تجارب إطلاق صواريخ روسية محظورة قرب مدينة سانت بطرسبيرغ الروسية في 19 سبتمبر/أيلول 2017 (AP)
تابعنا

ما المهم: تصدر الحديث عن سباق التسلح النووي أجواء العلاقات الروسية الأميركية خلال الشهرين الماضيين، بعد اتهام واشنطن موسكو بانتهاك معاهدة القوى النووية المتوسطة. وتهديدها بالانسحاب من الاتفاقية. الأمر الذي جلبَ سيناريوهات الحرب النووية إلى المشهد من جديد.

المشهد: منحت الولايات المتحدة، في مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري روسيا مهلة 60 يوماً للامتثال لمعاهدة الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى لعام 1987، وإلا فإنها ستنسحب من المعاهدة.

من جانبه أعلن حلف شمال الأطلسي، أن روسيا باتت مسؤولة عن إنقاذ معاهدة خفض الأسلحة النووية المتوسطة التي هددت الولايات المتحدة بالانسحاب منها، متهمة موسكو بانتهاك المعاهدة التي أبرمت إبان الحرب الباردة.

و بحسب الأطراف الغربية فإن نظام الصواريخ الروسية الذي تم تطويره ونشره خلال السنوات الخمس الأخيرة ينتهك هذه المعاهدة.

من جانبها قالت وزارة الخارجية الروسية، السبت، في بيان لها إن إلغاء معاهدة نووية تعود إلى عصر الحرب الباردة قد يؤدي إلى سباق تسلح ومواجهة مباشرة في العالم. وأضاف البيان أن "الأمم المتحدة أخفقت في التصويت لصالح الاقتراح". واعتبر أن فشل التصويت بمثابة "ضربة جديدة لبنية الأمن والاستقرار العالميين".

وكانت موسكو تقدمت بمشروع قرار لدعم استمرار معاهدة القوى النووية متوسطة المدى التي تعود إلى عام 1987، وتقضي بحظر نصب منصّات إطلاق صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى في أوروبا، على كلّ من روسيا والولايات المتحدة الأميركية.

الخلفية والدوافع: كانت الإدارة الأميركية هدّدت بالانسحاب من المعاهدة بدعوى أن روسيا غير ملتزمة بها. وقال ترمب إن "روسيا انتهكت الاتفاق لسنوات عديدة"، وأضاف "لن نسمح لهم بمعارضة الاتفاق النووي والخروج "عنه" وتصنيع الأسلحة، بينما لا يُسمح لنا بذلك".

وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الحد من التسلح والأمن الدولي أندريا تومسون، إن على روسيا "إلغاء صواريخها القادرة على حمل رؤوس نووية، وقاذفات تلك الصواريخ أو تعديل مداها لتعود للالتزام بالمعاهدة".

واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الولايات المتحدة بتصعيد خطر الحرب النووية، عبر التلويح بالانسحاب من المعاهدة، ورفْض إجراء محادثات بشأن معاهدة أخرى، وقال "إنه يجب عدم التهوين من تهديد الحرب النووية"، لكنه عبّر عن أمله في أن يسود ما أسماه "المنطق السليم".

وأضاف بوتين أن "من الصعب التكهن بعواقب انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة"، وليس هناك "ما يمنع روسيا والولايات المتحدة من إجراء محادثات مع دول أخرى بشأن إمكانية ضمها إلى معاهدة لحظر التسلح مهددة بالانهيار".

وقال بوتين إن روسيا "يمكنها بسهولة إنتاج صواريخ متوسطة المدى يتم إطلاقها من البر ونشرها إذا نفذت الولايات المتحدة تهديدها بالانسحاب من المعاهدة".

تفاصيل: وقّعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى المتعارف عليها باسم "معاهدة القوى النووية المتوسطة" عام 1987. وتعهد الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان والزعيم السوفيتي، آنذاك، ميخائيل غورباتشوف، بعدم "صنع أو تجريب أو نشر أي صواريخ باليستية أو مجنّحة أو متوسطة، وتدمير كافة منظومات الصواريخ، التي يتراوح مداها المتوسط ما بين 1000 و5500 كم، ومداها القصير ما بين 500 و1000 كم.

ودخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ منتصف عام 1991، بعد أن دمّر الروس قرابة 1800 صاروخ باليستي ومجنّح يطلَق من الأرض، فيما دمّر الأميركان من جهتهم قرابة 900 صاروخ.

وكانت المعاهدة تسعى إلى حماية الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الأوروبيين، وكبح جماح سباق التسليح أثناء الحرب الباردة. غير أن نصوص المعاهدة تُشير إلى أنها "غير محددة المدة، ويحق لكل طرف فيها الانسحاب بعد تقديم أدلة مقنعة للخروج".

ما التالي: قال محلل الشؤون العسكرية في شبكة CNN الأميركية جون كيربي، إن الاتفاق "لم يصمم لحلّ كل المشاكل مع الاتحاد السوفيتي"، إلا أنه يهدف إلى توفير "الاستقرار الإستراتيجي" في القارة الأوروبية. وأضاف "أعتقد أن حلفاءنا في أوروبا ليسوا سعداء الآن بسماع أن الرئيس ترمب يسعى إلى الانسحاب منها".

من جهته قال السيناتور الروسي ألكسي بوشكوف إن الولايات المتحدة الأميركية "ستعيد العالم إلى الحرب الباردة"، وشبّه قرار الانسحاب في حال تمّ "بالضربة الكبيرة لنظام الاستقرار الإستراتيجي بأكمله في العالم".

وأضاف بوشكوف أن آثار الانسحاب من المعاهدة "قد تكون كارثية حقاً"، ولفت إلى أن إنهاء الاتفاق "سيؤثر أيضاً على تمديد معاهدة الأسلحة الإستراتيجية، التي تنتهي في 2021"، وأن الأمر سيجعل "الإنسانية تحت تهديد فوضى كاملة من الأسلحة النووية".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً