليون والفلسطينيون، ما يتعلق بالحل النهائي والحدود يتم بحثه في القدس ورام الله، فيما تستطيع واشنطن تقديم المساعدة فقط".

وأضاف: "يجب أن تكون على رأس سدة الحكم في إسرائيل قيادة قوية من أجل تنفيذ خطط السلام، وهو ما سيصوت عليه الشعب الإسرائيلي في الفترة القادمة".

وتعقيباً على الموضوع، قال رئيس بلدية مستوطنة "بيت إيل" شاي ألون إن "ما كشفه التقرير مليء بالثغرات، والاقتراحات التي نرفضها رفضاً قاطعاً، لأن أيام تجميد الاستيطان في الضفة الغربية قد ولّت، سوف نستمر في البناء وتسكين عشرات الآلاف من العائلات هناك، لن نوافق على وقف الاستيطان أو تبادل الأراضي".

وقال "لن نقبل بالحل المقترح في التقرير للقدس، لقد عدنا إلى المدينة بعد آلاف السنين، الأقصى لنا ولا يوجد أي احتمال أن نتنازل عنه أو أن نوكل أمر السيادة عليه إلى جانب ثالث".

ما التالي: يقول حسام زملط مبعوث السلطة الفلسطينية السابق لدى واشنطن لـ"TRT عربي" إنّ "التقرير المذكور، ليس سوى محاولة إسرائيلية لحرف الانتباه عما يجري على أرض الواقع في الأراضي الفلسطينية".

وأضاف" باعتقادي لم يأت التقرير للضغط على السلطة الفلسطينية، لأنّ موقف السلطة تجاه صفقة القرن واضح لا لبس فيه، فعلى الرغم من تعرضها للضغوطات المختلفة إلا أنّها بقيت على موقفها الرافض".

وأشار إلى أنّ الإدارة الأميركية "متحالفة مع إسرائيل لتنفيذ مشروع إسرائيل الكبرى، وكأنّهم يتحدثون عن شعب بلا حقوق، يسعون إلى تجريد الشعب الفلسطيني من حقه التاريخي في أرضه ووطنه، وحقه في تقرير مصيره".

وقال إن "القناة الإسرائيلية مارست نوعاً من التكتيك، لحرف الانتباه عن المشروع الاستيطاني الحقيقي الذي يجري على الأرض فقط".

TRT عربي
الأكثر تداولاً