يتزامن الاتفاق مع إضراب ومظاهرات مستمرة في قطاع التعليم بالمغرب (AFP)
تابعنا

أعلنت الحكومة المغربية، الجمعة، زيادات في أجور الموظفين بالقطاع العام ورفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص، بموجب اتفاق جرى التوقيع عليه مساء الخميس بين الحكومة وثلاث نقابات عمالية واتحاد المقاولات، بعد أشهر من المفاوضات.

اتفاق اجتماعي بقيادة وزير الداخلية

قال بيان لرئاسة الحكومة المغربية، الجمعة، إن الاتفاق الثلاثي يرمي إلى "رفع القدرة الشرائية" للمواطنين، و"سيسهم في إرساء قواعد السلم الاجتماعي، وفي تحسين الأوضاع الاجتماعية ببلادنا، وكذا تقوية الاقتصاد الوطني".

وينص الاتفاق على زيادات عامة في أجور موظفي القطاع العام تتراوح بين 400 و500 درهم شهرياً (ما بين 40 و50 دولاراً أمريكياً)، على أن تصرف تدريجياً ابتداء من مايو/أيار المقبل إلى غاية يناير/كانون الثاني 2021، بالإضافة إلى زيادات في التعويضات العائلية، وتحسين شروط الترقيات لبعض فئات الموظفين.

ويرفع الاتفاق الحد الأدنى للأجر بالنسبة للقطاع الخاص بنسبة 10% تنفذ على سنتين ابتداء من يوليو/تموز المقبل. ويبلغ الحد الأدنى للأجر حاليا نحو 1800 درهم شهرياً (نحو 180 دولاراً أمريكياً) في القطاع الفلاحي الخاص، ونحو 2500 درهم شهرياً (نحو 250 دولاراً) في باقي القطاعات.

وجاء هذا الاتفاق بعد أشهر من مفاوضات عرفت باسم "الحوار الاجتماعي" بين الحكومة، والنقابات الأكثر تمثيلية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وهي المفاوضات التي تولى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت مباشرتها منذ مطلع السنة بعد تعثرها لأشهر.

ووافقت ثلاث من أكبر النقابات في المغرب على هذا العرض الحكومي، بينما أعلنت نقابة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل رفضه.

وبعد أشهر من المفاوضات لم يتمكن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني من إنجاز الاتفاق الاجتماعي، والوصول إلى أرضية مشتركة مع النقابات، وهو ما دفعه إلى التخلي عن الملف لصالح وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت.

في هذا الصدد أشار الصحفي المغربي نور الدين إكجان إلى ذهاب "البعض إلى اعتبار الأمر عودة قوية لوزارة الداخلية إلى الواجهة من أجل تدبير ملفات ساخنة، وضرباً لقوة مؤسسة رئاسة الحكومة".

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض عبد الرحيم العلام لـصحيفة هسبريس المغربية، إن تدبير وزارة الداخلية "لأمور الحوار الاجتماعي أمر يثير الاستغراب، خصوصاً أن رئيس الحكومة فرّط في اختصاص من اختصاصاته الأساسية، وهو الإشراف على الحوار مع النقابات".

مراضاة الشارع واستباق عيد العمال

يعود آخر "اتفاق اجتماعي" من هذا النوع إلى أبريل/نيسان 2011، وتَضمَّن زيادات في أجور موظفي القطاع العام، وجرى التوقيع عليه في سياق تظاهرات حركة 20 فبراير، التي حملت مطالبها شعارات "إسقاط الفساد والاستبداد"، و"العدالة الاجتماعية".

وباستثناء الزيادة في الأجور، لم تطبق الحكومة عدداً من بنود اتفاق 2011، وحينما قررت زيادة في الحد الأدنى للأجور سنة 2014، رفضت النقابات العمالية، وظلت تؤكد ضرورة تطبيق كل مقتضيات اتفاق 2011 والتوصل لاتفاق اجتماعي شامل.

وقال الصحفي المغربي عبد الحق بلشكر إن وزير الداخلية كان "يسابق الزمن من أجل إعلان توقيع اتفاق اجتماعي مع النقابات قبل فاتح مايو المقبل عيد العمال العالمي". وهو اليوم الذي يشهد فيه عدد من مدن المغرب مظاهرات عمالية كبيرة تقودها أكبر النقابات.

ويأتي الاتفاق في أجواء اجتماعية مشحونة في المغرب، إذ يتزامن مع إضراب ومظاهرات مستمرة في قطاع التعليم بسبب خلافات حول نظام التعاقد، واستقالات كبيرة في قطاع الصحة الذي يعاني نقصاً كبيراً.

كما أنه يأتي بعد أسابيع قليلة من تأكيد أحكام قضائية كبيرة في حق معتقلي حراك الريف، الأمر الذي خلف غضباً شعبياً، وعدداً من المظاهرات في مدينتي الحسيمة والرباط.

في هذا الصدد، قال الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين النعم ميارة إن "إنهاء الاحتقان والتوتر في البلاد رهين بقدرة الحكومة على تنفيذ بنود الاتفاق على أرض الواقع في القريب العاجل، خصوصاً ما يتعلق بالحريات النقابية والحوارات القطاعية ومأسسة الحوار الاجتماعي".

فيما أشار الصحفي المغربي إسماعيل حمودي إلى أن "الوضع الاجتماعي مأزوم ومرشح للانفجار في أي لحظة"، وأن سلوك السلطة في التعامل معه "متعجرف"، ويسعى إلى "إظهار التماسك والشدة، لأن أي موقف منها يُفهم منه أنها خائفة مما يجري في المحيط الإقليمي، قد يشجع منافسيها، قبل خصومها وأعدائها، على تكرار السيناريو نفسه، أي نقل المعركة معها إلى الشارع".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً