سودانيون يطالبون بتحقيق العدالة لضحايا الثورة أثناء تواجدهم في موقف جاكسون بالعاصمة الخرطوم (تجمع المهنيين السودانيين)
تابعنا
بعد أشهر من الأحداث الدامية التي أحاطت بالسودان والتي دفع فيها عشرات المدنيين أرواحهم في مسعى للحفاظ على المكتسبات التي حققوها من خلال حراكهم، الذي أطاح بالرئيس السابق عمر البشير في إبريل/نيسان 2019، وقع المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير، الأربعاء، بالأحرف الأولى اتفاق الإعلان السياسي.

وساهمت جهود الوساطة الإفريقية الإثيوبية، في توصل الطرفين إلى اتفاق يُنهي حالة التوتر التي خيّمت على المشهد السياسي خلال الأسابيع الماضية.

ورغم توقيع الاتفاق يخشى سودانيون من التفاف الجيش على مطالب الحراك الشعبي للاحتفاظ بالسلطة، كما حدث في دول عربية أخرى؛ إذ أعلنت قوى بارزة بالمعارضة السودانية، بعضها ضمن تحالف قوى الحرية والتغيير، رفضها الاتفاق، لأسباب تمحورت بالمجمل حول "عدم تلبيته مطالب الثورة".

نواقص وثغرات في الاتفاق

ينص الاتفاق السياسي، في أبرز بنوده على تشكيل مجلس للسيادة يمثل أعلى سلطة بالبلاد، مكون من 11 عضواً، 5 عسكريين يختارهم المجلس العسكري، و5 مدنيين تختارهم قوى التغيير، يضاف إليهم شخصية مدنية يتم اختيارها بالتوافق بين الطرفين.

ويترأس أحد الأعضاء العسكريين المجلس لمدة 21 شهراً، بداية من توقيع الاتفاق، تعقبه رئاسة أحد الأعضاء المدنيين لمدة الـ18 شهراً المتبقية من الفترة الانتقالية، المحددة بـ39 شهراً.

هذه البنود لم يوافق عليها تجمع القوى المدنية في السودان، أحد مكونات قوى الحرية والتغيير، الذي أعلن في بيان له الخميس، نشره عبر صفحته على فيسبوك، تحفُّظه على الاتفاق السياسي، وقال إن "الاتفاق السياسي مع المجلس العسكري به نواقص وثغرات يجب إكمالها لحماية الثورة".

وأضاف "التوقيع بين جزء من مكونات قوى الحرية والتغيير مع المجلس العسكري، ورفض مكونات أخرى يسجل سابقة غير حميدة".

وتابع "إننا في تجمع القوى المدنية نعلن تحفظنا على هذا النهج الذي لا يشبه الثورة في تجاوز قرارات قوى الحرية والتغيير، ونحملهم كافة المسؤولية الأخلاقية عما يترتب على توقيع هذا الاتفاق السياسي بمعزل عن المرسوم الدستوري".

بيان صحفى من تجمع القوى المدنية *الاتفاق السياسي مع المجلس العسكري نواقص وثغرات يجب اكمالها لحماية الثورة* أذ تشهد...

Posted by ‎تجمع القوى المدنية‎ on Thursday, 18 July 2019

وأشار إلى أن الاتفاق يكرس لهيمنة المجلس العسكري على مفاصل السلطة في شقيها الأمني والعسكرى خلال الفترة الانتقالية، موضحاً أن "الاتفاق السياسي جاء ناقصاً ولم يستوعب مطالب الثورة التي تتلخص في التوجه نحو سلطة مدنية وحكومة كفاءات". كما أن الاتفاق أغفل ما تطالب به قوى التغيير بأحقيتها في نسبة 67% من مقاعد البرلمان وفقاً لاتفاق مسبق مع المجلس العسكري.

ولم يقف الأمر هنا، فقد سبق رفضَ تجمع القوى المدنية، رفضُ حركة تحرير السودان التي قال رئيسها مني أركو مناوي، إن الاتفاق "لا يعبر عن قضايا الوطن ولا يقدّر تضحياته"، لافتاً في بيان أصدره، الجمعة، إلى أن "أي اتفاق لم يؤسس على أرضية السلام يعتبر امتداداً لإنقاذ النظام السابق".

وشدَّد مناوي على أن الأشهر الستة الأولى المحددة في الاتفاق ضمن الفترة الانتقالية لتحقيق السلام "جاءت بشكل انتقائي وانتهازي، ولا تؤدي غرض بناء السودان الذي عانى أزماتٍ حادة ومتشعبة".

بدورها رفضت حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد النور، وهي حركة منفصلة عن الأولى، الاتفاق، واعتبرت التوقيع عليه "خيانة للثورة ودماء الشهداء".

وحركتا تحرير السودان جناح عبد الواحد النور وجناح أركو مناوي، إضافة إلى حركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، كلها حركات تقاتل القوات الحكومية في إقليم دارفور غربي البلاد.

دعوات تحقيق العدالة مستمرة

على الرغم من اعتراض جزء من المعارضة السودانية على الاتفاق إلا أن قوى الحرية والتغيير ما زالت متمسكة بالحوار.

يقول القيادي في تحالف قوى الحرية والتغيير بالسودان حبيب العبيد لـTRT عربي، إن القوى ستواصل التفاوض مع المجلس العسكري، مشيراً إلى أن محاسبة من ارتكبوا الجرائم بحق الشعب أهم المطالب نفسها".

نداء عاجل قوات المجلس العسكري تطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق موكب جاكسون المتجه إلى ساحة الحرية، نتوجه بالنداء لجميع...

Posted by ‎تجمع المهنيين السودانيين‎ on Thursday, 18 July 2019

وأضاف "جرائم الترويع والقتل التي يواجهها الشعب السوداني مرصودة كلها، ويجب محاسبة من يقوم بها".

إلى ذلك تستمر الدعوات في السودان إلى تحقيق العدالة لضحايا فض اعتصام ساحة القيادة العامة للجيش السوداني، فقد خرج متظاهرون، الخميس، في مظاهرات جابت شوارع العاصمة الخرطوم، في ختام أسبوع "العدالة أولاً" لتأبين ضحايا الحراك الشعبي، لكن الشرطة السودانية فرقتهم بالغاز المسيل للدموع.

واتهمت قوى الحرية والتغيير، في بيان لها، قوات المجلس العسكري، بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المسيرات، كما نشر تجمع المهنيين السودانيين، عبر صفحته على فيسبوك، تظاهرات لطلاب جامعتي الزعيم الأزهري والرباط، تطالب بـ"القصاص للشهداء".

بدوره، قال مراسل TRT عربي في الخرطوم، إن المتظاهرين رددوا شعارات تطالب بالقصاص للضحايا، وسط حديث عن تأجيل اجتماع الجمعة الذي من المقرر أن يتم فيه توقيع الوثيقة الدستورية المؤجلة.

وأشار المراسل إلى أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على تجمع المتظاهرين بموقف جاكسون للحافلات، وسط الخرطوم، بينما كان في طريقه إلى الساحة الخضراء، فيما نجح مئات المتظاهرين في الوصول إلى الساحة.

وأعلن الحزب الشيوعي، أحد مكونات قوى التغيير رفضه للاتفاق معتبراً أنه "كرّس هيمنة المجلس العسكري على كل مفاصل الدولة". وتعهد الحزب، في بيان، باستمرار "التصعيد الجماهيري السلمي، حتى تحقيق أهداف الثورة"، و"الانتزاع الكامل للحكم المدني الديمقراطي".

وتابع أن "الاتفاق أغفل تفكيك النظام السابق، ومحاسبة رموزه الفاسدة، واستعادة أموال وممتلكات الشعب، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وإعادة هيكلة جهاز الأمن، وحل كل المليشيات وفق الترتيبات الانتقالية في الفترة الانتقالية"

. فيما أعلنت "الجبهة الثورية"، رفضها للاتفاق، باعتباره "لم يعالج قضايا الثورة"، و"تجاهل أطرافاً وموضوعات مهمة". وقالت الجبهة الثورية، في بيان، إنها "ليست طرفاً في الإعلان السياسي، الذي وُقّع عليه بالأحرف الأولى، ولن توافق عليه بشكله الراهن".

شبكة الصحفيين السودانيين المعارضة، وهي أحد مكونات تجمع المهنيين أعلنت هي الأخرى في بيان، رفضها للاتفاق، وقالت إنّه يصب في "الاتفاقيات القديمة ذاتها التي لم تصنع واقعاً جديداً لشعبنا".

وأضافت "والاتّفاق يُريد أن يقطع الطريق أمام المَد الثوري من أجل الحافظ على المُكتسبات والامتيازات التّاريخية لقلة من السودانيين على حساب أغلبية الشعب".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً